IMLebanon

هل آن أوان التفاوض مع الروس حول سوريا؟

تجرى محاولات خليجية، ومن جانب الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا مع روسيا للدخول في العملية السياسية ووقف تدخلها العسكري في سوريا. وتحضّ هذه المحاولات روسيا على أن تكون جدّية في الضغط على النظام السوري للقبول بالحل لإنهاء القتل والإرهاب والتطرّف، ما دام الرئيس فلاديمير بوتين يعتبر أنّ القصف وحده لا يكفي، إنّما يجب الدخول في عملية سياسية.

مصادر ديبلوماسية تؤكد أنّ جدّية التفاوض الذي يتم السعي إليه، للحل، يتوقف على الأداء الروسي. موسكو التي يجب أن تضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للقبول بالحل المطروح لناحية بقائه من دون صلاحيات في المرحلة الانتقالية. لأنّ ترك الأمور له، قد يجعله يرفض هذا الطرح لأنّه يريد البقاء في المرحلتين الانتقالية ومستقبل سوريا.

وروسيا أيضاً يفترض أن تكون قلقة من استمرار التدخّل في سوريا وكلفته، فهي لديها مشكلة انخفاض العملة، وأزمة اوكرانيا التي أثرت عليها اقتصادياً. وبالتالي هناك مجال للدخول في حل جدّي. وكل ذلك يتزامن مع تعب إيراني بالتوازي اقتصادياً ومالياً، لأنّه حتى لو استعادت إيران أموالها المجمّدة في الخارج، فإنّ وضعها سيئ جداً، وهي تحتاج إلى هذه الأموال داخلياً وليس أن تعمد إلى صرفها على النفوذ الخارجي.

المنشآت النفطية والاقتصادية الإيرانية قديمة العهد، ولم يتم تجديدها منذ السبعينيات من القرن الماضي. ولذا لديها تأخّر قوي، ويلزمها التمويل لتستمر ولكي تتطوّر لتصبح في مستوى المنشآت الخليجية مثلاً.. إيران، بالطبع لن تسمح بأن يتدخّل الغرب معها، لنصحها أين تصرف أموالها، لكن الغرب، أبلغها مراراً أنه إذا أرادت أن يكون لها مقعد بين دول المجتمع الدولي، فإنّ عليها أن تكون أكثر إيجابية في مواقفها. أي أن تمتنع عن تغذية الميليشيات الإرهابية في المنطقة، وعن ضرب الاستقرار والمؤسسات في دول المنطقة، وإذا دخلت إيران في عملية تفاوض جدّي، فالغرب مستعد لأن يعترف لها بدورها وبحصتها في الحلول شرط مساهمتها الإيجابية في حل النزاعات.

الشعب الإيراني دعم الاتفاق النووي، لأنّه يحتاج إلى تطوير بلاده. وبالتالي، لا يمكن لإيران أن تنفق كل الأموال التي سيفرج عنها على الميليشيات. وأغلب التقديرات الديبلوماسية أنّ أموالها هذه لن يكون لها تأثير حاسم على الميليشيات المحسوبة عليها.

الاتفاق النووي جيّد، إذا جاءت انعكاساته، على سبيل خلق دينامية تؤدّي إلى تفاوض جدّي وحلول. لكن المهم أن لا تحصل ردود فعل أخرى تناقض ذلك.

القيادة الإيرانية عليها أن تتخذ القرار. ذلك أنّ الرئيس حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف لا يملكان تفويضاً في المسألة السورية أو في أية مسألة تابعة لملفات المنطقة، ولا صلاحية لديهما للربط والحل إلاّ في الملف النووي.

في خضم ذلك، الخليج سيكون على طاولة أي تفاوض إن كان حول سوريا أو أي ملف آخر في المنطقة، طبعاً إلى جانب الغرب وإيران. وإذا رفضت أي دولة خليجية الجلوس إلى هذه الطاولة مع إيران، فإنّ التفاوض لا يمكن أن يتم. إيران الآن لا تتفاوض حول المنطقة، لديها مبادرة حول سوريا لم تعلن تفاصيلها بعد.

وجود الروس على الأرض في سوريا وتعزيز هذا الوجود يفرض أن يكون التفاوض معهم، لا سيما وأنّ إيران و«حزب الله» لم يستطيعا دعم النظام كما كانا يتوقعان. والخليج لن يعمد إلى اتباع أسلوب تعاطيه مع سوريا كما تعامل مع موضوع اليمن خلال الأشهر الماضية. ولا يظهر أنّ الروس جاؤوا إلى سوريا للقيام بحرب دائمة خصوصاً وأنّها تأخذ أبعاداً دينية، بل للدخول في مفاوضات. فإمّا أن يصار إلى حل فعلي وتحصل تنازلات من الطرفين أو تكمل الحرب السورية. التفاوض الجدّي هو الأساس. في الزبداني حصلت هدنة، ولو استطاع الحزب وإيران أن يربحا لما كانا لجآ إلى الهدنة. لا يمكن لروسيا أن تبقي تمويلها قائماً في سوريا، تماماً كما إيران، فالاثنتان تعانيان اقتصادياً في الداخل. إنّما سوريا لن تعود مثلما كانت، هناك توازن قوي جديد. والأنظار متّجهة إلى إمكان وجود مؤشرات حلحلة، لكنها حتى الآن لا تبدو قريبة.

وجد الروس أنّه على الرغم من الدعم الإيراني للنظام، فإنّه كان بدأ يتهاوى، وأنّ هناك ضغطاً على دمشق نفسها وعلى المناطق العلوية. وبما أنّ مصالح الروس الاستراتيجية في سوريا، قرروا وفق مصادر قريبة من موسكو، رفع مستوى التدخّل، لكنهم يدركون أنّ الأسد لن يعود كما كان. وهم تدخّلوا على أساس أنّهم سيدافعون عن مصالحهم ولن يسمحوا بليبيا جديدة. والتنسيق الغربي مع روسيا مستمر. الحلول الكبرى تحتاج إلى وقت، لكن الهدف من التنسيق مع روسيا هو رسم حل مع اللاعب الأمامي وهو الروس. هناك مرحلة جديدة من التنسيق مع روسيا، التي تعتبر نفسها مفتاح الحل في سوريا.