تترك تداعيات الحرب في سوريا آثارها على الداخل اللبناني، وبالتالي، فإن الخلافات واضحة المعالم، وهذا ما يُبقي ثغرة كبيرة في سياق العلاقات بين تيار «المستقبل» و«حزب الله». والنقطة الخلافية الأبرز، والتي لم يشملها الحوار الحاصل بين الفريقين، التدخل العسكري لـ«حزب الله» إلى جانب النظام السوري. وعُلم في هذا السياق، أن الجلسة الأخيرة لامست هذا الموضوع من منطلق الحديث عن خلق استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، لكن أحد المتابعين لمسار هذا الحوار، يقول أن بحث الشأن السوري من كل جوانبه ومن كل المنطلقات لن يحصل، لأننا ندرك أنه شأن إيراني وإقليمي.
وأما التداعيات أو الإنعكاسات الأبرز للحرب السورية على الداخل اللبناني، فإنها تتمثّل على الصعيد الدرزي في ضوء ما هو حاصل في درعا أو في السويداء أو في معظم القرى والبلدات الدرزية، وصولاً إلى الجولان. وهذا ما ترك خطورة متباينة على صعيد العلاقة بين القيادات الدرزية في لبنان من خلال سلسلة محطات، أولها العلاقة بين النائبين وليد جنبلاط وطلال إرسلان، وهذا ما تظهّر بشكل جلي في مواقفهما، إذ وبعد التصريح الناري الذي أدلى به رئيس الحزب الإشتراكي، وقال فيه أنه سيكون إلى جانب أخر مواطن سوري يقاتل بشّار الأسد، ردّ عليه النائب إرسلان بشكل فوري في مؤتمر صحافي تحدّث فيه عن تاريخ الدروز في الجولان وجبل العرب، كما تحدّث عن المقاومة وعن الممانعة، داعماً النظام السوري، ومؤكداً أن الدروز إلى جانبه.
وفي هذا الإطار، تقرأ أوساط درزية رفيعة ، بأن النائب إرسلان في ردّه الفوري هذا إنما هو ينفّذ رغبة النظام السوري و«حزب الله»، لا سيما وأن ما حمله هذا المؤتمر يصبّ في هذه الخانة، واعتبر بما معناه أن ما قاله رئيس «اللقاء الديمقراطي، لا يعبّر عن الموقف الدرزي تجاه دروز سوريا وقسم من لبنان. كذلك، فإن إرسلان كان التقى منذ فترة قليلة الرئيس السوري بشار الأسد لمرتين متتاليتين، هذا بالإضافة إلى البيان الذي كان أصدره شيخ العقل ناصر الدين الغريب المعيّن من قبل إرسلان، والذي ينتقد فيه زعيم المختارة من دون أن يسميه، ويدافع عن المقاومة والنظام السوري، الأمر الذي ترك استياءً كبيراً لدى مناصري الحزب التقدمي الإشتراكي ورئيسه.
أما على صعيد المواقف الأخرى لبعض القيادات الدرزية، فإن أوساط رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب، فتشير إلى أنه، وبمعزل عن التباينات السياسية والمواقف من هذه المسألة وتلك، فإنه ملتزم ومتمسّك بوحدة الطائفة الدرزية وبحكمة المشايخ ودورهم وعقلانيتهم ورأيهم السديد في كل القضايا، لأنه يجب مراعاة ظروف أهل الجبل وعدم الإنزلاق إلى اي فتنة أو ما شابه تحت أي سبب أو معطى.
وتختم الأوساط نفسها، مشيرة إلى أن الموقف الأخير للنائب جنبلاط من النظام السوري يُعتبر الأعنف منذ فترة طويلة، ويُنقل عن أحد السياسيين المقرّبين منه ومن قوى 14 آذار، بأن ما تطرّق إليه سيد المختارة حظي بترحيب لدى أوساط الرابع عشر من آذار و«بيت الوسط» إضافة إلى دول الخليج بحيث يمكن أن يُبنى عليه في سياق إعادة خلط الأوراق السياسية، خصوصاً على مستوى علاقة النائب جنبلاط بـ«حزب الله»، والتي تعتبر في هذه المرحلة عادية جداً وفاترة، إنما الخلاف بين الطرفين منظّم كونه لا يتناول سلاح الحزب ومشاركته في الحرب الدائرة في سوريا على غرار الموقف الذي كان أطلقه الرئيس سعد الحريري في خطابه في «البيال»، بل من مكان محدّد لا يُغضب «حزب الله»، في حين أنه يعلن في مجالسه ولقاءاته بالديبلوماسيين العرب والغربيين مواقف مشابهة لتلك التي أطلقها مؤخراً.