«بات على أمين عام حزب الله حسن نصرالله أن يذهب الى سوريا ويحارب شخصيا هنالك تطبيقا لوعده الذي قطعه يوما، لأن الحاجة قد اقتضت واقتضت».
هذه الدعوة أتت لنصرالله من قبل عدد كبير من المدونين والمغردين المزهوين بانتصار حلب الذي تسطر نتيجة عوامل كثيرة، فهل يلبيها؟
ومن أسباب الانتصار، الثبات والصمود بين جنبات زنار من الحصار المسيج بالنار من كل حدب وصوب، من الأرض كما من السماء، من قوات الأسد كما من حزب الله والميليشيات الشيعية والقوات الروسية.
الصمود أتى من حوالي أربعمئة ألف انسان، قرروا ان لا تكون حلب مضايا ثانية بأي ثمن، فتعاونوا وقسّموا انفسهم كتائب، كتيبة أطفال ليست الحجارة سلاحهم هذه المرة انما الاطارات المشتعلة، وكتيبة نساء وقفن وقفة آلاف الرجال، فضلا عن الأبطال الذين استخدموا ما أوتوا من قوة ليصدوا عدوان الأسديين والمرتزقة.
والى الصمود، فان الوحدة بين فصائل المعارضة المعتدلة كافة من اسلامية ووطنية، كانت الحل الأنجع، وهنا لا بد من عدم انكار أن انهاء جبهة النصرة وولادة جبهة جديدة على أطلالها تأخذ من الاعتدال منبعا لها، قد ساهم مساهمة فعالة في صناعة النصر، وما جرى من وحدة في الرؤية يشكل خطوة جيدة ان استمرت ستصنع لاحقا انتصارات في أماكن أخرى.
وقد عبّر الصحافي المناضل هادي العبدالله عن هذا المنحى، من خلال تدوينه عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي ما يلي: «هل وصلت رسالة ربّكم إليكم يا قادة فصائلنا؟
عندما تكونون يداً واحدة تستطيعون صناعة المعجزات.. وعندما تتفرقون تضيّعون عناصركم وتخذلون أهلكم..».
وكان العبدالله قد خرج من المستشفى متوجها الى حلب وبدا على كرسي متحرك، آبيا الا أن يدشن النصر الجديد مع المقاتلين والأهالي الذين لطالما دفع دما ليسمع العالم صوتهم، وهو الذي فقد مؤخرا زميله وصديقه في النضال المصور الشهيد خالد العيسى.
والى عوامل الانتصار الداخلية، عوامل خارجية، فقد بدا جليا أن أسلحة متطورة وصلت للمقاتلين من دول عدة، لكن لا يزال ينقصهم الكثير مثل مضادات الطيران، وهنا – للتذكير- لعب الأطفال دورهم بابتكار مضاد من نوع خيالي تمثل باثارة الدخان المنبعث من الاطارات المشتعلة لتضييع الطيارين الذين أتوا للحلبيين بهدايا الموت.
ويمكن اضافة، فشل المفاوضات اليمنية في الكويت عبر رد التحدي من قبل المملكة العربية السعودية، وزيادة الدعم التركي ووقف «النفاق» الأميركي.
.. وانطلاقا من كل ذلك، يبقى أن المضحك هو اصرار بعض الوسائل الاعلامية ومحلليها على أن هنالك كراً وفراً في حلب، هو كر في مخيلة هؤلاء وفر من الواقع الذي أثبت مجددا أن المقاومة هي الحل وأن من حوّل البوصلة سيدفع الثمن مهما طال الزمن وأن الدماء تنتصر على السيف وأن النصر صبر ساعة، وأن الحلبيين كانوا حسينيين حقيقيين وأن هنالك من يحتاج الى تنشيط ذاكرته ودعوته كي يطبق تعاليمه التي أتحف العالم بتردادها على مدى سنوات وله يحلو القول: «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً».