ان الأزمة التي يمر بها لبنان ليست الأولى ولا الأخيرة، لأن الفساد الذي ينخر بالمجتمع اللبناني طابعه ثقافي ولا يمت للديمقراطية بصلة وان كانت هناك ألسن طويلة تدعي انها ممثلة وداعية لها، وهي باسم الديمقراطية تسرق وتنشر بالأرض فساداً. لذلك يقول احد الاوساط السياسية بان العملية السياسية برمتها تحتاج الى اعادة نظر لسبب الأفرازات العفنه التي سممت الأجواء السياسية والتي يمكن ان تقود الى شرور لا يمكن تصورها. ان لبنان غير جاهز حاليأ لأنتخابات رئاسية لعدم وجود ارضية صالحة لا تتأثر بالقوى الخارجية التي يمكن ان تعبث بالبلاد الى ما لا تحمد عقباه. مما لا شك فيه إن لبنان الآن يخضع لسيطرة وهيمنة أجندات دولية شرقية وغربية، بطريقة مباشرة، أو بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال السياسيين الذين يعملون لمصلحة هذه الدولة أو تلك، الأمر الذي سيؤدي لفقدان لبنان لسيادته وإستقلاله.
وتتساءل الاوساط، ما الذي تحقق من شعارات الكيانات السياسية التي رفعتها وتشدقت بها في مواسم الانتخابات؟ وكم نسبة المتحقق منها بعد فوزها بالانتخابات؟ وما هي المشاريع الوطنية الفعلية التي أنجزتها الحكومات على الصعيد العلمي أو الصناعي أو الزراعي أو التجاري أو الصحي أو الاجتماعي التي لمسها اللبنانيون على أرض الواقع؟ وهل الفساد المستشري في جسد مؤسساتها الخدماتية والإنتاجية يعد امتداداً لتراكمات الفساد الموروث؟ أم أنه يمثل كبوة جديدة من كبوات التراجع إلى الوراء، وانتهاكا صارخا لكل مؤشرات النزاهة التي لطالما تظاهرت بها الكيانات المخادعة المختبئة خلف سواتر العفة المصطنعة؟ هذه التساؤلات وغيرها من الاستفسارات المصيرية التي فرضت نفسها بمرور الوقت كحالة من حالات اليأس والإحباط، صارت هي الشغل الشاغل لعامة الناس، نسمعهم يثيرونها باستمرار كلما اجتمعوا في السوق أو في المقهى أو في مجالسهم الخاصة، وما أكثر المظاهر السلبية التي تستفزهم وتثير غضبهم وتعكر أمزجتهم.
وتتابع الاوساط بان أزمة النفايات والكهرباء والتظاهرات والاضرابات والاعتصامات ما هي الا اول الطريق الى اسقاط الجمهورية اللبنانية ونظامها وهنا تحاول «الايادي الخبيثة» توريط العماد ميشال عون وتياره فهل يقع عون وتياره بين هذه الايادي؟
وتختم الاوساط بالقول ان لا شيء يبعث على الارتياح، فكل ما يرى في مسلسل المشاهدات اليومية، يعكس صورة مؤلمة واحدة تشترك في مكوناتها المزرية لترسم ملامح الانحدار والتردي. حتى الهواء الذي نستنشقه صار فاسداً وملوثاً، وحتى الماء الذي يفترض أن نشربه فسد هو الآخر، ولم يعد مستساغا من حيث الطعم واللون والرائحة.