تجهد منذ فترة المحاولات والوساطات لإجراء مصالحة بين الرئيس سعد الحريري والوزير السابق اشرف ريفي، من دون ان تصل الى مبتغاها لان الخلاف عميق كما تصفه مصادر تيار «المستقبل»، بحيث تشير الى ان ريفي انقلب على الحريري من خلال الانتخابات البلدية في طرابلس، حتى انه عمل على تشويه صورته في بعض البلدان العربية، في حين ان زعيم «المستقبل» قدّم له الكثير ومنها السعي لتوليّ وزارة الداخلية وبعد تسوية نال حقيبة العدل.
وعلى الرغم من نفي هذه المصادر بأن الاتصالات قائمة اليوم لإجراء مصالحة بين الرجلين تحت عنوان إقناع ريفي بالعودة الى عباءة «المستقبل»، لان الاخير هو من انقلب على الحريري وليس العكس كما تقول المصادر المذكورة وتعتبر بأن الرئيس الحريري هو الزعيم السنيّ وسيبقى ولم يأخذ احد منه هذه الزعامة، حتى ولو خفّ وهجها في عاصمة الشمال خلال الانتخابات البلدية الاخيرة، إلا ان اليوم عاد تيار المستقبل الى نصابه في طرابلس وهو يحضّر لمعركة نيابية على أرضية قوية.
الى ذلك تذكّر مصادر سنيّة وسطية بأن الخلاف بات كبيراً اليوم ويصعب حلّه، إلا ضمن الاجتماع المرتقب للقيادات السنّية برئاسة المفتي دريان، وتشير الى تراكمات خلافية بدأت على أثر احتجاج ريفي على عدم تحويل ملف ميشال سماحة الى المجلس العدلي، بحيث إعتبر ريفي بأن قوى سياسية تحاول تعطيل احالة ملف سماحة للمجلس العدلي للمرة الثالثة، واعلن حينها بأنه لن يشارك بأي جلسة حكومية، قبل ان يُدرج موضوع احالة جريمة سماحة الى المجلس العدلي كبند اول في الجلسة.
لكن وزير العدل لم يدرك بأن الرئيس الحريري سيكون له بالمرصاد عبر «تويتر»، اذ فجّر قنبلة سياسية بقوله «أن موقف الوزير ريفي لا يمثلني»، وعلى الاثر إشتعلت مواقع التواصل وصبّت باجمعها مع ريفي، فارتفعت نسبة مؤيديه على حساب الحريري، فإعُتبر حينها زعيماً للسّنة خصوصاً في طرابلس ورقماَ صعباَ في المعادلة النيابية ، بعد تراجع شعبية تيار «المستقبل» في المدينة.
وتتابع المصادر المذكورة بأن «ما زاد الطين بلّة ترشيح الحريري لأحد اقطاب الفريق الخصم أي النائب سليمان فرنجية، وهذا كان كافياً كي يعيد مناصريه الى زمن الاحباط، فدخلوا اطر الانقسام من جديد، ما جعله يخسر البلدات السّنية الواحدة تلو الاخرى، فخف وهجه السياسي، خصوصاً بعد تصريح الامين العام لتيار «المستقبل» احمد الحريري بأن «لا كلمة تعلو فوق كلمة الرئيس الحريري في تيار «المستقبل»، وتبعها مواقف بعض نوابه حين وصفوا ريفي بالحليف الذي لا يمثلهم، وصولاً الى اللقاء الذي جرى بين الحريري وريفي في باريس وكان صاخباً جداً. وبعدها سار الحريري في اتجاه خصومه السياسييّن الذين اصبحوا اليوم ضمن الحلفاء، ما جعل ريفي يطلق بالصوت العالي «لا لكل شخص مرتبط ببشار الاسد ان يتولى رئاسة الجمهورية في لبنان، ولا لكل محسوب على المحور الايراني – السوري»، ثم تبع ذلك الانتخابات البلدية في عاصمة الشمال حيث برز ريفي كزعيم وبالتالي كمسؤول سنّي محبوب جداً ضمن طائفته، وصولاً لرفضه ترشيح العماد عون للرئاسة، فعمل على إقامة التظاهرات لكنه سرعان ما تراجع عن ذلك بطلب سعودي لوقف الهجوم على الحريري والعهد الجديد.
اذا الخلافات تصاعدت وتحولت الى شخصية، والمصالحة بينهما باتت صعبة لكن قد تحصل بصورة فجائية من خلال وسطاء خارجييّن، لان لا شيء في لبنان يوضع ضمن خانة المستحيلات، مع التذكير بأن ريفي يُعتبر من الصقور وهو بالتأكيد سيضع شروطاً على من يجري الاتصالات لعودته الى عباءة «المستقبل» ومن ضمن هذه الشروط ضرورة عودة تيار «المستقبل» الى الخطاب السيادي واعلان رفض السلاح خارج اطر الشرعية بالصوت العالي لا بمحاولات الارضاء، ورفض قتال حزب الله في سوريا، والى إعطاء كامل الحقوق للطائفة السنيّة وتحقيق المساواة بكل اسسها.
وختمت المصادر المذكورة بأن توقيت محاولات المصالحة تؤكد مصلحة «المستقبل» بالتقرّب من ريفي قبل إجراء الانتخابات النيابية، بسبب تخوفها من ان تكون على شاكلة الانتخابات البلدية.