IMLebanon

أليس «نظام مافيات».. أمني وسياسي؟!

من شأن «الأحداث» غير السياسية، المفاجئ منها وغير المفاجئ، التي تصدم اللبنانيين من يوم الى آخر، أن تشكل الوجه الآخر لعملة ما يسمى «أزمة» الفراغ الرئاسي وتعطيل مجلسي النواب والوزراء، والتي تعتبر في هذه الحال أمرا أكثر من عادي أو حتى طبيعي في بلد له هذه المواصفات. فقد بات لبنان، كما تقول هذه «الأحداث»، بلدا يتحكم به نظام من صنف جديد: نظام مافيات، أمني وسياسي، بديلا مما كان يوصف زمن الوصاية السورية بأنه «أمني»(ومشترك، لياقة ليس الا!) على رأسه ما لا يختلف أبدا عن المافيات المشهورة بخروجها على الدولة في أكثر من مكان في العالم.

فلا شك في أن انتخابات رئاسة الجمهورية المعطلة منذ عشرين شهرا، لأسباب أقل ما يقال عنها انها واهية، تشكل الى جانب شل المؤسسات أزمة سياسية واقتصادية/اجتماعية كبيرة بالنسبة للبلد، لكن ما يشهده لبنان من تفلت السلاح وشيوع الخطف لقاء فدية أو حتى مبادلة(حكم الغاب بكل ما تعنيه هذه الكلمة) ليس مما يجوز اعتباره من صنف الأحداث الفردية أو حتى المعزولة عن السياق العام فضلا عن السكوت عنه وكأن شيئا لم يكن.

من هنا، وبالرغم من الكفاءة المنقطعة النظير التي تبديها القوى الأمنية في ملاحقة الفاعلين وتوقيفهم وحتى احباط خططهم في بعض الأحيان، لا مفر من النظر الى وجهي العملة في آن واحد: تعطيل مؤسسات الدولة بقرار متعمد من ناحية، وفوضى السلاح وتفلت المافيات في أكثر من منطقة من ناحية ثانية.

ذلك أن أعمالا مثل خطف المواطن الكويتي محسن براك العجمي بقوة السلاح قبل تحريره على أيدي شعبة المعلومات، وخطف المواطنين التشيك الـ5 قبل شهور ثم مبادلتهم بلبنانيين مسجونين في براغ، ومعهما خطف نجل معمر القذافي، هنيبعل، في سورية ونقله في حقيبة سيارة الى لبنان، وفي الأثناء تحويل لبنان الى بلد للمخدرات وحبوب الكبتاغون صناعة واستيرادا وتصديرا الى الخارج (لم يكن لبنان بمثل ذلك في أي يوم)، كما شيوع اقتحام البيوت والمحال التجارية والبنوك ونقل أصحابها بالقوة الى حيث لا يعرف أحد أماكنهم ثم المطالبة بمئات آلاف الدولارات لقاء الافراج عنهم الخ…لا يمكن أن تكون بعيدة أو منفصلة عن الأسباب والأهداف التي حالت حتى الآن دون انتخاب رئيس الجمهورية، وما يعنيه عدم الانتخاب لأكثر من عشرين شهرا كاملة(والباقي، كما يبدو، على الجرار!) من تعطيل للدولة وحتى الغاء لوجودها.

وهل يجوز بعد ذلك التخفيف من الصفة «المافيوية» لمؤامرة ميشال سماحة/علي المملوك المعروفة، والتي ما تزال تتوالى فصولا أمام المحكمة العسكرية، أو من اعترافات المتهم نعيم عباس حول اغتيال اللواء فرنسوا الحاج وقرار المخابرات السورية تصفية النائب وليد جنبلاط؟.

في الوقت ذاته، هل يعني غير ذلك سياسيا قول المستشار السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، حسين خليل، أن العماد ميشال عون هو مرشح الحزب الدائم للرئاسة وأنهما معا لن يحضرا جلسة مجلس النواب يوم غد، ولا أية جلسة أخرى له سوى تلك التي يتأكدان فيها أن المجلس سينتخب عون، ولا أحد غير عون، للرئاسة؟.

هل يظلم اللبنانيون أحدا اذا قالوا إن ما يشهده بلدهم منذ أكثر من عقد من الزمن، ليس سوى خطفه كله، من خلال سلسلة عمليات مافيوية متكررة ومتعددة الوجوه…بما فيها منذ منتصف العام 2014، اعتماد تطيير النصاب في المجلس النيابي من أجل هدف واحد ووحيد: تعيين ميشال عون، وبالقوة، رئيسا للجمهورية؟.

وهل يختلف خطف المجلس بهذه الطريقة عن خطف التشيكيين الخمسة، وقبلهم الاستونيين في العام 2014، من أجل المبادلة أو الاستحصال على فدية مالية؟.