تحطّمت طائرتان، روسية ومصرية، فوق مصر في غضون 7 أشهر. الأولى كانت جرّاء قنبلة موضوعة داخل الطائرة أدّى انفجارها بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ إلى مقتل 224 راكباً، وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن العمل. أمّا الطائرة المصرية التي تحطمت أمس الأوّل قبالة سواحل مصر فقد قُتل فيها 66 راكباً، ولم تُعرف أسباب تحطّمها بعد ساعات من إقلاعها من مطار «شارل ديغول».
ولمعرفة مزيد من التفاصيل عن الحادث وأسبابه وما هي احتمالات الفرضية الإرهابية أو العطل الفني؟ أكّد المُحلّل العسكري، العميد المتقاعد ريشار داغر، في حديث لـ«الجمهورية»، «عدم وجود أيّ دلائل أو مؤشّر لغاية الآن إلى عمل إرهابي، فوسائل الإعلام الأميركية تحدّثت عن أنّ الأقمار الصناعية لم تكتشف أيّ انفجار خلال مسار الطائرة»، مضيفاً أنّ «الطائرة المصرية أقلعت من مطار «شارل ديغول» والتحطّم حصل بعد أكثر من 4 ساعات على إقلاعها، ما يعني أنها انفجرت قبالة الجزر اليونانية أو في المجال الجوي المصري، ما يُقلّل من فرضية العمل الإرهابي».
وأشار داغر إلى أنّه «إذا كان هناك أيّ عمل إرهابي، فلا مجال لأن ننتظر 4 ساعات ليحصل التفجير الذي كان يمكن أن يحصل بعد دقائق من إقلاع الطائرة مثلما حصل مع الطائرة الروسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ مباشرة»، موضحاً أن «لا إمكانية للتحكّم بمُتفجّرة إذا كانت مزروعة في باريس أو أن يُفجّرها الشخص الذي وضعها بعد 4 ساعات أو بعد 5000 كلم من الإقلاع».
ولفت إلى أنّ «هذا لا ينفي نهائياً فرضية العمل الإرهابي، لكن نحتاج إلى مزيد من الوقت، وكُلّ الهيئات الأمنية والإستخبارية والتقنية والفنية مستنفرة للإجابة عن هذا السؤال»، مُشدّداً على أنّه «لا يرجّح شخصياً فرضية العمل الإرهابي نظراً للظروف والمعطيات التي تحدّثنا عنها».
وتابع: «المعطيات التي في حوزة الفرنسيين أو الروس المتعلقة بتأكيد العمل الأمني وراء تحطّم الطائرة بعد 24 ساعة من حدوثها لا يمكن البناء عليها»، مضيفاً أنّ «الأجهزة الإستخبارية العالمية لم تثبت أنّ هناك انطلاقاً لصاروخ. والسؤال الذي يتبادر الى الذهن: من أين أطلق الصاروخ؟».
واعتبر أنّ «وجود قنبلة يتطلّب إمّا أن يكون لديها جهاز تفجير على التوقيت الذي لا يوضع عادة لـ4 ساعات، ويُبرمج لبعد دقائق، أو يكون هناك تفجير يدوي لاسلكي، غير أنّه يتطلّب أن يكون المُفجّر على مرأى من الطائرة»، لافتاً إلى أنّ «الحالتين لا تنطبقان على ما حصل مع هذه الطائرة».
وأعلن أنّه «لو كان هذا الانفجار حصل بعد إقلاعها من المطار في ظرف 20 أو 25 دقيقة أو في ضمن الفترة الزمنية الممكنة للتفجير أو للتوقيت، كانت فرضية العمل الأمني واردة بشكل عال جداً، لكنّ الطائرة نفّذت رحلة كاملة تقريباً وحصل ما حصل».
وأكّد العميد المتقاعد أنّ «الأرجح أن يكون خطأ بشرياً، والعطل التقني المفاجىء الذي يحصل لا يمكن التحكّم به»، مستدركاً بالقول إنّ «هناك نوعاً من «البازل» وشيئاً غير مفهوم، فحتى الطائرة لم ترسل أيّ إشارة عن عطل أو نداء استغاثة كما قالت غرفة وأجهزة التحكم المصرية والأجهزة المرافقة».
وكشف عن أنّ «الاعتراف بوجود خطأ تقني أو بشري وراء تحطّم الطائرة يضرب صدقية شركة الطيران، ما يجعل العمل الإرهابي نوعاً من المخرج لشركة الطيران ونوعية الطيران».
وقال: «هذه الطائرة هي من نوع «إيرباص». وإنّ الفرنسيين معنيون بصدقية صناعتها، والشركة المصرية معنية بصدقية صيانتها وحسن إدارتها وتشغيلها وما إلى ذلك».
وشدّد داغر على أنّ «العمل الأمني يصبح المخرج الذي يريح الجميع، كأنّهم يقولون للعالم: لا دخل لنا في الموضوع»، مضيفاً: «لفتَ نظري تعليق إحدى المضيفات التي تعمل في شركة الخطوط الجوية «Egypt Air» وتقول في تعليقاتها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس الأوّل:
إنّهم كانوا يشكون دائماً من أعطال في الطائرات، خصوصاً في هذه الطائرة، ونُطالب بإصلاح الطائرة.
لكن لا يمكن التعويل على هذا التعليق بالذات لنَفي فرضية الإرهاب». وأشار إلى أنّ «هذا مؤشّر إضافي إلى مسألة الصيانة التقنية ومدى أهلية الطائرة من الناحية التقنية».
من جهته، عبّر السفير المصري السابق في لبنان، حسين ضرار، لـ«الجمهورية»، عن «حزنه الشديد لحادث تحطّم الطائرة المصرية»، مضيفاً: «أعرب عن تضامني مع أهالي الضحايا المصريين والأجانب».
السيسي
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طلب مساء أمس الأوّل من كُلّ أجهزة الدولة المصرية «تكثيف عمليات البحث» للعثور على حطام طائرة مصر للطيران التي تحطّمت فجراً في البحر المتوسّط قبالة سواحل اليونان».
وبعد معلومات متضاربة في شان نتائج عمليات البحث، أصدرت الرئاسة المصرية بياناً يؤكّد ضمنياً عدم العثور على الحطام.
وبحسب البيان، فإنّ الرئيس المصري «أصدر توجيهات بقيام كُلّ أجهزة الدولة المعنية، بما فيها وزارة الطيران المدني ومركز البحث والإنقاذ التابع للقوات المُسلّحة والقوات البحرية والجوية، بتكثيف عمليات البحث عن الطائرة المصرية واتخاذ كافة التدابير اللازمة للتوصّل إلى حطام الطائرة وانتشالها بالتعاون والتنسيق مع الدول الصديقة».
كما أصدر توجيهات «ببدء عمل لجنة التحقيق، التي شُكّلت من وزارة الطيران، فورياً للوقوف على ملابسات حادث اختفاء الطائرة المصرية والتعرّف الى أسبابه»، وفق البيان.
وكانت «مصر للطيران» أعلنت في وقت سابق مساء الخميس العثور على حطام يرجّح أن يكون للطائرة المنكوبة التي سقطت أثناء قيامها برحلة بين باريس والقاهرة وعلى متنها 66 شخصاً.