IMLebanon

هل رصد «الإسلاموفوبيا» كاٍف؟

أعلنت دار الإفتاء المصرية عن تدشين مرصد «الإسلاموفوبيا» وذلك رًدا على ازدياد الأصوات المتطرفة في الغرب٬ والحد من تأثيرها على الجاليات الإسلامية في الخارج٬ بحسب ما نشر في صحيفتنا هنا أمس٬ فهل هذا الجهد كاٍف؟

الحقيقة أن كل جهد يبذل لمحاربة التطرف هو جهد مشكور٬ لكن الأجدى٬ والأكثر نفًعا٬ لو قامت دار الإفتاء المصرية٬ وغيرها من دور الإفتاء٬ والمؤسسات الدينية المرموقة بالمنطقة٬ ببذل جهد مركز لرصد٬ وتفنيد٬ الفتاوى الشاذة الصادرة عن البعض في منطقتنا٬ وقبلها التصدي لفتاوى التكفير٬ والتهييج٬ التي تغذي التطرف٬ وتزف شبابنا إلى المهالك٬ وتقدمهم على طبق من فضة لـ«داعش»٬ و«القاعدة»٬ وغيرهما من التنظيمات الإرهابية٬ وكذلك رصد وتفنيد كل فتوى تكون بمثابة التربة الخصبة للتطرف٬ وتجنيد الشباب٬ وتهيئة المجتمع لتقبل الأفكار المتطرفة٬ أو تبريرها.

صحيح أن منسوب الانتقاد للإسلام٬ والمسلمين٬ في الغرب يشهد ارتفاًعا ملحوًظا لا تخطئه العين٬ إلا أنه٬ أي الانتقاد٬ رد فعل متوقع للأعمال الإرهابية التي شهدها الغرب مثلما شهدتها دول منطقتنا٬ من مصر إلى السعودية٬ ومن الكويت إلى تونس. ولذا٬ فمن الأجدى أن تسخر جهود المؤسسات الدينية الرصينة في منطقتنا لرصد فتاوى التكفير٬ والتنفير٬ والفتاوى الشاذة٬ وتفنيدها ونبذها٬ والسعي لتصحيح المفاهيم٬ وباللغتين العربية والإنجليزية٬ وذلك لحماية سمعة ديننا٬ وحماية شبابنا في العالمين العربي والإسلامي٬ وكذلك في الغرب٬ وذلك أفضل من رصد ردود الفعل٬ فالأجدى أن نبدأ بتصحيح الخلل لدينا٬ ومن شأن ذلك خفض منسوب الإسلاموفوبيا في الغرب تلقائًيا.

وعملية تصحيح المفاهيم هذه٬ في العالمين العربي والإسلامي٬ والغرب كذلك٬ تتطلب جهًدا غير هّين لشرح مفاهيم تم تشويهها بالمنطقة٬ والغرب أيًضا. من هم الإخوان المسلمون؟ ما هو فكرهم؟ ما هو تاريخهم في تثوير الأفكار الدينية؟ ما هي الوهابية؟ ومتى كانت؟ ولماذا لا يتم شرح أنها حركة داخلية غير معنية بالخارج٬ ولا بالتثوير٬ أو التسليح؟ ومن اختطفها؟ وما هي السلفية أصلاً؟ ولماذا لا يتم شرح أن السلفية سلفيات٬ وليست واحدة؟ مثلاً٬ لماذا لم ينتبه الإعلام إلى قول الدكتور يوسف القرضاوي إن أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» كان من شباب الإخوان المسلمين٬ وهذا تصريح موثق بالفيديو على «يوتيوب»؟

أسئلة كثيرة٬ ومفاهيم مغلوطة٬ وفتاوى تحريضية٬ وشاذة٬ تملأ فضاء الإنترنت٬ بينما نحن نريد الرد على الغرب فقط٬ ونترك أساس المشكلة٬ أمر لا يستقيم! وكما أسلفنا٬ فإن كل جهد لمحاربة التطرف هو جهد مشكور٬ وجهد دار الإفتاء المصرية هو جهد مشكور كذلك٬ لكن المطلوب هو أن نبدأ بأنفسنا٬ وتصحيح الخلل لدينا٬ ومن شأن ذلك أن يساعد لاحًقا في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام في الغرب. الحقيقة التي يجب أن ندركها هي أن ديننا مختطف من قبل المتطرفين الأكثر صخًبا٬ وقتلاً٬ وتفجيًرا٬ ولذا فلا بد من جهود جبارة للتنقيح والتصحيح٬ ويجب أن نبدأ بأنفسنا قبل الرد على الغرب