Site icon IMLebanon

هل اختارت معراب الرياض ممراً الى الرابية ؟

تشير مصادر ديبلوماسية مطلعة على حركة الموفدين الدوليين في اتجاه بيروت، إلى انها انعكاس مباشر للتطورات الدراماتيكية الخطرة التي تشهدها الساحة الداخلية اللبنانية، المرشحة لمزيد من التصعيد، ما اعاد لبنان الى اجندة اهتمام القوى الدولية، املا في ارساء حل يجنبه المزيد من الانحدار، بعدما بقي طوال الفترة الماضية في «ثلاجة الاستقرار» المظللة بشبكة امان اقليمية دولية، مزقتها موجات الارهاب والشغور الرئاسي المتمادي بتداعياته السلبية على كل المستويات.

من هنا تصف اوساط وزارية شاركت في لقاءات رئيس الحكومة الباريسية، الحركة المكوكية للموفد الفرنسي بالاستطلاعية في ظل عدم وجود خارطة حل واضحة، انما مجرد مجموعة خيوط متشابكة اقليميا ودوليا، فروسيا تعاني كما ايران من انخفاض اسعار النفط تقول المصادر الديبلوماسية، محاولة توظيف جهودها لتعزيز اوراقها في الملف السوري من اجل تحسين ظروف مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لتقبض الثمن في اوكرانيا، وطهران بدورها توظف اوراقها في الملف السوري لتقبض نوويا من واشنطن، الغارقة في تغيير استراتيجيات وتكتيكات حربها ضد الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، بعيد التغييرات التي اصابت معادلات التوازن الجمهوري- الديموقراطي ما حتم اعادة تنظيم للاولويات تحت ضغط الحملات المتزايدة، اما باريس الغارقة في اختبار النيات الايرانية من البوابة اللبنانية فتقف على تماس مع الرياض الممتنعة حتى الساعة عن تقديم اي «تنازل» لمصلحة التقارب مع الجمهورية الاسلامية، مدعومة بالمصالحات الخليجية والعربية.

وبحسب الاوساط الوزارية، فان الفرنسيين الراغبين بشدة في تحقيق اختراق بارز في المنطقة عبر البوابة الرئاسية اللبنانية، لا يزالون يحاذرون اختبار النيات الذي يجرونه بعد تلقيهم اشارات مرنة من ايران تمنعهم من التورط بعيدا قبل استكشاف مدى صدقية طهران في ترجمتها وكذلك ضمان استجابة الافرقاء المعرقلين لمسعاهم التوافقي.

وسط هذه الاجواء اعربت مصادر في الثامن من آذار عن اعتقادها بان فرنسا ما زالت اسيرة مواقفها العاطفية المعلنة ازاء لبنان وامنه وسيادته، بحسب ما اظهرت زيارة موفدها الى لبنان، الذي اساء قراءة الجواب الايراني خلال زيارته الرابعة الى طهران والذي على اساسه بنى البعض «قصورا من رمل».

لكن المسعى الفرنسي، الذي حرك على الاقل المياه الرئاسية الراكدة على مشارف نهاية السنة، مع تصاعد رهانات البعض على ملء الفراغ في بعبدا خلال الاشهر الاولى من الـ2015، لم يسقط «اللعنة» الداخلية الاساسية التي تبقى في غياب التوافق المسيحي، الذي على شماعته تعلق جميع الاطراف الداخلية والخارجية «تقيتها الرئاسية» اذ يبدو بحسب المصادر ان لا بوادر عملية توحي بقرب تذليل العقبات على طريق استعادة المسيحيين للورقة الرئاسية، اختيارا قبل ان يكون صلاحيات، على الرغم من كل القنابل الدخانية التي تطرحها المبادرات واللقاءات الثنائية للقادة الموارنة مع سيد بكركي، وصولا الى الكلام عن لقاء عون – جعجع، في ظل معادلة «الجنرال» اما رئيسا او شهيدا»، في تذكير بمحطات سابقة كثيرة انتهت باستشهاد المجتمع المسيحي.

مصادر البطريركية المارونية، ابدت ارتياحها للحركة التي يشهدها الصرح والتي تندرج تحت عنوان وصل ما انقطع بين الكاردينال الراعي والقيادات المارونية، بعد المواقف النارية التي اطلقها البطريرك سابقا ملوحا باستخدام العصا، ما قد يمهد الارضية الجيدة للانطلاق في بحث النقطة الوحيدة على جدول الاعمال وهي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعدما بدا نوع من الاحباط يتسلل الى المجتمع المسيحي بفعل العلاقات المسيحية – المسيحية، التي تنعكس هجرة وانعداما للثقة.

غير ان الحذر يبدو واضحا عند مقاربة المصادر لمسألة رعاية بكركي للقاء حواري لقيادات الصف الاول، غير المرحب به ما لم تتوافر مقومات نجاحه التي تجد ترجمتها في خلاصاته الايجابية العملية، بعيدا عن الصور الشكلية، كاشفة ان البطريرك الراعي يريد استكشاف ما تبدل في اعقاب ثورته على معطلي الاستحقاق الرئاسي وما اذا كان هناك من تغيير ايجابي طرأ على مواقف القيادات المارونية، رغم استمراره في بذل الجهود لتأمين لقاء بين رئيس حزب القوات اللبنانية ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير عملا بشعار ولايته البطريركية «شركة ومحبة»، رغم المعلومات المتوافرة لديه عن الجهات التي تقف وراء الهجمات الشخصية التي تطاله والتي وصلت إلى حدود التشهير الاخلاقي.

وفيما تؤكد ان الوقت لا يزال مبكرا لاشاعة أي اجواء، قد تكون مغايرة للواقع حيث حصول المفاجآت وارد في اي لحظة، ايجابا او سلبا، في ظل اصرار سيد الصرح على ضرورة مصارحة اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا ومكاشفتهم هذه المرة حول مساعيه ونجاحها او اخفاقها والجهات التي عرقلتها، مشيرة الى ان حاضرة الفاتيكان دخلت بكل ثقلها على خط الملف الرئاسي عبر خطين الاول مع عواصم القرار الفاعلة والمؤثرة سواء مباشرة او بالواسطة والثاني عبر بكركي في المرحلة الحالية من اجل خلق دينامية مسيحية معينة تؤدي الى كسر الجمود الحاصل.

من جهتها وضعت مصادر في 14 آذار، زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية الى المملكة العربية في هذا الاطار، إذ تتقاطع مساعي الفاتيكان والرياض عند مسألة ضرورة ملء الفراغ في بعبدا، نظرًا الى الانعكاسات السلبية لاستمرار الشغور، من خلال انتخاب شخصية توافقية تحظى بموافقة الاطراف المسيحيين اولا وسائر المكونات اللبنانية ثانيا، اشرفت الاتصالات على وضع اللمسات الاخيرة على مواصفاتها، تمهيدا للبدء بغربلة الاسماء، بعد نضوج المناخات الداخلية والخارجية، وسألت هل ينجح الساسة اللبنانيون هذه المرة وفي مقدمهم الموارنة في «سرقة» الاستحقاق الرئاسي واستخراج رئيس؟ وهل تنتج زيارة جعجع إلى السعودية حلحلة على خط بعبدا وتسريع زيارته الى الرابية؟