كل المؤشرات والمعطيات التي تحيط بالتصعيد السعودي في الحملة العنيفة على «حزب الله»، تؤكد ان هذا التصعيد مرشح للتصعيد اكثر، وهي بلغت منسوبا مرتفعا من التشنج والاحتقان، انعكس على العديد من الملفات، وترك الكثير من التداعيات تخطت في مفاعيلها الساحة اللبنانية.
وبرأي مصادر سياسية متابعة، فان هذا التدهور في العلاقات، على صلة مباشرة بالكباش السعودي ـ الايراني، وهي بدأت متدرجة مع الغاء الهبة السعودية التي كانت اعلنتها السعودية لدعم الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية بلغت اربعة مليارات دولار، وتصنيف «حزب الله» منظمة «ارهابية»، والتسويق لهذا التصنيف في جامعة الدول العربية ومنظمة الدول الاسلامية، بالتزامن مع اجراءات قاسية طالت عائلات لبنانية من الطائفة الشيعية، بعد حياكة تهم تعاطفها مع «حزب الله»، وصولا الى الضغط على مراكز الاقمار الاصطناعية لوقف بث قناة «المنار» التابعة للحزب، في اطار محاصرته اعلاميا والتضييق عليه وسط بيئته.
وتلفت المصادر، الى ان «حزب الله»، بالمقابل، لم يجد نفسه مضطرا للسكوت عما يحاك ضده، من خلال استهدافات مباشرة تطاله وبيئته الحاضنة، سيما ان هذه الاستهدافات بدأت تكبر ككرة ثلج، بعد دخولها في حلقة من اخطر الحلقات التي «تُنقّز» الحزب، بعد ظهور مؤشرات خطيرة، برزت على خط الانفتاح السعودي على اسرائيل، في ضوء بروز اصوات خليجية تروّج للتطبيع، استفاض قادة الاحتلال في الحديث عنها والمراهنة على تطويرها، خدمة لمواجهة العدوين المشتركين، ايران و«حزب الله»، وما قاله قياديون في «حزب الله» عن وصول الامور الى حد قابلية السعودية لاقامة علاقات مع الكيان الاسرائيلي، واعتبار التطبيع بينهما اشد خطورة من التطبيع بين اسرائيل والجماعات الارهابية والتكفيرية، وان مثل هذه العلاقات بدأت قبل سنوات، وان آلاف الشاحنات مرت مؤخرا من مرفأ حيفا واشدود باتجاه السعودية وقيام اسرائيل بمساعدة الطيران السعودي على قصف اليمن، وان التقارير الصهيونية تحدثت عن ان من اهم الانجازات التي قام بها رئيس جهاز الموساد السابق مائير داغان الذي توفي مؤخرا، فضلا عن تنظيمه لعمليات اغتيال جرت في لبنان، واستهدفت مقاومين لبنانيين، نجاحه في اقامة لقاءات مع مسؤولين سعوديين.
لم يُفاجَأ «حزب الله»، تقول المصادر، من الهجمة السعودية عليه، لان الموقف السعودي لم يكن يوما مع المقاومة ضد اسرائيل، بل كانت هناك استهدافات عديدة لسلاح المقاومة عبر ادواته في الداخل اللبناني، الذين اطلقوا معزوفة «نزع سلاح المقاومة لانتفاء حاجته منذ ايار العام 2000، يوم تحرر معظم مناطق الجنوب، والموقف السعودي الذي ظهر خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز العام 2006، بالعمل على اطالة عمر الحرب، في مراهنة على سقوط «حزب الله» وهزيمته وضرب بنيته العسكرية والشعبية.
هل تصل الحرب السعودية ضد «حزب الله» الى مرحلة يصدر فيها «امر ملكي» بعمل عسكري ما؟ ومن البوابة الاسرائيلية؟ الاجابة على هذا السؤال، حملته جملة من التقارير الاسرائيلية التي تحدثت عن تقارب اسرائيلي ـ سعودي، لمواجهة عدويها، ايران و«حزب الله»، بعد ان وصفت الاوساط السياسية والامنية الصهيونية تصنيف السعودية لـ «حزب الله» بالمنظمة «ألارهابية» بـ«الانجاز الكبير» الذي تحقق على مستوى محاصرة الحزب عربيا وخليجيا، من خلال الهجمة السعودية عليه.
وتشير المصادر الى ان الاعلام الاسرائيلي تحدث غير مرة، عن ان اسرائيل التي شنت عدوانها على لبنان، والتي كانت تقرر ايقافه منذ الاسبوع الاول، تلقت اشارات من دول عربية لاستكماله، من اجل القضاء على القوة العسكرية لـ «حزب الله»، وان العدوان على لبنان، كما العدوان على غزة، جاء بمباركة دولية واقليمية منها دول خليجية، فيما سألت اوساط غربية عما اذا كان الهجوم على غزة قد تم بناء لمرسوم ملكي سعودي.
تقارب السعودية واسرائيل: شريكان في فراش واحد
وعلى الرغم من لجوء الاجهزة الامنية والاستخبارية الصهيونية الى وضع حظر اعلامي على العلاقات الواعدة التي قد تنشأ بين اسرائيل والسعودية، فان تقارير صهيونية اشارت، واستنادا الى تقارير استخبارية غربية، الى ان مسؤولين في الموساد الاسرائيلي والاستخبارات السعودية يجتمعون بصورة منتظمة، حتى قبل التصنيف السعودي لحزب الله بـ «الارهابي»، للبحث في سبل التعاون لمواجهة النفوذ الايراني المتعاظم في المنطقة، بعد التوقيع على الاتفاق النووي، الذي ازعج اول ما ازعج اسرائيل والسعودية، واعتبر احد الباحثين البريطانيين ان التقارب في مصالحهما المشتركة في محاربة ايران و«حزب الله»، قد يدفعهما ليكونا شريكين في فراش واحد!.