Site icon IMLebanon

هل يتفّق الموارنة على برنامج للرئيس إذا تعذّر عليهم الاتفاق على اسمه؟

تساءل مسؤول كنسي: هل يتوصل الزعماء الموارنة الى اتفاق على برنامج يشترط على من سينتخب رئيساً العمل على تنفيذه اذا ظل متعذراً عليهم الاتفاق على رئيس؟

لقد كان اختيار رئيس للبنان بحسب كل حقبة مشروطاً بموافقته على البرنامج الذي يطرح عليه، فكان رئيساً من وافق على “الميثاق الوطني” ومن وافق على “اتفاق القاهرة” ومن وافق على “اتفاق الطائف”، واخيراً وليس آخراً من وافق على “اتفاق الدوحة”. وعندما خضع لبنان للوصاية السورية لم يكن ينتخب رئيس الا اذا وافق على بقاء الوجود العسكري السوري في لبنان حرصاً على استمرار الامن والاستقرار فيه. واليوم يواجه انتخاب رئيس للجمهورية خلافاً حول موضوع سلاح “حزب الله” وحول البقاء بعيداً من المحاور المتصارعة في المنطقة، ما يستدعي انسحاب مقاتلي “حزب الله” من

سوريا.

لذلك على الزعماء الموارنة الاتفاق على انتخاب رئيس يعتمد سياسة “النأي بالنفس” عن صراعات المحاور ويعمل على ترجمة بنود “اعلان بعبدا” كي يرتاح لبنان ويريح، وان يعمل ايضاً على تنفيذ القرار 1701 لأن من دون تنفيذه بكل مندرجاته لن يستطيع حماية حياده ولا الدفاع عن حدوده. وبتنفيذ كل بنود هذا القرار تصبح حدود لبنان هادئة وآمنة مع اسرائيل وكذلك مع سوريا. ويصبح اتفاق الهدنة بين لبنان واسرائيل هو الذي ينظم العلاقات بينهما الى حين يتم التوصل الى اتفاق سلام شامل في المنطقة ينهي النزاع المزمن مع الدولة الاسرائيلية في المنطقة. ولا بد، من جهة أخرى، من التوصل الى اتفاق مع سوريا على ترسيم الحدود بين البلدين لئلا تظل كما هي الآن سائبة ومفتوحة أمام كل انواع التهريب والتسلل.

إن توصّل الزعماء الموارنة بدءاً بلقاء جعجع – عون الى اتفاق في ما بينهم ومن ثم مع الشريك المسلم على تنفيذ القرار 1701 بكل بنوده حماية لحدود لبنان وصوناً للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، يكونون قد حافظوا على لبنان وجعلوا أنفسهم حراساً للجمهورية بعدما كانوا من مؤسسيها لأنها تصبح جمهورية الحياد الذي تلتزمه كل الحكومات، وينطبق عليه فعلاً لا قولاً اسم “سويسرا الشرق”، وان يتوصلوا ايضاً الى اتفاق على قانون للانتخابات يكون عادلاً ومتوازناً ليعاد تكوين السلطة على اساسه.

الواقع ان العائق في وجه قيام هذه الجمهورية هو “حزب الله” الذي لم يستطع أن يحيّد نفسه عن صراعات المحاور في المنطقة فزج نفسه فيها وزج معه لبنان، كما انه قد لا يستطيع الخروج من هذه الصراعات إلا بعد حصول تفاهمات عربية واقليمية ودولية حول تقاسم النفوذ والمصالح في المنطقة.

لقد جرّب المسيحيون والمسلمون السنّة الاستعانة بالخارج لمواجهة شريكهم في الداخل فكانت حروب داخلية مكلفة جداً، ما جعلهم يقتنعون بأن الوحدة الداخلية والعيش المشترك هما السبيل الوحيد لحماية السلم الاهلي، ورفعوا معاً شعار “لبنان أولاً وأخيراً” لأن الخارج الذي ساند المسيحيين على شريكهم المسلم اراد أن يحكم عنهم ويخضعهم لأوامره، وكذلك الخارج الذي ساند المسلمين السنّة، وكانت تجربة الوصاية السورية على لبنان خير دليل على ذلك، إذ ان رئيس الحكومة تحوّل الى “باشكاتب” والوزراء مجرد موظفين. يبقى أن يقتنع المسلم الشيعي وتحديداً “حزب الله” بأن الخارج الذي يستعين به للتغلب على شريكه في الداخل، سوف يجعله محكوماً وليس حاكماً.

لذلك فإن اتفاق الزعماء المسيحيين على وضع برنامج يلتزم رئيس الجمهورية والحكومات التي تشكل تنفيذه من شأنه أن يجعل الجمهورية تبنى على اساس الحياد، وهذا أهم من أي رئاسة، وحراس الجمهورية يكونون أهم من أي رئيس لها. ومن دون التوصل الى اتفاق على أي جمهورية يكون لها جمهورها تبقى الجمهورية بلا حراس أياً يكن رئيسها، ولن يستطيع أي رئيس، قوياً كان أم ضعيفاً، أن يغير شيئاً فيها ويصبح كل عهد امتداداً لعهد سابق، والحكومات فيه لا تحكم بل يحكمها خارج ما، والسلاح خارج الدولة يبقى هو

الدولة…

فعلى اللبنانيين إذاً وقادتهم أن يتفقوا أولاً على أي جمهورية يريدون ليسهل الاتفاق على رئيسها، وليس سوى تنفيذ القرار 1701 و”اعلان بعبدا” والاتفاق على قانون للانتخاب ما يحصن لبنان ويحميه من اعدائه ويعيد تكوين السلطة بحيث تصبح مستقرة أمنياً وسياسياً واقتصادياً.