برّي يتمسّك بالسلّة الواحدة و14 آذار تحذّر من المؤتمر التأسيسي
هل تفجّر خلوة آب هيئة الحوار وتضع البلد أمام طريق مسدود؟
السؤال المركزي: لماذا لا يؤمّن نواب تكتل التغيير والإصلاح و«حزب الله» نصاب جلسة الانتخاب إذا كانوا يريدون عون رئيساً
لا يعوّل مرجع سياسي بارز أية أهمية على الخلوة التي دعا إليها الرئيس نبيه برّي في 2 و3 و4 من أول أيام شهر آب المقبل، بل ويميل إلى الاعتقاد بأن هذه الخلوة قد تكون الأخيرة في سلّم اجتماعات هيئة الحوار الوطني التي كان رئيس المجلس عرّابها، وحرص على أن تستمر إجتماعاتها الدورية ولو بين الألغام، لإيمانه بأن لا بديل عنها سوى زيادة الانقسام السياسي بين أطراف الأزمة المحتدمة منذ بدأ الشغور في رئاسة الجمهورية قبل سنتين وثلاثة أشهر تقريباً، لا سيما وأن الرئيس برّي سيطرح على هذه الخلوة تسوية متكاملة وفي سلّة واحدة تشمل انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية وهو يعلم بأن ثمّة استحالة في مثل هذا الاتفاق، لأن فريق 14 آذار لا يفضّل وحسب بل ويصرّ على إعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس على أن يُصار بعد ذلك إلى الاتفاق على قانون الانتخاب الجديد.
ولا يستبعد المرجع السياسي البارز في حال تمسّك الرئيس برّي بالسلّة الواحدة، أن يكون يمهّد بذلك للمؤتمر التأسيسي الذي ما زال حزب الله يتمسّك به، ويعطّل الانتخابات الرئاسية وحتى قانون الانتخابات، الأمر الذي جعل قوى 14 آذار ترفض مبدأ السلّة الواحدة، وتحذّر رئيس المجلس من الإصرار عليها، بدلاً من إعطاء الأولوية لملء الشغور في رئاسة الجمهورية.
وفي حال صحّت توقعات المرجع السياسي البارز فإن مكتوب الخلوة قُرئ من عنوان السلّة الواحدة، ولن يكون أمام هيئة الحوار في الخلوة المقررة في الأيام الثلاثة الأولى من شهر آب المقبل سوى «نفض اليد» من الحوار، وعودة شد الحبال بين الفريقين المتصادمين إلى أن يتبيّن الخيط الأبيض الإقليمي من الخيط الأسود، وذلك في ظلك توافر معلومات جديدة لدى المرجع السياسي نفسه عن وصول المساعي الفرنسية مع إيران لحملها على تسهيل عملية انتخاب رئيس للبنان قد وصلت إلى الطريق المسدود وأن وزير خارجية فرنسا الذي زار لبنان مؤخراً نقل هذه الصورة السوداوية إلى عدد من القيادات اللبنانية التي التقاها في السفارة الفرنسية.
ويُلاحظ المراقبون أن معلومات هذا المرجع تتلاقى مع معلومات رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي لا يزال يتبنّى إيصال العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا في شأن الموقف الإيراني الرافض لانتخاب رئيس للجمهورية حتى ولو كان حليفها رئيس تكتل التغيير والإصلاح نفسه، والذي يعبّر عنه بشكل واضح موقف حزب الله الرافض للنزول إلى مجلس النواب وتأمين النصاب المطلوب لانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، بعدما نجحت الاتصالات الأخيرة في إزالة معظم الألغام من طريق وصوله إلى قصر بعبدا ومنها الموقف الجنبلاطي الذي عبّر مؤخراً وبعد اجتماعه مع الدكتور جعجع عن عدم ممانعته في انتخاب مؤسس التيار البرتقالي رئيساً للجمهورية، مساهمة منه في وقف النزف اللبناني الناجم عن استمرار الشغور في الرئاسة الأولى، وعزل هذا البلد عن تداعيات ما يحصل في الإقليم، ولا سيما ما يحصل في سوريا وما يمكن أن يحصل من تطورات بعد الركود الذي أصاب الاتصالات الأميركية – الروسية على الملف السوري، ومع ذلك لا يزال المراقبون ومنهم متابعون في التيار الوطني الحر يعلّقون آمالاً على المساعي التي يقوم بها المقرّبون من العماد عون والداعمون لوصوله إلى قصر بعبدا، وفي مقدمهم رئيس حزب القوات اللبنانية الذي كما يقول هؤلاء المتابعون تلقى أصداء واسعة من الإيجابية، لا سيما على صعيد دول عربية وأجنبية مؤثّرة في مسار الأزمة الداخلية، التي كانت مواقفها سلبية من مؤسس التيار البرتقالي ومن وصوله إلى قصر بعبدا، ومنها على سبيل المثال المملكة العربية السعودية التي لم تعد تُبدي أية معارضة لانتخاب الجنرال إذا كان يحظي بالإجماع وحتى بالأكثرية المطلوبة، كذلك الأمر بالنسبة إلى دولة كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا اللتين كانت لهم تحفظات على عون بسبب «إرتباطه الوجودي» بحزب الله وحليفته إيران، أضف إلى ذلك كله الموقف الإيجابي للنائب وليد جنبلاط والمواقف المماثلة لفريق أساسي داخل نواب تيّار المستقبل، والذي في حال حصول تبدّل في موقف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري يصبح انتخاب عون مضموناً، إلا في حال خرج رئيس المجلس نبيه برّي من تحالفه مع جنبلاط، والتزم خيارات حزب الله الذي ووفقاً لما أكده رئيس حزب القوات لا يقبل بانتخاب عون رئيساً للجمهورية، حتى وإن تظاهر تكتيكياً بأنه لا يزال مرشحه الوحيد لهذا الموقع.
مصادر مقرّبة من الرئيس برّي ترد على ما يُساق من تشكيك في موقفه بسبب إصراره على سلّة الحل الواحدة، بأنه انطلق من هذا الموقف بعدما استنفد كل المبادرات واقتراحات الحلول الأخرى، مع تأكيده الدائم والثابت على الإلتزام باتفاق الطائف والعمل تحت سقفه بصرف النظر عن كل الطروحات الأخرى ما يُؤكّد أنه يسعى لتسهيل الوصول إلى لبننة الاستحقاق وانتخاب رئيس جمهورية، وليس الدخول في متاهات المؤتمر التأسيسي وما يُثار من هواجس عن فريق من اللبنانيين لا يزال يتمسك بطرح سابق لأمين عام حزب الله جاء في معرض ردّه على طروحات الفريق الآخر وما لبث أن تراجع عنه وأبدى كل استعداد للدخول في تسوية حول انتخاب رئيس للجمهورية من منطلق التزامه بترشيح حليفه العماد عون.
على أي حال، وفي مطلق الأحوال فإن دعوة برّي للإتفاق على سلّة حل واحدة، لا تقتصر على رئاسة الجمهورية وإنما تشمل أيضاً قانون الانتخاب أثار شكوك فريق 14 آذار وفرمل إلى حدّ بعيد الاتصالات الجارية لإيصال مؤسس التيار البرتقالي إلى قصر بعبدا، ويأتي تعطيل نصاب جلسة اللجان المشتركة مؤشراً كافياً على ما ستؤول إليه الأمور.