تواجه المملكة العربية السعودية مع بداية العام 2015، في رأي متابعين أميركيين لأوضاع الخليج ودوله، تحديات أكبر من التي واجهتها العام الماضي. التحدّي الأول هو معاناة عاهلها عبد الله بن عبد العزيز التهاباً رئوياً حادّاً استدعى نقله إلى المستشفى. وعلى رغم البيانات الطبية والملكية المؤكّدة استقرار حاله الصحية فإن خطر تدهورها لا يزال ماثلاً بدليل اضطرار الأطباء إلى مساعدته على التنفّس بواسطة أنبوب. ويشكّل مرضه تحدّياً مهماً لأن عدم نجاته من وعكته، لا سمح الله، سوف يفتح باب خلافته على مصراعيه. ويخشى العرب المراهنون على المملكة وحلفاؤها في العالم أن يُنتج خلافات داخل العائلة المالكة كانت موجودة دائماً. وقد يكون ذلك بمحاولة عدم التزام “هيكل” الخلافة الذي وضعه الملك عبد الله تحسّباً منه للمستقبل. ويخشون أيضاً أن تكون الخلافة صعبة وانعكاساتها سلبية. علماً أن عدداً منهم يرجح أن تكون هادئة رغم الخلافات المحيطة بها. أما التحدّي الثاني فهو دخول السعودية حرب أسعار النفط مع المنتجين الأميركيين لـ”النفط الصخري”. وهو دخول يسمح به احتفاظ المملكة وحليفتيها الكويت والإمارات العربية المتحدة باحتياطات مالية نقدية تزيد عن تريليون دولار أميركي. علماً أن منتجي النفط الآخرين في منظمة “اوبك” لن يتمكنوا ربما من النجاة من “العاصفة السعرية” بسهولة. وعلماً أيضاً ان انخفاض سعره بنسبة 50 في المئة يعرّض إيران إلى ضغط مالي كبير ومعها حكومة العراق ذات “الأكثرية” الشيعية. والدولتان هما المنافِستان الرئيسيتان مذهبياً وطاقةً للسعودية. إنطلاقاً من ذلك ليس متوقعاً أن يتعرّض اقتصاد السعودية وأمنها إلى تهديدات جدية في السنوات الثلاث المقبلة، ذلك أنها خططت بحرص ودقّة وكوّنت احتياطات مالية ضخمة الأمر الذي يساعدها على التركيز، ليس فقط على مواجهة إيران أو ردّ ضرباتها، بل على إعادة بناء علاقات جدّية وقوية وثابتة مع اللاعبين السنّة في منطقة الشرق الأوسط الذين ضعفوا في السنوات السابقة.
ما هي الاستراتيجيا التي ستعتمدها المملكة في هذه المرحلة؟
يجيب الباحثون والمتابعون الأميركيون أنفسهم أن استراتيجيتها التقليدية كانت دائماً تقضي بدعم المجموعات العربية السنية المحافظة دينياً كما المجموعات السلفية التي كانت تقليدياً بعيدة من السياسة. وإيديولوجيتها السنية المحافظة، كانت مفيدة للمملكة في تنافسها مع إيران الإسلامية الشيعية ووكلائها الشيعة. وتشجيع السلفية وتعزيزها استُعمِل أيضاً لتحديد انتشار الإسلاميين المعتدلين أيديولوجياً مثل “جماعة الإخوان المسلمين” والمنظّمات أو الجمعيات المنبثقة منها. وترى الرياض في هؤلاء كلهم تهديداً بسبب نجاحهم في إرساء أساسات دعم ونضال من أجل تحقيق عدد من الإصلاحات الديموقراطية. لكن مع ظهور الضغوط الإقليمية الخارجية وتصاعدها بدأت المملكة العربية السعودية إعادة تقويم علاقاتها مع “جماعة الإخوان”، وما دفعها إلى ذلك التهديدات الداخلية التي بدأ السلفيون الجهاديون يشكّلونها لها، والرغبة الشديدة في تحديد المكاسب التي حققها أخصامها، والتي يعملون لتعزيزها مستقبلاً. وقد دفع العاملان المذكوران الإمارات العربية المتحدة إلى مجاراة المملكة في إعادة التقويم وإلى مشاركتها نتيجته.
هل ينطبق توقع الباحثين والمتابعين الأميركيين أنفسهم علاقة جيدة بين السعودية والإمارات و”الإخوان” على الواقع؟
بعض الإسلاميين العرب أكّد قبل هذا التوقع بأشهر أن الودّ مفقود بين المملكة و”الإخوان”، لكنها لا تنفذ حملة استئصال لهم سعوديين كانوا أم وافدين. وذلك يسهّل محاولة تحسين العلاقة السيئة. وبعض العرب غير الإسلاميين أكد أن حملة تطهير سعودية لإدارات عامة ومنها القضاء من “الإخوان” يجري الإعداد لها، وأن الإمارات تشنّ حرباً شعواء عليهم. وبعض المتابعين الأميركيين يعتبرون أن مصالحة قطر والسعودية والإمارات، ثم بدء خطوات مصالحة قطر ومصر بتشجيع من المملكة يدلّان على أن التعاون مع “الإخوان” ممكن. وبعض الإسلاميين والمسلمين غير العرب لا يستبعدون ذلك إذا قبل “الاخوان” أن يكونوا تابعين للمملكة وخطّها مثلما صار “حزب الدعوة” العراقي أساساً خاضعاً لولاية الفقيه الإيراني.