Site icon IMLebanon

هل يتوسط “حزب الله” بين حليفيه المرشحَين للرئاسة وعلام يراهن للشروع في هذه المهمة الصعبة ؟

هل شرع “حزب الله ” فعلا في اداء دور الوسيط بين حليفيه رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون ورئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية؟ واستطرادا، هل بدأ الحزب كما اشيع اخيرا عملية تواصل مع الاخير بغية اقناعه بانه آن اوان الانسحاب من سباق الرئاسة بعد التطور الدراماتيكي المتمثل بمشهد معراب مساء الاثنين الماضي؟

هذا السؤال كان لا بد من توجيهه الى دوائر الحل والربط في الحزب، ولم يكن بامكان هذه الدوائر ان تتهرب من اعطاء الاجابة وذلك انطلاقا من اعتبارات اربعة:

الاول، لان ثمة من وضع كرة وصول مرشحه الحصري عون الى قصر بعبدا في مرماه موحيا انه صار بامكانه تدبير الامر اذا ما مارس ضغوطا جدية على حليفه الاخر رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستطرادا اذا ما استشعر الجميع بانه اتخذ قراره النهائي الحاسم في هذا الشأن وابلغه الى من يعنيهم الامر، وهو القرار الذي ينتظره كثر ليبنوا على الشيء مقتضاه.

الثاني، ان ثمة من روّج لفكرة ان تخلّف الحزب عن اتخاذ مثل هذا القرار الحاسم والجازم، هو مصداق لفرضية روّجها خصومه طويلا وهي ان حسابات الحزب ورهاناته العميقة تجعله يقف موقف المعرقل لاجراء انتخابات رئاسية تعيد اضاءة الانوار المطفأة في قصر بعبدا منذ اكثر من 20 شهرا.

الثالث، ان مشهد معراب وما جسّده من دعم مسيحي اضافي ووازن لمرشحه عون عزز في الوقت عينه اوراق الحزب وخياراته من جهة، لكنه وضعه من جهة اخرى امام تحد اكبر الى درجة ان ثمة من قال بان جعجع ما اقدم على ما اقدم عليه الا لوضع الحزب في الزاوية و”كشف مستوره”.

الرابع، ان سياسة العزوف عن الكلام المباح التي سار عليها الحزب طويلا لم تعد من الان فصاعدا ذات قيمة، ولم تعد ايضا حصناً حصيناً للحزب يقيه خيار اطلاق المواقف الجلية.

ولا تخفي اوساط قريبة من الحزب انه مني في الاونة الاخيرة ببعض الارباك، وهذا الوضع يدفعه الى مزيد من التروي والاستنكاف عن الفعل والمبادرة ومحاولة التملص من اطلاق المواقف العاجلة، وهو ما تجلى، وفق رأى البعض، في ارجاء الجلسة الاسبوعية لكتلة الحزب النيابية وذلك في خطوة لا يمكن اعتبارها إلا محاكاة للفعل الذي اقدمت عليه في الايام الثلاثة المنصرمة الغالبية العظمى من القوى والكتل النيابية الاخرى على ضفتي الاصطفافين السياسيين في انتظار جلاء الصورة واستكناه حقيقة الاسباب التي حدت بزعيم “القوات اللبنانية” الى اتخاذ هذا الخيار الدراماتيكي الارتجاجي المكلف على كل الصعد.

يحرص احد قياديي الحزب الذي له صلة مباشرة بعمليات الاتصال السياسي على الاشارة الى ان المهمة المطلوبة من الحزب والتي يمكن اختزالها بعملية تدوير الزوايا الحادة بين مروحة حلفائه، ليست باليسيرة على الاطلاق ولا يمكن انفاذها بعجالة لاعتبارات عدة ابرزها:

– ان حليفيه المرشحين يشعران بان لقمة الرئاسة الاولى هي اقرب الى فمه من اي وقت مضى وهي فرصة ربما لن تتكرر في القريب العاجل.

