هل تتحوّل غارة القنيطرة وردّ الحزب عليها مادة خلافية؟
وزراء 14 آذار سيثيرون الموضوع من منطلق الإلتزام بالقرار 1701
هل يأخذ «حزب الله» بنصائح أصدقائه ولا يرد على الغارة الاسرائيلية من لبنان منعاً لأي تداعيات لا يتحملها الوضع الداخلي؟
فيما التزم حزب الله الصمت لليوم الثاني على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت ستة مقاومين وستة آخرين من الحرس الثوري الإيراني في مزرعة أمل إحدى قرى منطقة القنيطرة السورية رغم الأسئلة الكثيرة التي طرحت في الوسط السياسي اللبناني حول مكان وزمان وطبيعة رد الحزب على الضربة الاسرائيلية الموجعة ووسط سيل التمنيات من رئيس الحكومة تمام سلام ومن رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط للتفكير جيداً قبل الاقدام علي أي رد من داخل الأراضي اللبنانية على اعتبار أن الغارة حصلت داخل الأراضي السورية، في هذا الوقت جاء الرد من طهران وهو الأعنف منذ الغارة على لسان القائد العام للحرس الثوري محمد علي جعفري أكد فيه أن «على اسرائيل أن تنتظر عاصفة مدمرة بعد جريمتها في القنيطرة».
هذا الموقف الايراني العنيف خلق حالة إرباك داخل الساحة اللبنانية وعند كبار الرسميين كونه رسالة موجهة إلى حزب الله المرتبط بالدولة الايرانية لكي يكون الرد على الغارة الاسرائيلية عنيفاً ولا يقتصر كما تردد أمس على عملية استخبارية بسيطة مراعاة من الحزب للوضع اللبناني الداخلي من التداعيات المفتوحة على أكثر من احتمال في ضوء المعلومات المؤكدة عن استعدادات الجيش الاسرائيلي على حدوده الشمالية مع لبنان والاستنفار العام في صفوفه الذي اتخذته قيادة هذا الجيش تحسباً لأي طارئ أو احتمال يحصل من الجنوب في اتجاه الداخل الاسرائيلي.
وسط هذه الأجواء المحمومة تردد على لسان بعض وزراء الحكومة السلامية ينتمون إلى فريق الرابع عشر من آذار أن موضوع رد حزب الله على الغارة الاسرائيلية سيطرح على طاولة مجلس الوزراء في جلسته بعد غد الخميس على خلفية إعلان بعبدا التي نصت على تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية أو على الأقل لمنع تداعيات ما حصل داخل الأراضي السورية على لبنان كون الغارة لاسرائيلية لم تستهدف الأراضي اللبنانية.
وفي هذا الإطار أكد وزير العمل سجعان القزي في تصريحات له أمس أن موضوع الغارة وردّ حزب الله عليها يجب أن يكونا مدار نقاش في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، حرصاً على تحييد لبنان أو على الأقل لمنع تداعيات ما حصل داخل الأراضي السورية من أن يؤدي إلى اعتداء اسرائيلي واسع على لبنان تماماً كما حصل في العام 2006 والذي انتهى بدخول اسرائيل الى ما بعد جنوب نهر الليطاني، ولم تنسحب منه إلا بعد قرار مجلس الأمن 1701 وحلول قوات اليونيفل محلها.
لكن الوزير القزي يعترف في ذات الوقت بأن إثارة هذا الموضوع في مجلس الوزراء لا يغيّر شيئا بالنسبة لقيادة حزب الله في حال قررت الرد على الغارة الاسرائيلية من لبنان، متوقعاً أن تثير القضية خلافاً في الجلسة.
ومع ذلك يبقى السؤال الأساسي مطروحاً على حزب الله الذي لا يزال منشغلاً بتشييع شهدائه وبتقبّل التعازي وهو هل يأخذ بنصائح أصدقائه ولا يرد على الغارة الاسرائيلية من لبنان وذلك منعاً لأي تداعيات لا يتحملها الوضع الداخلي، أم أنه سيضرب بها عرض الحائط ويتخذ القرار الذي تمليه عليه الحكومة الإيرانية والتي يبدو من خلال المواقف التي صدرت عنها حتى الساعة وبخاصة موقف رئيس الحرس الثوري أنها لا تهتم بلبنان بقدر ما يهمها أن يكون رد حزب الله على الغارة الاسرائيلية في المكان المناسب له وأن يكون موجعاً جداً خلافاً للنصائح التي تقول بأن يكون الرد استخبارياً ومحدوداً بحيث يؤدي إلى حرب واسعة داخل الأراضي اللبنانية لا يقوى لبنان على تحمل نتائجها.
وتعقيباً على هذا الوضع المفتوح على كل الاحتمالات يسأل فريق في قوى 14 آذار عن جدوى استمرار الحوار بين تيار المستقبل والحزب في ظل اعتبار الثاني لبنان ككل تفصيلاً صغيراً في المشهد الإقليمي، وهو يتصرف على هذا الأساس بينما المطلوب منه العودة إلى كنف الدولة اللبنانية، ورأى هذا الفريق أن الحزب يعتبر نفسه مستفيداً من هذا الحوار لشراء الوقت وفي تأمين نوع من الغطاء في الداخل يمكنه من المضي في مخططاته في الخارج كما أنه أخذ من الحوار الكثير ولم يقدّم شيئاً فيما وضع تيار المستقبل ثقله لكي يضمن نجاح هذا الحوار وليس في تنفيس الاحتقان المذهبي بل في توسيع هذا الحوار بحيث يتحوّل إلى حوار وطني يؤسس لقيام اتفاق شامل أشبه باتفاق الدوحة وربما أكثر منه بقليل أو بكثير.