IMLebanon

هل بدأ تمويل “داعش” يُقلق الأميركيين؟ تطويق لإمداداته وتراجع حيال “حزب الله”

قد لا يكون لبنان ضمن أولويات السياسة الخارجية الاميركية، إلا أنه لا يغيب عن إهتمام إدارتها في الشأن المالي، خصوصاً عندما يتعلق الموضوع بتعقب التنظيمات الارهابية وقنوات تمويلها.

لا تخفي الادارة الاميركية هواجسها الدائمة من تمكن المنظمات الارهابية من ولوج النظام المالي الاميركي أو نجاحها في تبييض أموالها عبر هذا النظام. وهذا ما يجعل أجهزتها المالية والرقابية في جهوز دائم يضع كل الانظمة المالية المعرضة لمثل هذه العمليات تحت المجهر.

هكذا كانت الحال على مدى أعوام خلت بالنسبة إلى لبنان بعد تعاظم الشكوك الاميركية حيال إحتمال إستعمال القطاع المالي اللبناني ممراً لسوريا وإيران ومنفذاً للتفلت من العقوبات الاميركية والدولية، وذلك عبر “حزب الله” وشبكاته الناشطة محلياً وفي الخارج.

لكن الزيارة الاخيرة لمساعد وزير الخزانة الاميركي لشؤون تمويل الارهاب دانيال غلايزر لبيروت، بددت بعضاً من هذا الانطباع، بعدما تبين أن الهواجس الاميركية وجدت لها مكاناً آخر غير “حزب الله”، ينحو في إتجاه التنظيم الاسلامي “داعش”.

وهذا ما بدا واضحاً في البيان المقتضب الذي أصدرته السفارة الاميركية في بيروت عقب جولة غلايزر، وكشفت فيه ان المسؤول الاميركي “شجع السلطات اللبنانية والمؤسسات المالية على مواصلة العمل لمكافحة خطر عمليات التمويل غير المشروع ومنع محاولات التهرب من العقوبات المالية – بخاصة من سوريا وايران – المفروضة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، كما بحث في موضوع تمويل داعش وجهود الولايات المتحدة والمساعي الدولية لمكافحة شبكاتها المالية”.

قد لا تجد بعض الاوساط الإقتصادية جديداً في زيارة غلايزر، لكونها زيارة تقليدية يقوم بها دورياً للمنطقة، ولبنان من ضمنها. كما أنها ليست مخصصة لبيروت بل تزامنت مع توجه المسؤول الاميركي الى روما بعد بضعة ايام للمشاركة في مؤتمر يتعلق بالبحث في مصادر تمويل التنظيمات الارهابية وسبل تجفيفها. لكن لمسؤولين رسميين ومصرفيين ممن إلتقاهم غلايزر قراءة مختلفة. إذ لمس هؤلاء أن موضوع تمويل “داعش” طغى على إهتمامه وأسئلته. ولم يفت الرجل واجب تذكير اللبنانيين، رسميين ومصرفيين، بأن لبنان ومصارفه تحت المجهر، مع كل التقدم الذي حققه القطاع في هذا المجال والتقيد اللافت في تطبيق المعايير والتعاميم الدولية. كما لم يفته التذكير بأن لا تساهل في شأن تطبيق العقوبات على كل من سوريا وإيران، وأن على لبنان التنبه والحذر من إستعماله منفذاً للتهرب منها.

وقد جدد التأكيد ان زيارته لا تستهدف المصارف اللبنانية من باب إلتزامها الكامل القوانين والانظمة الدولية ولا سيما قانون “فاتكا”، وتقيدها التام بالعمل على مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.

ولكن ماذا عن “حزب الله”؟

لم يجد المسؤول الاميركي في معرض رده على هذا السؤال، داعياً للتوقف عند الموضوع كثيراً من باب ان القرارات الدولية في شأن الحزب سارية ونافذة ولبنان يطبقها بشكل تام، وبالتالي لا حاجة إلى التوسع في الامر.

لم يقنع جواب المسؤول الاميركي سامعيه بل لمس هؤلاء تراجعاً في النبرة الاميركية حيال الحزب، قابلتها نبرة عالية ومتشددة حيال، “داعش”، تعكس مخاوف أميركية جدية من تمدد التنظيم المالي وقدرته على تأمين موارد ضخمة تساعده على التحرك والتوسع.

أبرز الاسئلة تركزت على التنظيم: كيف يتحرك وكيف يموّل عناصره وبأي آليات وأدوات مالية وبأي تقنيات مصرفية؟

أجمعت المصارف على تأكيد نفيها لأي علم بالآليات “الداعشية” المتبعة، منطلقة من أن لبنان لا يشكل بيئة حاضنة للتنظيم الارهابي، وأن لا مناطق لبنانية خاضعة لنفوذه بالكامل تتيح له هامش تحرك مالي ومصرفي واسع.

لكن المصارف لم تخف إقتناعها بأن “داعش” لا يحتاج إلى لبنان كبيئة مصرفية حاضنة، إنطلاقا من أن إعتماده الاساسي يقوم على البترول وعلى التعاملات النقدية، وأن على الادارة الاميركية المهتمة بهذا الموضوع تجفيف منابع التمويل في الدول التي تقوم بهذه المهمة، ولا سيما تركيا والعراق، حيث تجري تبادلات النفط نقداً، قبل البحث في التحويلات المالية عبر الانظمة المصرفية، أقله بالنسبة الى لبنان.