– ان الحليف فرنجية سبق له ان تبلغ من السيد حسن نصرالله مباشرة جوهر موقف الحزب من خطوة ترشحه وسمع منه ايضا ابعاد تمسكه (اي نصرالله) بعون مرشحا حصريا للرئاسة الاولى وابعاد ارتيابه من ترشيح الفريق الاخر له في هذا الوقت بالذات، وابلغه ايضا ان صمود محور الحزب هو ما دفع الاخرين الى رفع “الفيتو” عن ترشيحه للرئاسة الاولى، وان المزيد من هذا الصمود والمواجهة من شأنه ان يصوب بوصلة الامور في اتجاه دعم ترشيح عون.

وكان حريا به في ضوء ذلك ان يبني على هذا الموقف مقتضاه ويعيد النظر في خياراته، الا انه آثر المضي قدما في عملية ترشيحه، لذا لم يعد من السهولة بمكان معاودة التواصل معه مجددا والضغط عليه بغية ثنيه عن المضي في ترشيحه خصوصا ان الحزب ما اعتاد فرض المواقف والخيارات على حلفائه وهو امر يعرفه الاقربون والابعدون.

– ان الحزب على علم مسبق بان النسبة الاعلى من مكونات 8 اذار، شخصيات وقوى بما فيها حزب البعث والحزب القومي، هي بالعمق تدعم ترشيح فرنجية كل انطلاقا من حسابات معينة. فالبعض يجد في فرنجية مرونة قد يفتقدها عند عون وفريقه، فيما البعض الاخر يشعر بان عون همّشه ولم يكلف نفسه عناء التواصل معه.

– ان الحليف الثالث للحزب وهو الرئيس بري لم يترك منذ ان جاهر فرنجية بترشحه فرصة للتراجع عن دعمه لهذا الترشح الاتي على حساب عون، بل سارع الى اظهار الامر وكأنه حبل نجاة له من تجرع كأس لا يريد ان يتجرعها من الاساس.

ومع ذلك، فإن الدوائر عينها تجد الان وبعد مشهد معراب معطيات ايجابية مختلفة يمكن الاتكاء عليها للانطلاق نحو هجوم سياسي يعد له الحزب لدعم اوراق عون وفرصه من جهة ولوضع حد لمرحلة الميوعة والتذبذب داخل 8 اذار من جهة اخرى.

وابرز هذه المعطيات ان الحزب ما برح محافظا على وتيرة علاقة معقولة مع فرنجية، خصوصا ان الاخير حرص على الحيلولة دون صرم حبال العلاقة مع الحزب، وعلى وضعه سلفا في اي خطوة يقرر ان يقدم عليها.

لذا فان الحزب كان مضطرا الى ان يأخذ لنفسه بعد التطورات الاخيرة مزيدا من الوقت لكي يستنفد الجميع خياراتهم من جهة ولكي يستفيق الكل من صدمة مشهد معراب التي ربما لم تكن في حسابات بعضهم، او انهم حرصوا على عدم تصديقه رغم انهم ابلغوا بتصميم جعجع عليه، وبالتالي يعيدون ترتيب اوراقهم

الوقت وتسارع التطورات وظهور وقائع جديدة هي بالنسبة الى الحزب معطيات تخدم توجهاته. ولم يعد خافيا ان الحزب وجد من معظم حلفائه وفي مقدمهم بري مرونة واستعدادا لتقبل الامر الواقع المستجد. كل ذلك بانتظار ان يعطي الحزب المولجين عنده الضوء الاخضر للشروع في حراك نحو الجميع وفي المقدمة حلفاؤه ليبلغهم بقراره النهائي والحاسم. وفي كل الاحوال يرفض الحزب ان يتحدث احد عن وساطة سيقوم بها بين حليفيه المرشحين للرئاسة، لان الوساطة تكون عادة بين متخاصمين وهذه ليست الحال بين سيدي الرابية وبنشعي.