6 تشرين الثاني 2014
قدم الزعماء المسيحيون مشهدا مؤلما وحزينا جديدا على مستوى الطائفة وعلى مستوى موقع التأثير السياسي على خلفية مزايداتهم حول الموقف من التمديد لمجلس النواب خصوصاً مع اعادة فصول اشتداد الخلاف العوني القواتي الى الواجهة والذي دخل حزب الكتائب غماره ايضاً. اعادوا الزمن الى الوراء من حيث حدة المواقف والحرب الكلامية ودخلوا زواريب الصراع المسيحي المسيحي، ولو انه يتوقع ان ينحسر بعد ايام انما تاركاً مزيداً من الاحقاد داخل البيت الواحد، فيما كثر يتطلعون الى ما حجبته جلسة التمديد والمزايدت المسيحية من اجواء استقطبت الاهتمام على ضوء ايجابيات تضمنها من حيث المبدأ خطاب الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاثنين الماضي حين اعلن مد يد الحوار الى تيار ” المستقبل”. فالتناقض فاضح ولا يمكن تجاهله بين محاولات الدعوات الى الحوار بين الجانبين السني والشيعي درءا لمزيد من الشرذمة، ولو لم يحصل أي شيء عملي بعد، وبين مزيد من التباعد المسيحي الذي ان دل على شيء فانما على انه تأكيد المؤكد الذي انهك المسيحيين وأفقدهم دورهم وتأثيرهم. وثانيا بالنسبة الى غالبية عظمى في الداخل والخارج وهو ان هناك استحالة لأي من اطراف النزاع المسيحي الحصول على مباركة جامعة لوصوله الى سدة الرئاسة الاولى وان احدهما يلغي الاخر حكما.
مد اليد من جانب السيد حسن نصرالله لم يجد طريقه الى البحث بعد وتالياً رد الفعل خصوصا انه لا يزال حديثاً جداً ولم يمض عليه يومان وان كان يلاقي في الاصل دعوة مماثلة للرئيس سعد الحريري اطلقها مراراً وجددها اخيراً ابان احداث طرابلس. ومع ان أي دعوة للحوار ومد اليد هي ايجابية من حيث المبدأ وتوجه رسالة طمأنة في حد ذاتها الى عدم وجود أي رغبة في التصعيد السياسي وتاليا الامني فضلا عن الحرص على عدم السماح بانزلاق البلد الى المخاطر الكبيرة الداهمة، فانها تطلق ردود فعل مختلفة: بعضها يرحب انطلاقا من ان اي ايجابية ينبغي ان تقابل بايجابية مماثلة بالحد الادنى من اجل انقاذ البلد وبناء على الاسباب المذكورة آنفا. والبعض الآخر يخفي حذراً كبيراً في ضوء تجارب سابقة أفضت الى نتائج انسحب منها الحزب تحت وطأة اعتبارات مختلفة ما أدى الى عدم ثقة كبيرة بأن اي حوار يمكن ان يؤتي اي نتائج ثابتة خصوصا في مواضيع محددة على رغم الاقرار بان الحوار هو مسار لا بد منه في أي حال.
علام الحوار وما هي المواضيع التي يمكن ان تشمله؟
مضمون الخطاب الذي ألقاه الامين العام للحزب اثار نقاط اهتمام عدة وتركيزه في شكل خاص على موضوع الانتخابات الرئاسية على مستويات عدة يجعلها المنطلق خصوصا في ضوء اثارته تمتعه بتفويض حلفائه الاقليميين لبت موضوع الانتخابات الرئاسية ما يفيد بقابلية واستعداد لبت هذا الموضوع. فلم يصدر اي تعليق او رد فعل في انتظار قراءة او تلمس ما اذا كان عهد للسيد نصرالله من حلفائه باخراج الموضوع لبنانيا في ضوء اتفاق خارجي او بدء الاعداد لذلك. واذ ترجح المصادر السياسية رد فعل ايجابيا، فقد لفتها اشارة السيد نصرالله الى اطراف ثالثين وصفهم بالحلفاء استمع اليهم يقولون بوجوب ان يحصل حوار بين الحزب وتيار المستقبل ما يثير التساؤل اذا كانت هذه الجهات تلعب او ستلعب دور الوساطة، فضلا عن تسميته صراحة العماد ميشال عون مرشحا لرئاسة الجمهورية بعد مراوحة وعدم تبني حليفهم المسيحي للموقع الرئاسي الذي يطمح اليه. فهذه التسمية العلنية تعد تطورا من زاوية اعتبار المصادر السياسية انها بمثابة تبن صريح يفيد بأن عون هو مرشح قوى 8 آذار وان التفاوض الذي يتوقع ان ينطلق بين الحزب والتيار سينطلق او سيستند الى وجوب الاتفاق على اجراء انتخابات رئاسية. وبالنسبة الى قراءة المصادر فان هذه التسمية معطوفة على اقامة حوار يتم فيه الأخذ والرد لا يمكن ان تؤدي ولا يجب ان تؤدي الى تبني تسمية الحزب للعماد عون، والا فان الامر سيكون بمثابة فرض تم رفضه خلال الاشهر الخمسة الماضية على الاقل، بل هي رأت ان اسم العماد عون وضع على الطاولة من اجل بدء التفاوض واطلق او فتح باب المساومة بالشراكة المرتقبة والمتوقعة مع العماد عون وفق ما اشار السيد نصرالله بحيث سيتم الاخذ والرد حول الاثمان الذي يطلبها وهو المعني الاساسي بالتفاوض على الانسحاب ويطلبها حلفاؤه ايضا. هذا ما فهمته المصادر المعنية في الدرجة الاولى من مضمون الخطاب والذي قد يفسر في رأيها اسباب تزايد التوتر في الموقف العوني من التمديد لمجلس النواب باعتبار ان التبني العلني لترشيح العماد عون للرئاسة يعني انه اقفل الباب امام وصوله مما دفعه الى مزيد من التصعيد، علما ان مطلعين يقولون بأن العماد عون كان ابلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق انه لن يعارض التمديد ولن يطعن فيه. وهو ما لوح بكشفه الدكتور سمير جعجع في اطار رده على موقف مخالف لعون من التمديد الذي صعد الموقف في شأنه.
لذلك فان السؤال بالنسبة الى المصادر السياسية يتصل بما اذا كان تصاعد التوتر المسيحي المسيحي هو على خلفية امر مسلم به سلفاً أي التمديد أم على خلفية ما هو آت في قابل الايام؟