تحجب عطلة الاعياد رؤية مشهد مبادرة انتخاب سليمان فرنجية رئيساً بشكل موقت، لكن المؤيدين والمعارضين لها يتفقون على جديتها وحضورها حتى الآن بغضّ النظر عن فرص نجاحها وفشلها.

ومما لا شك فيه ان هناك حاجة لتعزيز وتوسيع مساحة الجهود والمساعي من اجل الدفع باتجاه السير في هذه المبادرة مع مطلع العام الجديد، لكن النتائج غير مضمونة، الامر الذي يجعل فرص نجاحها تعادل تقريباً فرص سقوطها.

ويبدو أن الفريق المعارض يراهن على عناصر عديدة سعياً الى طي صفحة انتخاب فرنجية، ويشعر انه استطاع حتى الآن فرملة المبادرة والتخفيف من زخمها، لا بل والتشكيك في امكانية تنفيذها.

ولعل ابرز العناصر التي يعوّل عليها لتحقيق اهدافه هو عامل الوقت، الذي يرى انه يؤدي دوراً سلبياً ضد المبادرة، خصوصاً ان التطورات والتفاعلات الداخلية لم ترتق حتى الآن الى مستوى اتخاذ القرار او الحسم في مسار ومصير الاستحقاق الرئاسي رغم طول مدّة الانتظار.

ويعتمد المعارضون ايضاً في معركتهم على سياسة «الدفاع السلبي»، مفضلين عدم استخدام كامل «ذخيرتهم» في المرحلة الاولى، خصوصاً ان المؤيدين او المتحمسين للمبادرة من هذا الفريق او ذاك لم يترجموا حماسهم الى توفير المساندة والشروط الممكنة لتحقيقها.

لكن ثمّة اشارات تظهر ان هناك بعض التفكك او التصدّع بدأ يصيب «جبهة المعارضة» المسيحية، خصوصاً في ضوء التحركات والاتصالات المعلنة وغير المعلنة للسفير السعودي في لبنان.

كما أن اطلالة فرنجية التلفزيونية أدت دوراً ايجابياً في تأكيد حضور المبادرة لانتخابه، لا سيما من خلال ظهورها كرجل حواري ووفاقي رغم انتمائه الى احد فريقي النزاع السياسي في لبنان.

وتقول مصادر سياسية ان اللقاءات التي اجراها السفير السعودي العسيري ومفاعيل هذه الاطلالة كلها ساهمت في تعديل موقف حزب الكتائب بشكل صريح لمصلحة المبادرة، لا بل اظهرت ملامح ليونة في موقف رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع في الآونة الاخير يمكن ان يعوّل عليها في تضييق مساحة المعارضة المسيحية لها.

لكن المصادر نفسها ترى ان «بيت القصيد» في قراءة مسار ومصير المبادرة يكمن في موقف العماد عون الذي ما زال يقفل كل الابواب في وجه البحث فيها، متمسكاً بترشيح نفسه كخيار أول ووحيد حتى اشعار آخر.

وينقل عن اوساط التيار العوني ان هذا الموقف غير قابل للتعديل، وهو ليس مبنيّا على الرغبة في التفرد بالترشح او الاستئثار بالرئاسة، بقدر ما هو انعكاس وترجمة لحجم تمثيل «الجنرال» من جهة وتحقيق للتوازن والمشاركة الحقيقيين.

وحول اسلوب المعارضة «غير الصاخبة» التي يعتمدها عون في وجه المبادرة، تقول الأوساط ان ليس هناك حاجة لاعتماد أسلوب آخر، لا بل ان قراءة التطورات والمواقف منذ اطلاق المبادرة وحتى الان يعزز الاعتقاد بأن لا حاجة لسلوك او لرفع وتيرة المعارضة، مع العلم ان العماد عون يملك عناصر اضافية في معركته هذه.

وفي المقابل يقول مصدر بارز ان هناك تراخياً واضحاً يظهر عند اصحاب او المؤيدين للمبادرة ملاحظا ان هذا الاداء شجع البعض المحسوبين عليهم على المساهمة في اضفاء هذا الجو من التشكيك والاهتزاز. ولعل ابرز مثل على ذلك تصريح النائب احمد فتفت بعد لقائه الدكتور جعجع في معراب الذي يمكن وصفه بأنه كلام صريح لا يصب في مصلحة انتخاب فرنجية.

وفي رأي المصدر ان مثل هذه المواقف باتت تفرض اكثر على الرئيس الحريري المبادرة الى تبديد الاجواء التي تتركها من خلال اعلان مباشر وصريح لترشيح فرنجيه كخطوة ثانية الى الامام فهل يفعها ومتى؟