يتطلع المتعاملون في أسواق النفط الى مؤتمر الدول المصدرة للنفط يوم ٢٧ الشهر الجاري في الجزائر. فهناك حاجة أصبحت تجمع منتجي النفط في العالم من «اوبك» وخارجها الى رفع سعر البرميل الذي يبقى منذ مدة في حدود ٤٧ الى ٤٩ دولاراً، في حين ان معظم الدول المنتجة تتمنى سعراً في حدود ٦٠ الى ٦٥ دولاراً للبرميل لموازناتها المختلفة. وهناك تطور أساسي حدث منذ فترة وهو الاتفاق السعودي الروسي للتعاون في مجال الطاقة مما يعني أن هناك نية لدى عملاقين في انتاج النفط أن يعملا للحد من المعروض في الأسواق كي ترتفع الأسعار.
ويحضر وزير النفط الجزائري الجديد نور الدين بوطرفة لإنجاح المؤتمر المقبل الذي إذا فشل سيؤدي الى المزيد من التدهور في سعر النفط. وكان بوطرفة زار دولاً عدة منها ايران وروسيا والتقى في باريس نظيره السعودي خالد الفالح والأمين العام لـ «اوبك» من أجل إيجاد أفكار لكيفية التوصل الى إنجاح هذا المؤتمر والتوصل الى تجميد الانتاج عند سقف معين. ولكن العائق حالياً هو إيران التي تسيّس الموضوع وتطلب حصة غير واقعية. فإيران تطالب بأكثر من ١٣ في المئة من انتاج «اوبك» او ٤٥ في المئة من الانتاج السعودي، اي انها تطالب بحوالي ٤.٥ مليون برميل في اليوم في حين انه لا يمكنها أن تبلغ هذا المستوى من الإنتاج. فالكل يعلم أن إيران وقبل العقوبات لم تنتج إلا في فترة قصيرة جداً ٤ ملايين برميل في اليوم وأن أقصى طاقتها من الإنتاج التي بلغتها قبل العقوبات كانت ٣.٨ الى ٣.٩ مليون برميل. فحقول نفط إيران قديمة تحتاج الى ضخ كميات هائلة من الغاز وتحتاج الى تطوير من الشركات الأجنبية التي ما زالت تنتظر لترى شروط العقود واذا كانت جاذبة للاستثمار فيها وهذا سيحتاج الى وقت طويل. فادعاء ايران أنها تريد حصة تمثل ١٣.٣ في المئة من إنتاج «اوبك» او ٤٥ في المئة من انتاج السعودية هو شرط تعجيزي يعيق التوصل الى اتفاق. والجميع يعرف أن فشل مؤتمر الجزائر سيكون بسبب الموقف الإيراني. ويرى في هذا الإطار أحد كبار خبراء النفط الجزائري الوزير الجزائري السابق نور الدين آيت الحسين ان غالبية المراهنين في سوق النفط ترى انه اذا فشل مؤتمر الجزائر سيكون هناك انهيار في أسعار النفط.
نقل عن وزراء النفط في روسيا وفنزويلا وحتى الجزائر بعض الاستياء من الموقف الإيراني. فالكل يعرف أن ايران لا تستطيع إنتاج الكميات التي تطالب بها. فإما أن إيران تعتمد أسلوب تاجر البازار الذي يضع السعر المرتفع للحصول على اقل كما يبيع السجاد، او أنها تبالغ بتسييس الأمور لإعاقة اتفاق يعاقبها اولاً واخيراً لأن ايران في حاجة الى رفع سعر النفط. ومنذ اجتماعي الدوحة لعدد قليل من الدول المنتجة رأينا مرونة في موقفي السعودية وروسيا في بذل الجهد للحد من المعروض في الأسواق مع جميع الدول المنتجة فيما ايران تعتمد النهج التعجيزي. والجزائر تبذل جهوداً ديبلوماسية لإقناع الجميع انه ينبغي التوصل الى اتفاق وإلا انهارت الأسعار. ولكن توتر التصريحات السياسية الإيرانية إزاء السعودية لا يدعو الى التفاؤل رغم الجهد الجزائري. أما المسألة الأخرى بالنسبة الى مؤتمر الجزائر انه حتى الآن لم يقرر الوزراء بعد الشهر الذي يجب ان يجمد فيه مستوى الانتاج ويبدو ان هناك سيناريوات مختلفة يتم درسها. وإذا فشلت «أوبك» في سعيها الى إزالة الفائض في الأسواق سيكون ذلك بسبب ايران والكل في القطاع النفطي يعرف ذلك. فلا أحد يمكنه ان يخفي حقيقة قدرة انتاج نفط بلده. وحتى في غياب الشفافية على هذا الصعيد يملك خبراء النفط والشركات العالمية معلومات دقيقة عن قطاع النفط في الدول النفطية المهمة.
إن موعد الجزائر سيكون مهماً بسبب حضور روسيا من خارج «أوبك» ومشاركتها في المنتدى العالمي للنفط الذي تستضيفه الجزائر، مع أن روسيا حليفة لإيران في حربها في سورية.