IMLebanon

هل تقرّ روسيا بفشل جهودها بعد مقاطعة المعارضة السورية؟

على وقع العمليات العسكرية في أنحاء متعدِّدة من سوريا، ثمّة ورشة دبلوماسية جارية لتطويقها في أكثر من عاصمة. وموسكو واحدة من الدول التي تقود مسعى لعقد مؤتمر «موسكو واحد» للحوار السوري في ظروف صعبة تواجه فيها رفضاً من أكثرية المعارضين بالمشاركةِ على رغم سعيها الى إشراك غالبيتهم باستثناء «المجموعات الإرهابية». فهل ستنجح؟

تؤكد مراجع دبلوماسية روسية أنّ مساعيَها من أجل عقد مؤتمر «موسكو واحد» لن تتوقف على رغم العوائق التي لا تتنكّر لها. فهي وضعت شروطاً تمنع المعارضة السورية الفاعلة في الداخل وتلك المقيمة في الخارج من المشاركة في المؤتمر في مواجهة ممثلي النظام.

وهي تبحث بدبلوماسيَّتها «السلحفاتية» عن توازن دقيق في الوفد المعارض بين معارضة داخلية وأخرى خارجية معتدلة تناهض في توجهاتها او تنتقد على الأقل سياساتِ الحلف الدولي الذي قام منذ 11 أيلول 2014. ولذلك تعترف المراجع عينها أنّ فشل المؤتمر محتوم اليوم على الأقل في توقيته إذا ما أصرّ الوزير سيرغي لافروف على موعد نهاية الشهر الجاري.

فعلى رغم حركة الإتصالات التي يُجريها مستشارون روس بعيداً من الإعلام قصدوا تركيا والخليج العربي ومدناً أوروبية، إلّا أنهم لم يفلحوا حتى الآن في إقناع أيّ من المعارضات الخارجية بالمشاركة في المؤتمر ما خلا بعض الشخصيات السياسية الأكاديمية الذين عبّروا عن معارضة سياسية ودبلوماسية وإحتجبوا عن «النضال السياسي» منذ أن اتخذت المعارضة اشكالاً عسكرية ودموية.

وفي هذه الأجواء كشف المستشرق والخبير في شؤون الشرق الأوسط فاتيسلاف ماتوزوف أنّ الخارجية الروسية تلقت قبل ايام قليلة موافقةَ خمسةٍ فقط من قادة المعارضة السورية من دون أن يُحدِّد اسماءَهم ومواقعهم ولا تصنيفهم بين معارضة الداخل أو الخارج.

وقال ماتوزوف «على رغم هذا التقدّم البطيء فإنّ روسيا لن تتوقف عن مساعيها لأنها مرتبطة بمصير الحرب والسلم ليس في سوريا فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط والعالم بحيث لن تكون هناك دول بمنأى عما يحصل في سوريا تزامناً مع الأحداث الفرنسية».

وقال أيضاً إنّ «موسكو تجهد من أجل حلّ سلمي وقد سبق لها أن حذَّرت مَن يعنيهم الأمر من كلّ المعنيين أنّ ما يجري على أرض سوريا لن يخدم أحداً في النهاية.

وانّ ايّ مسعى لوقف هذه «الحرب القذرة» سيوفّر على العالم المزيد من المآسي التي ترتسم في الأفق، محمِّلاً المسؤولية الى الولايات المتحدة التي منعت ممثلين للمعارضة الخارجية من التجاوب مع المسعى الروسي ولا سيما قيادة الإئتلاف المعارض، ملمِّحاً الى تصريحات الرئيس الجديد للإئتلاف خالد خوجا الذي أكد أنه لن يحضر وأيّ من أركان الحكومة السورية في المنفى المؤتمرَ في مواجهة النظام انطلاقاً «من أنّ أيّ لقاء مع الحكومة السورية يُعتبَر تشريعاً للنظام»، مستنداً الى ما عبّر عنه رئيس الإئتلاف السابق معاذ الخطيب الذي كان أعلن من على باب الخارجية الروسية موافقته على المسعى الروسي قبل أن يؤكِّد الخطيب أول من أمس أنه لم يعلن ذلك، فزيارته الى موسكو سبقت كلّ التحضيرات الجارية للمؤتمر. وأكد ماتوزوف أنّ «الإنشقاقات في صفوف المعارضة تعيق التوصل الى موقف جديد ونهائي ضمن المهلة المعقودة للمؤتمر».

وأضاف: «لن تدعو روسيا أيّاً من ممثلي «النصرة» و«داعش» فهما بالميزان الروسي منظمات إرهابية وأنّ أيّ اتصالٍ معهم محظورٌ في المرحلة الراهنة والمستقبل أيّاً كانت الظروف التي ستنتجها الأحداث السورية.

وكيف ستترجم روسيا اعتبار «موسكو واحد» تتمة لـ«جنيف 2» وبدلاً من «جنيف 3»؟ أجاب ماتوزوف انه سيشكل بالتأكيد استمراراً لما أنتجه المؤتمرون من قبل ولكن على أساس التفسير الروسي للمرحلة الإنتقالية وليس على أساس الأوروبية وتحديداً الأميركية منه، فالحكومة الإنتقالية التي نصّ عليها «جنيف1» و«جنيف 2» لا يمكن أن تقوم مقام الرئيس الأسد بل بالتعاون معه بالمفهوم الروسي، وهو ما سيؤدّي الى استبعاد حضور مَن يمثل الولايات المتحدة في المؤتمر ويقتصر على مشاركة أُمَمِية لا تتجاهلها موسكو.

وبناءً على ما تقدّم تثبت كلّ المعلومات المتداوَلة أنّ الطريق الى «موسكو واحد» وعرة ومحفوفة بالمخاطر والعقبات فهل ستعترف روسيا بها؟ أم أنها ماضية بالتحضير للمؤتمر بمَن حضر؟