لوحظ في الآونة الأخيرة مدى استعادة حيوية العلاقة بين تيار المستقبل ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط بشكل لافت ذكّر بمرحلة الحلف المقدّس بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب جنبلاط والذي امتدّ لاحقاً مع الرئيس سعد الحريري الى حين اقتراع رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي للرئيس نجيب ميقاتي، ما أدى الى خلل في هذه العلاقة وأصابها في مقتل، لكنها تقمّصت من جديد عبر اتصالات ولقاءات، بقيت خجولة في البداية، الى أن بدأت «اللياقة البدنيّة» تعود مؤخّراً على خطّ كليمنصو – بيت الوسط من خلال تطورات وأحداث فرضت نفسها بقوة على الطرفين.
هذا ما تشير اليه اوساط سياسية مقرّبة منهما، اذ بداية ثمة تكامل في الموقف السياسي بين الحريري وجنبلاط بسبب الأحداث في سوريا والنظرة المشتركة بينهما تجاه النظام السوري، اضافة الى الأزمة اليمنيّة حيث كان لموقف جنبلاط الداعم للدور السعودي منطلق آخر نحو استعادة العلاقة التاريخية التي تربطه بالمملكة العربية السعودية، وتناغم موقف الفريقين الأزرق والأحمر حول الحكومة السلامية، بمعنى إصرارهما على استمرارها ودعمها، وبالتالي هما يعارضان الحملات التي تُشنّ عليها ومن داخلها، وخصوصاً من قبل التيار الوطني الحر، ومن هنا كان لجنبلاط اتصال بالحريري منذ أيام حول الشأن الحكومي والتعيينات الأمنية.
وعُلم في هذا الاطار ان لقاء الوزير وائل ابو فاعور بالحريري في جدّة اتّسم بالودّ والايجابية المطلقة، اذ اصطحب الحريري ابو فاعور من القصر الملكي في جدّة الى دارته وكان لقاء مطوّل استمرّ حتى الفجر. وتشير المعلومات الى أن التعيينات الأمنية والشأن الحكومي والأزمة السورية كانوا من أبرز عناوين البحث وسط تطابق في وجهات النظر، على أن تبقى الاتصالات مفتوحة بينهما.
أما ما أعاد هذه العلاقة الى سابق عهدها فقد تمثّل بحسب الاوساط، بأحداث بلدة «قلب لوزة» السورية، حيث سقط عدد من أبناء هذه البلدة من طائفة الموحّدين الدروز، فكانت البداية اتصالاً هاتفياً من الحريري بجنبلاط ثمّن خلاله مواقفه ومشيداً بحكمته، وأُرفق ذلك بزيارة رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة مع وفد نيابي مستقبلي الى كليمنصو، وصولاً الى لقاء موسّع من قبل قيادة الاشتراكي والمشايخ الدروز في راشيا وقيادة تيار المستقبل الى مفتى البقاع وراشيا، ناهيك عن تعاطي اعلام المستقبل مع هذا الحدث بطريقة داعمة للموقف الجنبلاطي من كل جوانبه.
وأخيراً، يُرتقَب، أن تُترجَم هذه اللياقات والمجاملات تؤكد الاوساط، والتي بدورها تحمل اشارات سياسية تحالفية بين الفريقين، في المعطى السياسي وخصوصاً حول الشأن الحكومي والتعيينات الأمنية والحرب السورية وأمور عديدة، في حين يبقى موقف السفير السعودي علي عواض عسيري، والذي أشاد بدور النائب جنبلاط ربطاً بأحداث بلدة «قلب لوزة السورية»، إشارة أخرى في إطار عودة العلاقة التاريخية بيت المختارة والرياض، مع الاشارة الى ان التواصل بين عسيري وجنبلاط لم ينقطع وسبق له أن زاره منذ أيام قليلة في منزله وتناول العشاء الى مائدته، ما يعني أن خطّ المملكة – المختارة سالك بالاتجاهين، وبالتالي لا يُستبعَد أن يقوم النائب جنبلاط بزيارة قريبة للسعودية اذ ليس ثمّة أي أسباب أو عراقيل تحول دون إتمامها.