الحريري بعد الاستقلال بات متحرّراً من ضغط المواعيد وكان يأمل أكتمال الصورة
هل من مصلحة لأحد أن يكون العهد الجديد من دون حكومة؟
كان من المفترض أن يكون موعد عيد الاستقلال اليوم مناسبة لاكتمال صورة مؤسسات الدولة بولادة حكومة وحدة وطنية تواكب العهد الجديد في انطلاقته الاولى، وتكون له رافعة لنجاحه، ولكن يبدو إن الحسابات السياسية لدى البعض عطلت هذه الصورة، ومن المتوقع أن تتأخر معها عجلة انطلاقة الدولة من جديد.
مصادر سياسية متابعة لملف تشكيل الحكومة أكدت لـ«اللواء» بأن الامور ليست سهلة لأن هناك من يعتقد ان الحكومة هي لتصفية حسابات، وأعلنت ان إرادة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وإرادة الرئيس المكلف سعد الحريري تؤكدان على ضرورة ايجاد حل سريع لموضوع تشكيل الحكومة، متوقعة أن ينجحا في ذلك في أقرب وقت.
ولكن المصادر نفسها تتخوف من أن يمر عيد الاستقلال وتزداد معه أزمة التشكيل، وتلفت الى أنه اذا كان المطلوب حكومة ثلاثينية لتمثيل القوى السياسية فلتكن، فلا شيء يمنع من ذلك فالمهم أن تتشكل هذه الحكومة من ثلاثين أو من اربعة وعشرين، وتشير إلى أن الرئيس المكلف هو من عاد واقترح أن تكون الحكومة من 24 وزيرا بعد أن فتحت شهية المستوزرين.
ولفتت المصادر إلى أن لا عرقلة سياسية من قبل الرئاسة الاولى التي تهدف الى تطبيق خطاب القسم ومعاملة جميع الافرقاء السياسيين بالتساوي، وترمي هذه المصادر الكرة بملعب رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي هو مَن بدأ باستدراج الخلافات حتى وصلت الى ما وصلت اليه.
المصادر لا تبدي تخوفا من إمكانية تأجيل الانتخابات النيابية في حال تأخر تشكيل الحكومة إذا كانت هناك نيات صادقة لاحترام المواعيد الدستورية.
أما مصادر نيابية من كتلة «المستقبل» فتؤكد لـ«اللواء» بأن الرئيس المكلف سعد الحريري بذل أقصى ما يمكن من جهود لولادة الحكومة قبل عيد الاستقلال، رغم أن لا مواعيد محددة تلزم عادة الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، ولكن أمنيته كانت أن يكون موعد عيد الاستقلال عيدا مضاعفا بولادة حكومة العهد الأولى، ولكن للاسف فإن كثرة المطالب والخلافات السياسية كانت كفيلة لعرقلة عملية التأليف الحكومة وعدم تحقيق أمنية الحريري.
ولفتت المصادر الى أن «المولدات» التي كانت تعمل بأقصى طاقاتها ومنذ تكليف الحريري خفتت اندفاعتها في نهاية الاسبوع الماضي، بسبب التصعيد السياسي الحاصل بين عدد من الافرقاء السياسيين.
وترى المصادر أن خلاف عون – بري ليس وليد المرحلة الراهنة، فالقضية ليست قضية «رمانة بل قلوب مليانة»، حيث أنه يبدو أن الرئيس بري لن ينسى ما فعله وزير الخارجية جبران باسيل من قلبه لطاولة الحوار وإفشال رئيس المجلس وإصدار المواقف التصعيدية في وجهه والتي تطورت لتصبح أكبر من خلاف سياسي بين الرجلين.
ولكن تتساءل المصادر قائلة هل من مصلحة لأحد أن يكون العهد الجديد من دون حكومة؟
وترد هذه المصادر بالقول، الجميع متأكد بأنه لا يمكن أن تسير شؤون البلاد بحكم رئيس جمهورية لوحده خصوصا بعد شلل مصالح الدولة والناس لأكثر من سنتين ونصف من جراء الشغور الرئاسي، وتعتبر المصادر أن ليس ملء الفراغ وحده الحل ولا تسليم أوراق اعتماد السفراء واستقبال الوفود الدولية الداعمة للبنان والاحتفالات هي التي ستنقذ لبنان، فكما أن لا معنى لجسد من دون رأس كذلك فإنه لا يمكن لرأس أن يعمل من دون جسد، لأن السلطة التنفيذية هي الاساس في تحريك كل أمور الدولة.
وتشدد المصادر على أن المشكلة في التأليف ليست عند الرئيس المكلف الذي هو أكثر المسهلين لولادة الحكومة، وهو كان يأمل أن يتشارك الجميع في تسهيل عملية الولادة والتطلع الى لبنان ومصالحه قبل أي مصلحة أخرى، وتشير المصادر الى أن بال الرئيس الحريري سيكون طويلا وسيستمر ببذل جهوده من أجل تقريب وجهات النظر بين جميع الافرقاء السياسيين لنجاح تأليف الحكومة.
ورغم أن المصادر تُذكر بالمدة التي استغرقتها ولادة الحكومات السابقة تأمل أن تصدر مراسيم التشكيلة في أسرع وقت، وتعتبر أن ذلك قد يكون لمصلحة تأليف حكومة بشكل متأنٍ وغير متسرّع لأنه بعد مرور موعد عيد الاستقلال لم يعد أحد محشور بوقت محدد خصوصا ان الامور لا تزال تحتاج الى مزيد من المشاورات والاتصالات، ولكنها تعتبر أن العقد الموجودة حاليا عادية وليست عقد مستعصية. في المقابل تتمنى المصادر أن لا يشكل هذا الأمر مماطلة لدى البعض وزيادة في المطالب.
مصادر أخرى تشير الى أن الرئيس بري لا يزال متمسكا بمطالبته بأن يتمثل تيار «المردة» بوزارة وازنة، ولكن المشكلة كما اصبح معروفا هي بالنسبة للحقائب التي يطالب بها «المردة» وهو غير متمسك بحقيبة معينة، ولكن يطالب بإحدى الحقائب: الاتصالات، الطاقة والاشغال، ويعتبر التيار ان هذا الأمر من حقه الطبيعي، والعقدة ليست عنده بل عند من يرفض إعطائه حقه الطبيعي.