فعلاً رفع الغطاء السياسي عن رئيس «أوجيرو» لتتم ّمحاكمته على هذا النحو في اجتماعات لجنة الاعلام والاتصالات بحضور ممثلين عن المستقبل ام ان ما يجري في اجتماعات اللجنة «زوبعة» لا تختلف عن تلك التي اطلقها الحزب التقدمي الاشتراكي ضد الوزير نهاد المشنوق لغايات ومكاسب سياسية وفي اطار التجاذب الواقع بين السراي والمختارة، وهل فعلاً ستكمل لجنة الاتصالات عملها وتحقيقاتها لكشف سبر وأغوار هذا الملف الذي شكل فضيحة مدوية يصعب للدولة تجاوزها وتخطيها؟ حتى الساعة يبدو العمل جدياً وبحسب مصادر متابعة، على طاولة لجنة الاعلام والاتصالات في مجلس النواب ولا تراجع او نية لدى الممسكين بزمام الفضيحة قبل اماطة اللثام عن حقيقة الملف الفضيحة في الاتصالات، وحتى الساعة ايضا فان عبد المنعم يوسف رئيس أوجيرو هو المتهم الرئيسي في الملف قبل سقوط الرؤوس الكبيرة الأخرى كما وعد رئيس اللجنة حسن فضل الله اللبنانيين. ولكن هل أيعنت فعلاً لحظة سقوط عبد المنعم يوسف وماذا سيكون المستقبل من القضية؟
قبل الاجابة عن السؤال لا بد من العودة الى عبد المنعم يوسف قبل سنوات، فالرجل كان يحظى دائما بمظلة المستقبل وحمايته على حدّ قول المصادر، وكان يعرف انه رجل «فؤاد السنيورة» في تيار المستقبل وفي الادارة، ورئيس «أوجيرو» كان محور خلاف المستقبل والتيار الوطني الحر، واسمه ارتبط بملفات وقضايا وكان من الشخصيات الاساسية في المستقبل وركناً يعتمد عليه في المواجهات والكباش بين المستقبل والتيار الوطني الحر. ولأن رئيس أوجيرو حظي بغطاء المستقبل فان اسقاطه لطالما شكل عملية معقدة للتيار الوطني الحر. اما اليوم فالأمور اخذت منحى مختلفاً وصار منعم يوسف في مرمى كل السياسيين والقوى السياسية.
ولعل الجلسة الأخيرة كشفت النوايا السياسية تضيف المصادر بعدما أجمع جميع الحاضرين تقريبا على تحويل يوسف من شاهد الى متهم تم نبذه واخراجه من الجلسة، فالنائب وليد جنبلاط هو رأس الحربة في الحملة على رئيس «أوجيرو» ومداخلات الوزير وائل ابو فاعور توحي بالنوايا الاشتراكية حياله، وتيار المستقبل الى حد ما رفع الغطاء عنه باستثناء الرئيس فؤاد السنيورة بعدما ثبت للبعض ان للرجل تاريخ في الملفات وفي حقه مسلسل طويل من الدعاوى والارتكابات وان الرجل «جسمه لبيس»، وهذا ما بدا وضحاً من حشر الرجل في الجلسة النيابية وهجوم الجميع عليه حيث لم يجد من يسانده او يدافع عنه الا الوزير بطرس حرب.
وفي حين يعتبر البعض ان المستقبل لن يخوض معركة بالنيابة عن يوسف وان تيار المستقبل الذي يراقب الحملة الهوجاء على رئيس أوجيرو لن يتمسك به وسيكون سهلاً عليه التضحية به، باعتبار ان احتراق الأخير أهون الشرور وأفضل ربما من حرق أوراق غيره، خصوصاً ان الضحية وقعت وكثر الجلادون والموضوع تعدى التيار الوطني الحر الذي كان أول المطالبين في الحقبات السابقة بمحاسبته وان النائب زياد أسود لم يتردد بطلب السجن له رافضاً الجلوس الى جانب مشتبه به على طاولة واحدة، فثمة من يرى ايضاً ان لدى المستقبل حسابات اخرى عالقة بينه وبين رئيس أوجيرو الذي تمرد على المستقبل في اكثر من مناسبة وتخطى حدوده وعرقل ملفات تتعلق بالمستقبل، كما ان سعد الحريري الذي لا تكفيه مشاكله المستجدة مع النائب وليد جنبلاط بعد مشكلة المشنوق والحزب الاشتراكي يفضل ربما التضحية او تحييد نفسه عن خوض معركة يوسف خصوصاً ان الأخير ازداد نطاق مشاكله مع كل القوى السياسية وخصوصاً جنبلاط وسمير جعجع وصولاً الى المؤسسة العسكرية، كما ان الملف كبير ومعقد ومتشعب بعدما ظهر في اجتماعات لجنة الاعلام والاتصالات النيابية حقائق مخيفة متصلة بملف الانتيرنت غير الشرعي فالتجهيزات التي تم استخدامها في المحطات المرتكبة تم ادخالها الى لبنان ببيانات مزورة وتلك مصيبة وكارثة وتستدعي تحقيقاً مفصلاً ومطولاً يطال القوى الأمنية والمسؤولة، في حين ان وجهة النظر الأخرى تعتبر ان ما كتب قد كتب في ملف الانترنت وان الرجل الذي ربح دعاوى كثيرة سابقاً سيكون من السهل عليه ان يخرج من الفخ الذي نصب له.