يلقي تلاحق التطورات في المنطقة بثقله على الحراك الديبلوماسي المنشغل في رصد وتتبع كل ما يتصل بالواقع الميداني العسكري في دول المنطقة، ومنها لبنان الواقع في قلب العاصفة محاولا دفع أذاها الكبير عنه قدر الإمكان.
وفي هذا الإطار يكشف تقرير ديبلوماسي معطيات تتصل بالوضعين المصري والسوري وارتداداتهما على كل دول المنطقة، مع «تحذير من مغبة تحوّل لبنان في وقت لاحق الى بؤرة توتر عالية المنسوب، اذا لم يستثمر على الدعم الدولي لاستقراره عبر الإسراع في إعادة ترتيب البيت الداخلي، وإطلاق عجلة المؤسسات الدستورية وإعادتها الى الدوران بشكل طبيعي».
يقول التقرير «منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى سدة الرئاسة في مصر، أعيد التعاون الامني المصري ـــ السوري ولكن خجولاً. ولكي تتمكن مصر من مواجهة الهجمة التكفيرية، يقتضي الأمر اقتناع القيادة المصرية بأنه لا يمكن مواجهة هذه الهجمة الواسعة على مصر، جيشا وشعبا ومؤسسات، إلا بإعادة انفتاحها على سوريا قيادة وجيشا ومؤسسات أمنية، وإعادة التنسيق الواسع بين الجيشين والأجهزة الأمنية، وإعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، لأن الهجمة على البلدين واحدة».
يضيف التقرير «ان المعلومات تقول بأن اسرائيل تخطط لإلهاء الجيش المصري في صراعات دامية مع الإرهابيين التكفيريين، من خلال تنامي العنف المسلح في القاهرة والمدن المصرية إضافة الى سيناء، كما تعمد الى تكثيف تدخلها في دول الجوار لمصر لتعميق الانشقاقات والصراعات من أجل إلهاء الجيش المصري في صراعات دول الجوار بما يؤدي الى إضعافه. لذلك فإن عودة القوة الى مصر لا تتم إلا بالتماسك مع سوريا. فكما سوريا بحاجة الى مصر لكي تكون سندا لها في مواجهة الإرهاب، فإن مصر تحتاج السند السوري، الأمر الذي يحتم على القيادة المصرية عدم الاستجابة للدور السلبي الذي تلعبه السعودية في منع مصر من التقارب مع سوريا وايران، خصوصا ان أي دور إيجابي يمكن أن تلعبه مصر في تسوية الأزمة السورية لا يمكن له ان يتحقق من موقع القطيعة مع النظام في سوريا».
يوضح التقرير «ان الرد الحقيقي على إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا، لا يكون بتكثيف الطيران الاردني غاراته، بل بالإجراءات التالية:
ــ إقفال معسكرات التدريب لما يسمى المعارضة السورية في الاردن، والإقرار بأن لا فرق بين «داعش» و«نصرة» وسواهما من الجماعات التكفيرية المسلحة.
ــ وقف إرسال الأسلحة والذخائر والمال عبر الاردن.
ــ إعادة العلاقات الديبلوماسية بين دمشق وعمان.
ــ إعادة التنسيق العسكري والامني بين الاجهزة العسكرية والامنية في كل من الاردن وسوريا.
ــ كان الأجدى بالعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ان يقود طائرته ويتوجه الى دمشق وان يعقد قمة مع الرئيس السوري بشار الاسد في أعقاب إعدام الكساسبة، لو كان جادا في مواجهة الارهابيين، وهذا الامر ينسحب على الرئيس السيسي».
يتحدث التقرير عن «وجود قرار أميركي اتخذته القيادتان السياسية والعسكرية منذ تحرير بلدة عين العرب (كوباني)، ويقضي بإعادة فصل الحدود العراقية عن الحدود السورية تمهيدا للبدء بعملية عسكرية ميدانية واسعة، تبدأ بالقضاء على التكفيريين كلّ على حدة في كلتا الدولتين، وأبلغت بالقرار الحكومات المعنية في المنطقة، لا سيما السعودية وقطر وتركيا المعنية بإرسال الاسلحة والمال الى التكفيريين، على ان تنفذ العملية العسكرية بالتنسيق الميداني مع الحكومة العراقية التي استطاعت تحقيق إنجازات مهمة في مواجهتها للتكفيريين».
يشير التقرير الى «ان لبنان يحتاج الى تكثيف جهود مؤسساته المعنية، لان الخشية حقيقية عند انهزام التكفيريين في سوريا، لا سيما في الجبهة الجنوبية، من تسرّب مجموعات منهم الى لبنان ليشكلوا خطرا كبيرا على الأمن والاستقرار اللبناني، وهذا ايضا يتطلب تنسيقا مع الجانب السوري وعدم التأخير في تفعيل هذا التنسيق بعمل استباقي من شأنه ان يخفف من الأخطار المحدقة».