Site icon IMLebanon

هل يخسر لبنان مظلته الحامية؟

أكثر من سؤال يجري تداوله في الأوساط الديبلوماسية حول التصعيد السعودي المفاجئ وغير المسبوق تجاه لبنان، وذلك لجهة ما إذا كان هذا التصعيد مقدّمة لابتعاد المملكة العربية السعودية عن الساحة اللبنانية، أو عما إذا كان يهدف إلى الدخول في صراع مفتوح مع إيران من خلال الضغط الخليجي الكامل على مجمل المشهد اللبناني. وفي الوقت الذي تؤكد فيه أوساط ديبلوماسية قريبة من الرياض، بأن التصعيد السعودي ليس قراراً حاسماً بالإفتراق عن لبنان والإبتعاد عنه، أو حتى الإنسحاب من الساحة اللبنانية، فإن مصادر سياسية مطّلعة، اعتبرت أن ما حصل من خطوات سعودية أولاً وخليجية ثانياً، يندرج في سياق الخطة المعدّة مسبقاً، والتي بدأت تسلك طريقها إلى التنفيذ بعدما وصل الإستحقاق الرئاسي مجدّداً إلى المأزق رغم كل المبادرات التي قامت بها قيادات 14 آذار، عندما رشّحت شخصيات قيادية في 8 آذار إلى رئاسة الجمهورية، ومن دون أن يؤدي هذا «التنازل» إلى تسريع الإنتخابات الرئاسية، بل على العكس، ارتفع سقف الخطاب السياسي لفريق 8 آذار، وبات فريق 14 آذار هو نفسه في مأزق نتيجة وصوله إلى الحائط المسدود في أكثر من عنوان رفعه وعجز عن ترجمته بالشكل المطلوب. وقالت المصادر، أن فريق 8 آذار تمكّن من تجاوز الإستحقاق الداخلي، وبات يمسك بكل أوراق الإستحقاق الرئاسي إلى جانب الأوراق الأخرى التي يمتلكها بحكم الأمر الواقع، نتيجة أكثر من عنصر وعامل داخلي وخارجي.

ومن هنا، فإن الخطوة السعودية التي بدأت تتدحرج ككرة الثلج، لن تكون صغيرة أو محدودة من حيث التداعيات في المستقبل، كما أن أي إجراء داخلي، بصرف النظر عن طبيعته، سيكون كافياً للحدّ من تنامي هذه الكرة وتدحرجها باتجاه المشهد اللبناني المهزوز أصلاً، وغير المستعد لمواجهة أي امتحان مهما كان نوعه، سواء كان مالياً أم اقتصادياً أم سياسياً أم أمنياً. وأكدت المصادر، أن مصير الإستحقاق الرئاسي قد تراجع من حيث الأولوية بعد تطوّرات الساعات أل48 الأخيرة، خاصة أن الساحة اللبنانية تبدو اليوم وكأنها متروكة أمام المواجهة التي تخوضها على كل الأصعدة والمستويات، وذلك في الوقت الذي يتّجه فيه المجتمع الدولي إلى التركيز على تحقيق وقف حقيقي وثابت لإطلاق النار في سوريا. وكشفت أنه خلال الوقت الضائع لإنجاز ترتيبات الهدنة في سوريا، فإن الساحة اللبنانية تتّجه إلى الإهـتزاز حيث يؤشّر الواقـع المحتقن على حدة المواجهة المرتقبة بين 8 و 14 آذار، وذلك في ضوء المواجهة السعودية ـ الإيرانية المفتوحة في كل ساحات المنطقة.

وخلصت المصادر نفسها، إلى أن الحكومة اللبنانية مجتمعة، وليس فريق 14 أو 8 آذار فقط، قد دخلت في نفق مظلم، اذ انها أثبتت في بيانها الأخير استحالة انسجامها مع المتطلبات السعودية، وذلك حتى من الناحية الكلامية، فبات السؤال يطرح بشكل جدي حول مصير هذه الحكومة فيما لو كرّت سبحة الإستقالات في المرحلة المقبلة، وذلك مع استمرار التصعيد الخليجي ووصول الجميع إلى الإشتباك على حافة الهاوية من دون الأخذ بالإعتبار أي محظورات داخلية، أو حتى التنبّه إلى تفصيل مهم بات مؤثّراً في المشهد اللبناني، وهو انعكاس الإشتباك الإقليمي في سوريا وعلى الحدود السورية ـ التركية، على المعادلة الأمنية في لبنان، مما قد ينزع عنه المظلّة الحامية، والتي كانت ردّت عنه في السنوات الخمس الماضية رياح أتون النار السورية.