Site icon IMLebanon

هل هو حراكٌ مدني؟!

هي «الفوضى» المتنقّلة، وحتى الساعة لا يعرف اللبنانيون من يُحرّك هذه «الفوضى» ومن يخترع لها عناوينها وأفكارها التي بلغت حدّ أكل «المقادم» و»الفوارغ» في «الزيتونة باي»، ولا رمي النفايات أمام مبنى اللعازاريّة، ولا اقتحام مبنى لوزارة الماليّة لمحادثة «الموظفين» ومطالبتهم بعدم تحويل رواتب النوّاب، ولا قطع الطرقات العشوائي، ولا باختصار كلّ هذا الجنون الذي يحدث، فمن يُحرّك هذه القلّة القليلة، ولا يقولنّ أحد المجتمع المدني لأنّ هذا المجتمع لم يقدر على حشد خمسمائة مواطن عند تنظيمه اعتصام ما في أحسن أحوال، ولا يقنعنا أحد بأنّ هذه اندفاعة شعبيّة تحرّكت في لحظة تراكمت فيها نفايات لبنان، لأنّ الأمر لو كان كذلك لأخذت خطة الوزير أكرم شهيّب طريقها إلى التنفيذ وانتهت هذه «الهستيريا» غير المبرّرة!!

ثمّة أسئلة يحتاج اللبنانيّون إلى إجابات عاجلة عنها، من أخرج «ركام موتى» السياسة إلى الشاشات، وهي أسماء انتهت واشتهرت بعدائها ضدّ الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومعروف من كان يُحرّكها ويُطلقها بالشتائم ضدّه وكيل شتّى أنواع التُّهم له، منذ انطلاقة ورشة إعماره لبيروت، من نفض الغبار عن وجوه يكره اللبنانيون رؤيتها لأنّها تذكّرها بزمن ارتهانهم للمنظمات الفلسطينية وبعدها للوصاية السوريّة؟!

الإجابة عن هذا السؤال، جاءت بالأمس فجّة وصارخة مع قارئة بيان «بدنا نحاسب»، ربما حان الوقت لمحاسبتهم ومساءلتهم، لأنّ أمن اللبنانيين فوق كلّ اعتبار خصوصاً مع الإعلان بالأمس عن إلقاء القبض على من أطلقت عليهم تسمية «المندسّين» ونسبتهم إلى تنظيم «داعش»، هنا علينا أن نتساءل هل هي «داعش» أم «صنّاعها»، الذين يريدون إحراق لبنان وتدمير سوليدير ـ وبالأحرى بيروت ـ على رأس رفيق الحريري حيّاً وميتاً!!

آن لهذه «الجفلة» السياسيّة أن تنتهي، ونحن نتفهّم أن الحكومة «مقبوض» عليها ومقيّدة وفي حال شللٍ بلغ حدّ عدم استطاعة الرئيس تمام سلام أن يدعو لانعقاد جلسة مجلس وزراء، في وقتٍ يجب أن يكون فيه المجلس في حال انعقاد دائم لمواجهة هذه «الفوضى» التي تعمّ شوارع بيروت، خوفاً من تجربة مواقف الحكومات الغربيّة إزاء «الثورات العربيّة» التي وُجهت بعتاوة أمنية لخنقها، وكلّ هذا محسوب ومدروس ومخطّط  له من داخل وخارج لبنان، و»السّاذج» وحده من يظنّ أنّ كلّ هذه العرقلة والكوارث ناجمة عن تعنّت النائب ميشال عون لفرض صهره في مرحلة سابقة قائداً للجيش، وحالياً ترقيته إلى رتبة لواء في محاولة لتأخير تسريحه، أليس من المفارقات أنّ «الخاسر الأكبر» في هذا البازار هو النائب ميشال عون الذي يتعنّت حزب الله في ادّعاء كاذب أنّه مرشّحه الوحيد، ولا نظنّ مصير عون سيكون بأفضل من مصير العميد شامل روكز الذي بدأت إجراءات تسريحه، ودفع ثمناً لا شأن له به، إذ تمّ إحراقه من حزب الله تحديداً، فالحزب أذكى من أن يُسلّم زمام قيادة الجيش ورئاسة الجمهورّة لمن سبق وأدخل لبنان في حرب تحرير وهميّة من النظام السوري، حتى لا يخوض حرب «إلغاء» سلاح «ميليشيا» حزب الله!!

الوضع اللبناني بلغ حدّ الإنفجار، والشعب اللبناني «جبّار» في قدرته على الاستمرار في ظلّ أوضاع سياسيّة وبيئيّة واقتصاديّة واجتماعيّة خانقة، الشعب اللبناني محاصرٌ أكثر من حكومته، ويشعر بخطورة الشغور الرئاسي أكثر من سياسيّيه، ومع هذا يواجه يومياً الواقع المفروض بـ»المقاومة اللبنانيّة» والحقيقيّة ذاتها التي واجه بها كل مؤامرات وتورط العالم العربي والغربي في حربه الأهليّة، هذا هو «الحراك المدني» الحقيقي القادر بصمته وصموده على كسر كلّ حراك سواء أكان حراكاً «مندسّ» أم «مدسوس»!!

حال اللبنانيين اليوم كحال قصيدة الشاعر اليمنيّ ـ المصري «علي أحمد  باكثير» التي تقول: «قـد وَضَحَ الصُّـبحُ لـذي عَـْينَـيْـن/ لـم يبـقَ من شكٍّ ولا من مَـيْن/ أيـنَ الخلاصُ أيـنَ أيـنْ؟ إما نحوزُ الغـايـتيـْن/ أو نخـسرُ الكرامتيْـن/ إما نـكـونُ أبــداً/ أو لا نـكـونُ  أبـداً / غـداً وما أدنى غـداً لو تعلمون/ إما نكونُ ابداً أو لا نكون».