بعد يومين يدخل لبنان في مهلة توقيع اتفاقية التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية «غاتكا»، في حين تستبعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان يلتزم لبنان بالتوقيع بسبب الصعوبات التي يواجهها وعدم تجهيزه قانوناً يرعى تطبيق نظام «غاتكا» بطريقة لا تتعارض وقانون السرية المصرفية.
في ظلّ الأزمة الحكومية والتعطيل السياسي لعمل الحكومة وانسداد الافق لأية حلول ايجابية في ما يتعلّق بعودة عمل المؤسسات الدستورية، يجد لبنان نفسه مقبلا على إلتزامات دولية جديدة في شهر أيلول قد تعيد إدراجه مجدداً على اللائحة السوداء لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD في حال تجاهلها، حيث سيكون عليه التماثل مع وضع ضريبي عالمي جديد عبر توقيع الإتفاق المتعدد الأطراف للمساعدة المتبادلة في المجال الضريبي (غاتكا) في أيلول 2016، لأن البدء في تطبيق هذا النظام الدولي في أيلول 2018 سيشمل السنة السابقة.
شرحت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية» ان لبنان التزم توقيع اتفاقية «غاتكا» لكنه لم يوقّع عليها بعد، وما زالت أمامه تحدّيات قانونية. وكشفت ان التقرير الاخير للأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD أنجيل جوريا والذي اعلن عنه خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في الصين، اشار الى ان لبنان بين الدول التي سيصعب عليها الانتقال الى المرحلة الثانية من نظام «غاتكا»، اي التوقيع على الاتفاقية خلال المهلة المحددة.
ولفتت المصادر الى ان تقرير منظمة التعاون اتّسم بالسلبيّة تجاه لبنان التي أكدت المصادر المصرفية انه يعاني من مشاكل قانونية، وان هناك مشاريع قوانين يجب ان تُبتّ في مجلس الوزراء ومجلس النواب لكي يتم التوقيع على الاتفاقية، «وهذه المشاكل تتعلّق بالسرية المصرفية وغيرها».
وبموجب انضمامه إلى المنتدى العالمي (Global Forum) المسمى «غاتكا» وبدء سريان نظام تبادل المعلومات بين الدول، سيجد المقيم في لبنان أنّ معلوماته الماليّة العائدة إلى ودائعه وحساباته في الخارج قد أصبحت لدى الدولة اللبنانيّة التي يمكنها ان تحاسبه ضريبياً بصورة رجعية على أي تخلّف عن تسديد الضريبة المتوجبة عليه على عائدات محققة خارج لبنان على رساميله المنقولة.
كما ان السريّة المصرفيّة بموجب النظام الجديد، سترفع عن الحسابات المصرفية لغير المقيمين في لبنان وسيتم ارسال معلوماتهم المالية الى الدول التابعة لجنسياتهم.
واوضح مرجع مصرفي في هذا الاطار، ان أي شخص أو مؤسسة أجنبيّة تملك حساباً مصرفياً في لبنان، ستكون خاضعة لنظام «غاتكا» وتحت سقف القانون الضريبي، حيث سيقوم المصرف اللبناني بإرسال المعلومات المالية التابعة للعميل او المؤسسة الاجنبية الى وزارة المالية اللبنانية التي بدورها ستقوم بارسالها الى وزارة المالية الفرنسية. أما فرض الضرائب فهو موضوع آخر يتعلّق بالنظام الضريبي لكلّ دولة.
على سبيل المثال، لا يفرض النظام الضريبي في لبنان، ضرائب على أرباح حسابات اللبنانيين في الخارج، «وهذه إحدى المشاكل القانونية التي يجب معالجتها».
أما بالنسبة الى احتساب الضريبة، فهذا الامر يتعلّق بوجود اتفاقيات مسبقة بين لبنان والدول الخاضعة لنظام «غاتكا».
في الختام، أشارت المصادر الى ان لبنان لا يملك قانوناً يرعى اتفاقية «غاتكا» التي ستتعارض مع قانون السرية المصرفية في حال لم يوافق العميل على رفع السرية المصرفية، لذلك «نحتاج الى تشريعات من مجلس النواب ومراسيم تطبيقية لها من مجلس الوزراء من أجل صياغة قانون يمكّننا من تطبيق نظام «غاتكا» الذي سبق والتزمنا تطبيقه».
اما بالنسبة الى الحسابات المصرفية لغير المقيمين في لبنان فان عددها لا بأس به، خصوصا انه يوجد في لبنان عدد كبير من اللبنانيين الذي يحملون جنسيات أوروبية أكثر من الاميركية، خصوصا الجنسية الفرنسية، لذلك فان استحقاق «غاتكا» سيكون ذات أثر اكبر من استحقاق «فاتكا». وبالتالي أي شخص لبناني يحمل جنسية أوروبية سيكون تحت سقف القانون ولم يعد في امكانه التهرّب من دفع الضرائب.