يبدو ان كل المعضلات السياسية والامنية وحتى الاقتصادية تم وضعها على الرف في ضوء تزايد الخوف من هجمات ارهابية في عدد من المناطق في لبنان خصوصا البلدات والمدن الحاضنة لبيئة المقاومة الا ان أمراً مغايراً استجد خلال هذه المدة ودخل على خط الخوف من قيام تفجيرات في ما يسمى مناطق مسيحية، وهذا امر تنظر اليه المصادر الامنية من ناحية جدية نظراً للفكر التكفيري الذي عمد الى تغيير منهجية عمله ومناطق استهدافاته، وفي هذا المجال لا بد من تظهير المشهد في هذه المناطق نحو العلن بعد سلسلة من الاشاعات التي طالت مجمعات تجارية في نهر الموت وضبيه حيث عمدت جهات معينة الى التحذير من وجود انتحاريين مما احدث بلبلة وخوفاً لدى الناس الذين هرعوا الى منازلهم ليتبين فيما بعد ان الامر يمكن ان يشكل جس نبض خصوصاً ان مَن كانوا في هذه المجمعات اعتبروا هذه الاشاعات كعمل تمهيدي للقيام بأعمال ارهابية، وما زاد الطين بلة ان احدى كليات الجامعة اللبنانية في منطقة المتن طالتها الاقاويل نفسها.
ما المقصود من ارهاب الناس معنوياً حتى الساعة؟
هذه المصادر نفسها تعتبر ان لبنان يعيش حالة مفصلية ومعضلة أمنية فريدة في نوعها تتمثل في عدم امكان التصدي لهذا النمط الجديد من الارهاب الذي لا يمكن ردعه حتى في أعتى دول العالم المجهزة تقنياً وعسكرياً، ولكنها تعتبر ان الاجهزة الامنية وضعت جدولاً زمنياً يومياً وفي كل ساعة لمسائل الدهم المتواصل للمخيمات التي تأوي نازحين سوريين وما حصل على طريق رياق – زحلة لأماكن تواجد هؤلاء على الطريق الدولية خير دليل على ان الاجهزة الامنية كافة تأخذ في الحسبان كل المعطيات وحتى مجرد شائعة، وهذا التواجد على هذه الطريق سوف تتم ازالته وابعاده لاكثر من خمسمائة متر الى الوراء تجنباً لاستهداف دوريات الجيش اللبناني من قبل ارهابيين اتخذوا من هذه التجمعات ملجأ لهم ويمكن ان يكون النازحون على غير علم بهم كما حصل في برج البراجنة لكن حسب تحركات القوى الامنية والجيش يبدو العمل جارياً وفق رزنامة محددة في البر والبحر والجو اذ لم تهدأ الطوافات التابعة للجيش طوال الاسبوع المنصرم من التحليق ليل نهار، وبالتالي فان سلسلة من الامور تحدث ولا تريد هذه الاجهزة تخويف الناس حرصاً على معنوياتهم.
ولكن وفق هذه المصادر الامنية فان تحركات هذه القطع العسكرية متصلة بمراقبة جميع تحركات ومنابع التكفيريين الذين يسكن قسم منهم بين اللبنانيين كمستأجر لإحدى الغرف كما حصل في الاشرفية وغيرها من المناطق لتقول ان كل شيء يجري من قبل القوى المسلحة يصب في خانة محاربة الارهاب الذي يحتل الاولوية في سلم الاهتمامات من قبل قيادة الجيش التي تستعمل طائرات استطلاع بحثاً عن مطلوبين، ولاحظت هذه المصادر بدقة كلام العماد جان قهوجي في «امر اليوم» الذي وجهه الى العسكريين مؤكداً «ان جميع محاولات الارهاب ومخططاته ستبوء بالفشل»، وهذا التأكيد يعطي فرصة تنفس وفسحة من الطمأنينة في ان المؤسسة العسكرية لن تكون سوى منتصرة على الارهاب حتى في ظل الفراغ في بعض مؤسسات الدولة الذي لم يؤثر في اداء الجيش اللبناني، وما دعوة قهوجي العسكريين «للبقاء على أهبة الاستعداد» سوى احساس بمدى خطورة الوضع الذي وصل اليه في لبنان والعالم، بل ان هذه الايام من الخطورة بشكل لم يشهده لبنان من قبل، ولذلك فان المسؤولية الملقاة على عاتق الجيش توازي الخطورة نفسها، وهنا لا بد من القول ان المواجهة آتية دون ادنى شك بين القوات المسلحة والارهابيين الذين يمكن ان يتوسع اطار عملهم الى اماكن العبادة كالكنائس والجوامع واماكن التجمع خصوصاً ان الاعياد آتية على البلاد ومسألة حفظ امن الناس ليست سهلة أبداً انما غير مستحيلة اذا كان كل فرد خفير في الحي الذي يعيش فه وهذا التواصل بين المواطنين والقوى الامنية باستطاعته افشال ما أمكن من المخططات الارهابية.
ولكن في المقابل تبدو السلطة السياسية مترهلة وعاجزة وهي تعيش في جو من سلسلة الانتظارات والمحطات والاسئلة التي تستوجب اجوبة ليست حاضرة اليوم ويمكن ان لا يتم استلحاقها في الغد، لذلك فان السؤال البديهي الذي يقفز الى الواجهة يتلخص بالاستفسار عن ماهية عودة مسلسل التفجيرات الى الساحة اللبنانية؟ وهذا السؤال تجيب عنه اوساط وزارية بأن القرار الخارجي الدولي بمحاربة الارهاب بعد وصوله الى عقر داره والغارات الجوية المكثفة على مقرات داعش والنصرة في سوريا اقله من الجانب الروسي اعطى لهذه المنظمات حيزاً من التفكير بالتوجه نحو ساحة يعتبرونها رخوة وملأى بالتناقضات وبعيدة عن الوفاق فيما بين سياسييها مما يتيح لها الدخول من هذه الابواب، بالاضافة الى الثأر الذي يعتمده الارهابيون رداً على توقيف عشرات الشبكات مع عدد من الرؤوس المدبرة وصولاً الى تفكيك معظم هيكلتها الارهابية وهذا الامر لم تصل اليه بعد الاجهزة الامنية في اوروبا التي تعمدت شوارعها بالدم مما دفع الملحقين العسكريين في السفارات في بيروت الى التنسيق مع مديرية المخابرات في الجيش والاجهزة الاخرى، ولكن هل هذا يعني اختفاء الخلايا الارهابية من الساحة اللبنانية؟
المصادر الامنية تؤكد وجود ارهابيين وبحوزتهم المتفجرات وينتظرون ظروفاً وأمكنة معينة للقيام بالتفجيرات وعلى الارجح ان الانتحاريين هم رأس الحربة للقيام بذلك، وتضيف: ان مواجهة الانتحاريين عمل يستلزم الكثير من اليقظة والاستعلام عن اماكن تواجدهم بفعل عدم امكان مواجهة من يريد الانتحار بل الوصول الى اوكارهم واماكن اقامتهم وهذا بدوره لا يمنع الاستهداف، وتختم المصادر بالقول: ان الشهرين المقبلين يحملان من الخطورة الكبيرة ما يدعو الى الحذر الشديد من اي مشتبه فيه ولكن الاجهزة لا تستطيع ان تدعو الناس الى البقاء في منازلهم لذلك فهي تعمد الى اليقظة وهذا معناه الوصول الى الدرجة الخامسة حسب المفهوم الدولي من الخطورة.