Site icon IMLebanon

هل هي حرب صليبية أرثوذكسية على المسلمين السنّة؟

كيف تلقّى الجانب الروسي الانتقاد الذي وجهه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، للتدخل العسكري الروسي في سوريا، في رسالته بمناسبة رأس السنة الهجرية، والتي اعتبر فيها أنّ هذه الحرب المنضوية تحت شعار «الحروب المقدَّسة»، تهدف الى زعزعة وحدة المسلمين، والعلاقة بينهم وبين المسيحيين الأرثوذكس؟

فيما تجاوزت وسائلُ الإعلام المحسوبة على فريق الثامن من آذار رسالة المفتي تجاه التدخّل الروسي، حرصاً على العلاقة الدافئة مع دار الفتوى وشيخها الدريان بعد سنين من العلاقة المضطربة مع المفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني والتي تأرجحت بين العداء المطلق إبان حكومة السنيورة والإلتحام الايجابي في زمن المعارك مع دار قريطم، إلّا أنّ دوائر القرار الروسية المعنية بالحرب على الإرهاب تمعّنت في قراءة هادئة لرسالة المفتي خصوصاً لما ورد فيها بالحرف: «لا نريد أن نفقد شبابنا ووحدتنا، وعيشنا المشترَك أيضاً، في الحروب المقدَّسة التي تُشنّ على شعوبنا وبلداننا…

فنحن كنا نظن أنّ الحروب المقدَّسة تشنها إسرائيل ويشنها «داعش»، وتُضاف إليها الآن، بل ومنذ مدة، حروبٌ أخرى لها العنوان نفسه، وهدفها الأول، زعزعة وحدة المسلمين، والعلاقة بين المسلمين والأرثوذكس»، في إشارة للتدخّل الروسي في سوريا.

ويعلّق مصدر في قوى الثامن من اذار الحريصة حتى الساعة على أفضل العلاقات مع دار الفتوى بالقول: «الأرثوذكس جزء من هذه البلاد ولهم فيها ما لنا وربما أكثر، ولقد سبقونا الى هذه الأرض. أما الخلاف مع الإدارة الروسية عند البعض فلا يجب أن يحرف وجهة نظر الصراع السياسي وتحويله كما لو انه صدام ديني، فـ»داعش» لا دين له».

وإذا كانت الادارة الروسية ومعها اصدقاؤها اللبنانيون والسوريون قد تجاوزوا عن سابق إصرار كلامَ المفتي دريان، إلّا أنّ موقفهم من «هيئة العلماء المسلمين» التي نفّذت تظاهرة أمام السفارة الروسية رفضاً للتدخّل الروسي في سوريا مختلفٌ جداً وفيه كلام أكثر وضوحاً، حيث تصف مصادر «ممانعة» التظاهرة بأنها «خارجية بجلباب علماء لبنانيين»، وتذهب الى حدّ التذكير أنّ أفراداً من هذه الهيئة تنطبق عليهم صفة الارهاب بحكم المحكمة العسكرية اللبنانية التي سطّرت أحكاماً بحقّ البعض منهم وعلى سبيل المثال لا الحصر ابراهيم الأطرش، فضلاً عن دور لبعض أركان الهيئة في إيواء وتهريب إرهابيين منهم أحمد الأسير.

وعليه يخلص الروس واصدقاؤهم الى أنّ موقف دريان جزءٌ من موقف المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية، أما تظاهرة هيئة العلماء المسلمين فأشبه برسالة إقليمية في بريد السفارة في بيروت.

وفيما ربطت أوساط ديبلوماسية عربية بين انتقادات دريان للتدخّل الروسي في سوريا، وفشل زيارة الوفد السعودي الرفيع برئاسة ولي ولي العهد محمد بن سلمان الى موسكو، تكتفي المصادر الروسية بربط موقف دريان بالمؤسسة الدينية السعودية وليس الحكومة التي تواصل الحوار معها على أعلى المستويات وتتفاهم معها في بعض الملفات والقضايا فيما تختلف في الساحة السورية.

وفيما ترفض الإدارة الروسية تشبيه حربها على الإرهاب بالحملات الصليبية تؤكد أنّ تحريفاً قد جرى من بعض وسائل الإعلام في ترجمة موقف الكنيسة التي باركت كلّ الحروب على الإرهاب ومنها داعش سواءٌ كانت بسواعد ارثوذكسية او حتى مسلمة سنّية.

وعن القلق من تكوين عداء للجانب الروسي مع مليار مسلم سنّي على خلفية الحرب في سوريا، يذكّر المصدر الروسي بموقف جمهورية مصر العربية التي يقع فيها «الأزهر الشريف» رأس الإفتاء للمسلمين السنّة حول العالم، من التدخل الروسي في مكافحة الإرهاب على الاراضي السورية.

وعليه يبدو أنّ الرئيس فلاديمير بوتين قد دخل الحرب على الإرهاب في سوريا متسلِّحاً بثالوث مصري – إماراتي – أردني يشكل مظلة «سنّية» تمنع إلصاق تهمة الصراع المذهبي كما حصل مع إيران و«حزب الله».