الى ان يبق سعد الحريري البحصة ويسمي صراحة من غدر به فيضع النقاط على الحروف كما يضع حداً لكل التفسيرات والتحليلات المنطقية والتي لا تمت الى الواقع بصلة في كثير من الاحيان، فان الوقائع وعلاقة الحريري بحليفه السابق في القوات ستبقى مجرد «خبريات» الى ساعة الحسم وعندما يقرر الحريري مصير العلاقة السابقة مع القوات ومسارها المقبل « بالفم الملآن» والادانة بالكلمة المباشرة وحدها هي التي تقنع القوات وتجعلها تنسف بالمطلق وتطيح بالعلاقة القواتية مع المستقبل، فحتى الساعة لم ينطق الحريري بتجريم القوات، كل ما يساق هو مجرد تسريبات لا تتوقف عندها القوات ولا تعتبرها ذات شأن، حتى ان القوات كما يقول مقربون لا تزال تعول على تغيير ما وعلى ان تقود الاتصالات الى كف الحملة عليها وشر المتربصين بها وبعلاقة الحكيم والشيخ.
وعلى ما يبدو فان القوات لم ترَ في مشهد زعيم المردة في السراي «زائرا» غير عادياً او خارج الاطار العادي للامور، حيث ان العلاقة بين القوات والمستقبل اليوم توقفت عند حدود الاتصال اليتيم بالتهنئة بالسلامة وعند الاتصالات بين الوزيرين ملحم رياشي وغطاس خوري في مهمة شبه مستحيلة لتقريب وجهات النظر وتخطي المشهد الفاقع في علاقة الحليفين الذين اصبحا خصمين لا يلتقيان، فيما ابواب بيت الوسط فتحت امام «الصديق» الزغرتاوي الذي تغدى على مائدة رئيس الحكومة في اطار يبدد كل غيمات الصيف التي مرت في العلاقة عندما انقلب الحريري على السير بترشيح فرنجية ليغلب خيار ميشال عون رئيساً.
مهد الحريري باعلانه امام منسقيات تيار المستقبل لما سيقوله عندما يتخلص من البحصة التي يختنق بها وتحدث تلميحاً الى دور القوات واحزاب غدرت به، لكن معراب بقيت خارج السمع، على الأقل هي لا تريد ان تسمع خبر ادانتها إلا من سعد الحريري نفسه وبوضوح وليس تلميحا وبناء على تواتر اخبار ومعلومات ومواقف من قيادات المستقبل ومحيط الحريري، حتى الساعة لم يفاتح سعد الحريري حليفه السابق سمير جعجع بعد باسباب «حرده» منه ولم ينجح الموفدون والأصدقاء في لعب الدور الذي يمهد للقاء، حتى الساعة تحاول القوات ان تبحث عن مخرج او اسباب تخفيفة تلغي مفاعيل ما قاله سمير جعجع واعتبر خطأ استراتيجياً في حق حليفه الأزرق وعليه تم بناء ووصم القوات بنظرية المؤامرة عندما دافع سمير جعجع عن استقالة الحريري من السعودية و«هلل» لها فتمت معاقبته واحتسابه في خانة المتآمرين ، وفي ايجاد تفسير لما نقل الى رئيس الحكومة عن شكوى جعجع والجميل عليه امام العاهل السعودي بأنه لم يساهم في معركة تحجيم النفوذ الايراني وليس الحليف السني المناسب لهذه المهمة فحصل ما حصل في الرياض. الا ان القوات وفق اوساط سياسية تواجه حصاراً سياسياً ليس فقط من المستقبل بل من الحليف الاساسي في تفاهم معراب الذي يبدو انه يقطع الطريق ويزرع الالغام في طريق التفاهم بعدما كان مؤكدا ان ما ارساه تفاهم معراب يشبه الزواج الماروني الذي لا يلغي مفاعيله احد، فاذا بمفاعيل الاستقالة من السعودية وتداعياته تعرض التفاهم بين الحليفين لخضات قوية بدون ان تسقطه بعد، وحيث ان القوات تجد نفسها بموقع المتلقي للصفعات مؤخراً من قبل حليفها المسيحي الذي يعاقب القوات اكثر مما يعاقبها تيار المستقبل، وحيث ان فريقاً قواتياً تساءل عن سبب مزايدة التيار الوطني في هذا الموضوع وتسويق نظرية تآمر القوات لضرب العهد وتعريض التفاهم للسقوط ايضاً.
ثمة من يتحدث اليوم عن امكانية لقاء بين رئيس تيار المردة والوزير جبران باسيل، المعلومات لا ينفيها ولا يؤكدها التيار الوطني الحر فيما يتحدث فرنجية انه تبلغ الموضوع في الاعلام، وثمة من يروج لتقارب بين القوات والكتائب انتخابياً وللقاء في الصيفي ينهي صفحة سوداء في العلاقة بين الصيفي وبكفيا في تضارب وتناقض لما كان سائداً بالأمس، والسؤال هل يكون تلاقي القوات والكتائب البديل المسيحي عن تفاهم معراب بين الوطني الحر والقوات، وهل انكسرت الجرة بين القوات والعونيين ووقع الطلاق الماروني، ام ان الأمور يمكن بعد معالجتها والتوصل الى ما يسكن الجراح المفتوحة من الحدث السعودي الى ما يحصل في مجلس الوزراء والحفاظ على ماء وجه تفاهم «اوعا خيك». التفاهم بين القوات التيار الوطني الحر اهتز كثيراً، الحقيقة لا يمكن تجاهلها وتفاديها، من مجلس الوزراء والخلاف بين وزراء القوات والوزراء العونيين حول ملفات الكهرباء والنفط وفي مسائل كثيرة حيث تم تحييد القوات واقصائها في التعيينات والتفتيش عن الصيغ المسيحية المقبولة لقانون الانتخابات بقرار عزل القوات عن القضايا المهمة، وهذا السيناريو التهميشي «له تابع» وملحق اليوم، فالقوات استلحقت نفسها بقطار التسوية السياسية والسير فيها فيما كانت التمنيات ان تبقى القوات خارج التسوية او ان تخطىء برفضها ليتم معاقبتها واسقاطها ووضعها خارج الحكومة.