Site icon IMLebanon

هل آن أوان انتخاب الرئيس؟

يردّد رئيسُ مجلس النواب نبيه بري عند حصول أيّ تظاهر أو حركة احتجاج مطلَبية أو سياسية في الشارع قائلاً: «لو لم تكن هناك طائفية في لبنان لكانت حصلت ثورة فيه منذ زمن بعيد».

هذا الكلام يكرّره برّي هذه الأيام أمام زواره فيما هو يتابع ما حصل من تظاهر واعتصام واحتجاج في وسط بيروت، إذ إنه يؤكد أنّ هذا الامر طبيعيّ لأنه بعد تعطيل عمل مجلس النواب الذي أعطاه الشعب وكالته للدفاع عن قضاياه من الطبيعي، أن يستعيدَ هذه الوكالة وينزل الى الشارع للدفاع عن قضاياه، وهذا من حقه. وعلى هذا الأساس يعتبر برّي ما يحصل بأنه «حركة مشروعة».

ويقول سياسيون إنّ الحراكَ الجاري إذا ثبت أنه عفوي وتلقائي ولا تقف خلفه أيّ جهة سياسية داخلية أو خارجية، فإنه إذا استمرّ سينقل لبنانَ الى مرحلةٍ جديدة يتجاوز فيها ما يعتريه من توترٍ وتشنّج طائفي أو مذهبي، وكذلك ما يعانيه من إنقسامٍ سياسيّ، وسيفرض في لحظة ما على الجميع في 8 و14 آذار وما بينهما انتخاب رئيس جمهورية جديد لن يكون إلّا توافقياً في هذه الحال.

ولا يخفى على أحد أنّ الجميع يخشون فعلاً من أنّ هذا الحراك إذا إستمرّ سيؤدّي الى استقالة الحكومة، أو على الأقل الى اعتكافِ رئيسها تمام سلام، الذي كان كلامُه الأخير أمس الأول المتضامن مع اللبنانيين وما طرحه المتظاهرون حمّالَ وجوهٍ منها أنه قد يستقيل أو قد يعتكف أو يذهب الى اتخاذِ قراراتٍ في مجلس الوزراء بطريقة التصويت أيّاً كان موقفُ الفريق المعترض.

وتساور بعضُ الأوساط السياسية شكوك في وجود إرادةٍ خارجية ما متلاقية مع بعض الإرادات الداخلية على إستعجال إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت لأنّ الأفق الإقليمي والدَولي لا يشير الى أنّ الحلول المُرتجاة للأزمات الإقليمية الماثلة قريبة، فضلاً عن أنّ الازمة اللبنانية ليست أولوية لدى المعنيين.

ولذا قد يكون الهدفُ من الاحتجاج والتظاهر إذا تصاعد وإشتدّ في وسط بيروت دَفْع سلام الى الاستقالة ليصبح عندها جميع الأفرقاء السياسيين الذين استحال توافقهم حتى الآن على الرئيس العتيد، مجبَرين تحت وطأة الفراغ على أن ينزلوا بنوابهم وكتلهم الى مجلس النواب لإنتخاب رئيس جمهورية جديد توافقي.

ذلك أنّ استقالة الحكومة إذا حصلت ستحوّلها حكومة تصريف أعمال، ولكن لا يمكن المباشرة في تأليف حكومة جديدة إلّا بإنتخاب رئيس الجمهورية الذي له الصلاحية الأولى في هذا المجال بحيث يبادر بعد انتخابه الى إجراء الاستشارات النيابية الملزِمة لتسمية الشخصية السياسية التي يكلّفها تأليفَ الحكومة.

ولكنّ بعض السياسيين يرون أنّ من المبكر توقع حصول مثل هذا التطوّر الذي سيكون موقفُ سلام مؤشراً اليه إذا لم ينتظم قريباً انعقادُ جلسات مجلس الوزراء وآلية اتخاذ القرارات فيها في ظلّ الشغور الرئاسي وممارسة المجلس صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة. فضلاً عن أنّ مصير الحراك الجاري سيكون مؤشراً آخر على ما يمكن أن يؤول اليه الاستحقاقُ الرئاسي.

على أنّ سياسيين آخرين يرون أنّ الحراك الجاري قد أعاد فتحَ ملف الفساد المستشري في البلاد، وذلك بغضّ النظر عن المظاهر العُنفية التي رافقته سواءٌ من جانب القوى الأمنية أو من جانب بعض المتظاهرين، أو مَن سُميوا «مندسّين».

فهذا الحراك عكس وجودَ شريحة من اللبنانيين عابرة للطائفية وتعاني وتتألم وتشعر بالغبن وبالخوف على المستقبل في ظلّ النظام السياسي القائم، وتدفع ثمنَ النزاع المرير بين القوى السياسية المتنابذة والمتناحرة والمتخاصمة، كذلك تشعر بالغبن والاستهتار في ظلّ الطبقة السياسية الحاكمة والمستأثرة بالوظائف والتوظيف في مختلف الوزارات والإدارات العامة.

وكاد المُحتَجون أن ينسوا أزمة النفايات التي كانت الدافع لهم للنزول الى الشارع، الى درجة أنهم نسوا «رائحة» النفايات التي تزكم الأُنوف في بعض الأحياء والشوارع والمناطق، وكذلك «رائحة» الذين تسبّبوا بها وسمّوا حملتهم عليهم «طلعت ريحتكن».

في أيّ حال فإنّ التطوّرات المرتقَبة في قابل الأيام والأسابيع ستكون المؤشر عما إذا كان موعدُ انتخاب الرئيس الجديد قد حان أم لا، وربما تكون مؤشراً الى مستقبل الأوضاع في لبنان والمنطقة عموماً.