IMLebanon

ليست غارة عادية؟

 

عادية القصف الإسرائيلي والنكران المزدوج الأسدي – الإيراني لا يطمسان هذه المرّة استثنائية الغارة الكبيرة على مطار المزّة الدمشقي.. باعتبار أن السياق مختلف، أو هكذا تدلّ المواقف المُعلنة لأصحاب الشأن الإقليمي والدولي، في التوجهات الآنية والمستقبلية العريضة الخاصة بسوريا وانطلاقاً من العنوان الإدلبي!

 

صحيح أن الأداء الإسرائيلي في الموضوع السوري بقي على حاله في مرحلتَي التمدّد والانكفاء الإيرانيتين. أي أن استهداف مقار ومراكز ومواقع وقوافل السلاح تصاعد في زمن السيّئ الذكر باراك أوباما وبقي على وتيرته في الزمن الراهن حيث دونالد ترامب في البيت الأبيض، وحيث سياسته المُعلنة مناقضة لسياسة سلفه وآخذة على عاتقها تحقيق هدف إعادة إيران إلى داخلها! وقصقصة جوانحها المفلوشة في ديار غيرها!

 

وصحيح في المقابل أن الأداء الإيراني، (مع الملحق الأسدي) بقي على حاله من دون تغيير! أي بقيت النعامة حاضرة! وبقيت الأولوية للداخل السوري العربي والإسلامي الأكثري وليست لـِ«الصهاينة» والأميركيين، وبقي «الإعلام الحربي» الممانع مشغولاً تمام الانشغال بتوزيع أخبار وصور وفبركات «انتصاراته» وفتوحاته إزاء ذلك الداخل المزدوج ومن اليمن إلى سوريا، وصولاً به وبأهله إلى التخلّي حتى عن السردية الخالدة القائلة بـ«الاحتفاظ بحق الردّ في الزمان والمكان المناسبَين» بعد كلّ غارة عدوانية إسرائيلية! وبرغم أوزانها وخسائرها وعنفها وضراوتها!

 

.. وصحيح في الإجمال أن ذلك الأداء المخزي والمعيب يندرج في سياقات أكثر خزياً وعيباً مؤداها العريض أن بشّار الأسد لا «يُقاتل» الإسرائيلي وليس ذلك من ضمن «وظائفه».. وأن حُماته الإيرانيين يفعلون كلّ شيء إلاّ مقاتلة هؤلاء الإسرائيليين مباشرة!

 

.. وصحيح عموماً أن ذلك كله ليس جديداً، ولا مُفاجئاً، لكن الصحيح أيضاً أن الاستهداف الأخير لمطار المزّة يعكس سياسة ثابتة وأخرى مُستجدّة. الأولى تعبيراً عن الموقف الإسرائيلي المُعلن حيال «وجود» إيران في سوريا، والثانية (المستجدة) إشهار «الدخول» على الاشتباك السياسي الراهن الأميركي – الروسي (أساساً) في شأن إدلب ومعركتها المحتملة!

 

كأن إسرائيل تترجم نارياً ما قاله وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان سياسياً قبل أيام معدودة، من أن تل أبيب غير معنية بالالتزام بأي ترتيبات أو اتفاقات أو تفاهمات تتم في وانطلاقاً من الحالة الإدلبية.. وتوجّه بذلك رسالة مُسبقة إلى القمة الثلاثية المُرتقبة في السابع من الجاري بين القادة الروس والإيرانيين والأتراك.. ثم تُعلن مسبقاً، في موازاة ذلك، اصطفافها إلى جانب الحلفاء الأميركيين خصوصاً أن التطابق معهم وصل إلى حدّ التماهي في شأن الموقف من إيران ونفوذها في سوريا في حين أن «الأصدقاء» الروس يعطون يوماً تلوَ يوم إشارات إلى عدم قدرتهم على، أو رغبتهم في، «معالجة» النفوذ الإيراني بالطريقة التي تطلبها واشنطن وتل أبيب!

 

الغارة الجديدة ليست «عادية» أبداً.. برغم «جهود» المحور الإيراني – الأسدي لإظهار ذلك!!