IMLebanon

هل من أعجوبة للتفاهم على قانون الانتخاب واقراره؟!  

على ما يظهر، فإن الأفرقاء اللبنانيين، في غالبيتهم الساحقة، لم يعيروا اهتماماً كافيا لما يجري في المحيط الاقليمي الذي يغلي على نار الأزمات والحروب الداخلية بالنيابة عن الحروب الكونية، فأدار «أهل الحل والربط» الظهر لأولى الموجبات التي تحتم الافراج عن القانون العتيد للانتخابات النيابية وبدا ان لحظات التفاؤل سرعان ما تختفي أمام أمواج الشروط التعجيزية..

يقر الجميع بأن استعصاء قانون الانتخابات، الذي يتطلع اليه اللبنانيون على ان يبصر النور ضمن الأوقات المتبقية والمتاحة، لم يكن إبن الساعة.. والذين يعودون بالذاكرة الى السنوات الثلاث الماضية، ما قبلها وما بعدها، يقفون على جملة وقائع مسجلة بالصوت والصورة والكلمة، تظهر مدى التباينات في المواقف بين العديد من الأفرقاء السياسيين، من هذه المسألة البالغة الأهمية وفي ان يكون للبنان قانون انتخابات «عصري» و»حديث» و»عادل» ينتقل بلبنان من «كونفدرالية الطوائف والمذاهب» الى دولة المواطنة الجامعة والمانعة..

لم تكن تجربة «الشغور الرئاسي»، على ما يبدو، كافية ليدرك الافرقاء المعنيون خطورة ما يمكن ان تؤول اليه أوضاع البلد اذا ما وصلت الأمور في مسألة قانون الانتخاب الى حائط مسدود؟!

من قبل «اعلان وفاة» 8 و14 آذار، ازدحمت المشاريع على طريق ساحة النجمة، وكل فريق يراهن على أنه سيكون «الرابح».. وكانت القناعة عند الرئيس نبيه بري، على ما أعلن ذلك في نيسان 2016، ما قبله وما بعده «اللي ما بيجي معك تعا معو»؟! وأكثر من مرة، قال إنه سيدعو اللجان النيابية المشتركة الى درس مشاريع قوانين الانتخابات، خصوصاً من حيث «الدوائر» و»النظام» للخروج باقتراحين او ثلاثة والذهاب الى مجلس النواب للمفاضلة بينها..

كانت القناعة عند الرئيس بري وآخرين «ان التمسك بقوانين مقفلة رسمت بهدف من يربح على من بين المجموعات والتكتلات المتنافسة «لم يعد في محله على الاطلاق» وقد ردد أمام زواره على الدوام «اللي ما بيجي معك تعا معو». لكن ترجمة ذلك في الواقع لم تحصل.. ومضت سنوات والمسألة تدور في حلقة مفرغة وليس من أدلة كافية تفيد وتؤكد ان المفاوضات وصلت الى نهاياتها وأن المسألة «ستحسم خلال يومين»؟؟

لم يأتِ «تشريع الضرورة» الذي رفعه الرئيس بري بالثمار.. وكان أمامه في مجلس النواب 17 اقتراح ومشروع قانون.. وقد قال وقتها «ان غالبية هذه المشاريع والاقتراحات صيغت بهدف التغلب على الفريق الآخر.. بينما ابتعدنا عن قوانين ترسم للبنان، للانسان، للرجل، للمرأة، لشباب لبنان المستقبل..» وتأسيساً على هذا، وعد بري بأنه سيدعو «اللجان النيابية المشتركة» لاعادة درس كل هذه المشاريع والاقتراحات كما وللجواب على سؤالين اثنين حصرياً هما: ماهية الدوائر، وماهية النظام، نسبي حيث هناك مشاريع واقتراحات تطالب بالنسبية (من دون تحديد) وأخرى تطالب بالابقاء على الأكثري وثالثة تدعو للمختلط بين النسبي والأكثري او «الفردي»؟!

كان الرئيس بري، طرح في «هيئة الحوار الوطني» – التي دعا اليها وحضرها الجميع، باستثناء «القوات اللبنانية» – اقتراح لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى قاعدة النسبية..» وكان يتطلع الى هذا المشروع على أنه خلاص لبنان من كل أزماته الداخلية، كما كان يأمل بأن ينجز هذا المشروع قبل نهاية ايار 2016.. لكن «رياح المصالح ذهبت الى حيث لا تشتهي السفن الوطنية» فارتفعت الحواجز والشروط والاجتهادات التي تفترق في العديد من المفاصل الأساسية. فدعا رئيس المجلس، الى «العمل ليلاً نهاراً للخروج برؤية واحدة، او متقاربة او محصورة باقتراحين او ثلاثة، للذهاب بها الى مجلس النواب والمفاضلة بينها، وليبنى على الشيء مقتضاه.. لكن ذلك لم يبصر النور.. والرئيس بري لايزال عند قناعته ان للمجلس النيابي حق التشريع في جميع الظروف..».

أصر الرئيس بري على أنه لن يدعو المجلس الى جلسة قبل انتهاء قانون الانتخاب في اللجان المشتركة.. وان لم يكن هناك توافق على قانون بنسبة مئة في المئة، فإن هناك مواكبة لقانونين نستطيع ان ندخل بهما الى المجلس ونميز بينهما وقد نوقشا في اللجان المشتركة.. شرط ان يكون هناك مواكبة لتوافق معين.. فعندما يتأمن هذا التوافق، سيكون الحضور النيابي مكثفا والجميع سيصوت على هذا المشروع..؟!

ما آلت اليه الأمور مع مشروع القانون المتداول، القائم على قاعدة النسبية والـ 15 دائرة، وما يرافقه من تعقيدات واشكالات ومواقف صلبة وسلة مطالب وشروط تحت عناوين «اصلاحات» و»ضوابط» و»تطمينات» يتمسك بها «التيار الوطني الحر» الى جانب «الصوت التفضيلي على أساس الطائفة والا يكون القضاء خارج القيد الطائفي يوحي بأن «المراوحة» هي العنوان الأبرز، خصوصاً بعدما ووجهت باعتراضات من الثنائي «أمل» و»حزب لله» ومعهما سائر القوى السياسية والحزبية غير الطائفية، على نحو ما حصل في «الاجتماع الخماسي» في «بيت الوسط» ليل الثلاثاء الماضي..»

من المفارقات المتداولة، ان الجميع وإذ يشددون على ان يكون هذا الاسبوع هو «اسبوع الحسم حكومياً» والرئيس سعد الحريري خارج لبنان، بزيارة خاصة، واللجنة الوزارية لم تجتمع.. والجميع يقر بأن «المفاوضات شاقة ومؤلمة» ويعلنون في المقابل أنهم على غير استعداد لتجرع كأس الفراغ ومجلس النواب في آخر أيامه.. فما العمل؟! وهل تكون هناك أعجوبة تدفع الى ان يكون هناك تفاهم على قانون قبل جلسة مجلس النواب الاثنين المقبل؟!