يتطلع الافرقاء السياسيون عموماً الى ما يمكن ان يحمله الاسبوع الطالع من تطورات جديدة على مستوى تأليف الحكومة العتيدة، بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري، من زيارته المملكة العربية السعودية لأيام، وهي زيارة وصفت بـ»العائلية» وأحيطت بتكتم إعلامي غير مسبوق..
وأياً كانت السيناريوات التي رافقت الزيارة، وتقاطعت مع مواقف فرنسية لافتة، على لسان الرئيس ايمانويل ماكرون، قد تكون وراء تعديل الرئيس الحريري رغبته زيارة باريس، فإن عودته الى لبنان، يوم أمس الاحد أعادت الحياة الى مجرى الاتصالات والمساعي المبذولة على خط تأليف الحكومة، بالتقاطع مع تسريبات اعلامية تؤكد عزم الرئيس المكلف انجاز التأليف قبيل، او بعيد عيد الفطر بأيام قليلة..
ليس في التداول من المعطيات الواقعية ما يثبت او ينفي ذلك، وكل الاحتمالات واردة بما فيها اطالة عمر «حكومة تصريف الأعمال».. لكن عودة الحريري واستئناف مشاوراته واتصالاته الهادفة الى رسم معالم التشكيلة الحكومية العتيدة، والعمل على أكثر من جبهة من أجل تسريع عملية التوافق على بلورة سبل تحصين الساحة الداخلية – الوطنية وعلى كل المستويات، يساعد في بلورة الصورة أكثر، خصوصاً وان في أجندة الرئيس الحريري، على ما تقول مصادر مقربة منه سلسلة لقاءات خارجية، من بينها اللقاء المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في موسكو، قبيل مشاركته في 14 حزيران الجاري، في حفل افتتاح «مونديال روسيا 2018» وهو على قائمة «كبار المدعوين» لحضور هذا الحفل الى جانب عدد من القادة العرب والأجانب..
حتى يوم أمس، وعلى الرغم من التكتم الشديد الذي رافق زيارة الحريري الى السعودية، فإن عودته الى لبنان، ورعايته أفطار البيال غروب أمس أعاد احياء الحرارة الى شرايين التأليف التي شهدت طوال الايام الماضية برودة لافتة، وهو سيعيد التواصل مع سائر المعنيين، بهدف الوصول الى خلاصات ايجابية متفق عليها لتقرب موعد إنجاز تأليف الحكومة الجديدة، حسبما نقل عنه قبل يومين، مؤكداً عدم وجود «عقد مستعصية» أمام التأليف، ونافيا، في الوقت عينه بروز اي مشكلة، في ما يتعلق بحصص او تمثيل اي من المكونات السياسية الوازنة في التشكيلة العتيدة..
صرف الرئيس الحريري النظر عن زيارة باريس ولقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.. لكن هذا الاخير، استعاض عن الزيارة واللقاء، برسالة الى رئيس الحكومة، دعاه فيها الى الاسراع في تشكيل الحكومة واستلام أول دفعة من مبلغ الـ11 مليار دولار ونصف من مؤتمر «سيدار» والمقدرة، بحسب مصادر اعلامية بمليار و200 مليون دولار لبناء معمل للطاقة الكهربائية..
لم تنفِ مصادر الحريري ذلك ولم تؤكده، سوى ان عودة الرئيس المكلف الى لبنان، ستكون حافلة خلال الأيام المقبلة بالاتصالات والمشاورات، والعمل بأقصى جهد ممكن، مع الرئيسين العماد ميشال عون ونبيه بري، من أجل ازالة العقبات التي تعترض انجاز التأليف، خصوصاً على مستوى «المارونية – السياسية» بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» كما بين الثنائي الدرزي، وليد جنبلاط وطلال ارسلان، من دون ادارة الظهر الى تمسك الرئيس بري بحقيبة وزارة المال، التي يعتبرها أساسية، «بالتكافل والتضامن» مع «حزب الله»، وتعززت باعلان السيد حسن نصر الله، «بالتكافل والتضامن» مع الرئيس نبيه بري، «ان لا عودة الى الوراء والحرب على الفساد ستكون بنداً أساسياً على جدول الأعمال..».
ليس من شك في ان الخلاف بين «التيار الوطني الحر» بقيادة الوزير جبران باسيل، والعديد من القوى السياسية، وفي مقدمها حزب «القوات اللبنانية» يحتل مركز الصدارة في تأخير، او عرقلة تأليف الحكومة، خصوصاً وان التباين بين الفريقين تجاوز كل سقوف الاتهامات المتبادلة بينهما، وفتح الباب واسعاً أمام تدخلات خارجية، خصوصاً أميركية..
الحضور الدولي والاقليمي في تشكيل الحكومة اللبنانية، لم يكن ولن يكون، مجرد نظريات.. والوقائع التاريخية تؤكد ان لبنان لم يكن بمنأى عن هذه التدخلات على مدى عقود من الزمن، وعلى مستوى العديد، بل غالبية، هذه الحكومات.. واللافت ان الافرقاء اللبنانيين كافة، يرفعون الاصوات مطالبين بـ»ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة، في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والحالي السيىء بل والأمني، ومؤكدين ان هناك امكانية لا يجد حلول للملفات العالقة.»؟! ولا حل، او حلول في غياب «حكومة وحدة وطنية موسعة» والباب مفتوح أمام الجميع للمشاركة، من دون ادارة الظهر لحق البعض في ان يكونوا في جبهة المعارضة الديموقراطية ان لم يؤخذ بكامل شروطهم ومطاليبهم، بعدما رفع هذا البعض السقوف العالية في مطاليبهم، ان لناحية حجم التمثل في الحكومة وان لجهة نوعية الحقائب التي يلحون على الامساك بها.. ولا يمكن مساءلة الحريري خارج سياق قاعدة: «ليس بالامكان أكثر مما كان..»؟