IMLebanon

هل أسبوع الحسم إقترب فعلاً؟

التأليف بين طموح الحريري وجنوح باسيل!

هل أسبوع الحسم إقترب فعلاً؟

هل الأسبوع الطالع، فعلاً، هو أسبوع الحسم؟

مردّ هذا السؤال، ليس التذكير بما قاله الرئيس المكلف أول الأسبوع الماضي، وما أبلغه إلى الرئيس نبيه برّي في عين التينة، والذي سارع بدوره، لإعلان «بعض» ما سمع، على خلفية، ليست عفوية أو بريئة، بل هي ذات صلة بحسابات التأليف، وظروفه، وحاجاته، وما يُحكى عن Plan B لدى رئيس السلطة التشريعية، التي تبحث عن دور لها، سواء شكلت حكومة الوحدة الوطنية أو لم تشكَّل. والمسألة هنا، تختلف بين أجندة وأخرى، وبين برنامج وآخر، وكل ذلك لا صلة له، بحسابات الدولة، واستقامة النظام العام، أو متطلبات البلد، واحتياجات مواطنيه، وضرورة انعاش وضعه، الذي بلغ دركاً هابطاً، على نحو خطير.

كانت المعطيات المتوافرة حول الحكومة «جدية» وليست جديدة، ومضى الرئيس المكلف، يبحث عن «تدوير جديد» للزوايا، على قاعدة إشراك سائر القوى والمجموعات النيابية، التي لديها تمثيلاً شعبياً، وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية… وعلى قاعدة أخرى، ان الوقت حان للخروج من دائرة المراوحة، وان «المصالح العليا» باتت تفترض حكومة تعيد الثقة إلى النّاس بدولتهم، ومجتمعهم (فهذا ليس من بين الهواجس)، بل تعيد الثقة للدول المانحة، ومؤتمر سيدر، والمجموعة العربية، والدول الصديقة (كالولايات المتحدة وفرنسا) التي تقدّم مساعدات عسكرية وتدريبات، وبرامج تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، في منطقة عصيّة على الاستقرار، ربما لعقود طويلة مقبلة..

من زاوية ما سمعه الرئيس المكلف من نظرائه العرب الذين شاركوا في قمّة بيروت التنموية الرابعة في 19 و20 الشهر الجاري، ومن زاوية الضغوط الداخلية، على مستوى السلطة، وممارستها، بعدما بدا ان تعويم الحكومة، من شأنه ان يُشكّل سابقة ربما دستورية، أو حتى سياسية، وفي محاولة لاستعادة هيبة السلطة الاجرائية، على مستوى الحكومة، والصلاحيات المناطة بها، والتي ذهبت إلى مكان آخر، عبر تدخلات معروفة، أو سلطات موازية، لها الكلمة الفصل في عمل الوزارات والإدارات، وحتى القضاء..

بدءاً من صباح هذا اليوم، سيبدأ العد التنازلي: دورة المشاورات الجديدة، يُمكن ان تكون أكملت دورانها، من دون ان يعرف ما إذا كان الرئيس المكلف سيلتقي أحداً من نواب اللقاء التشاوري أو سُنّة 8 آذار.. الرئيس برّي ينتظر ليرى ماذا يترتب عليه ان يفعل.. الوزير جبران باسيل، الذي تلقى جرعة دعم إضافية من السيّد حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله)، يُمكن ان تستفز كثيرين من حلفاء السيّد وخصومه، على خلفية أدائه في المسألة الإقليمية، وموقفه من قضية الإمام السيّد موسى الصدر، ومن الاعتداءات الإسرائيلية، وحتى عودة سوريا إلى الجامعة العربية.. يعود ليضع الرئيس ميشال عون أو «فخامة الرئيس» بتعبير السيّد نصر الله، والذي لديه لسان واحد (حسب تقارير ويكيليكس) في العلن والخفاء، لا يتورّع عن المجاهرة به، وهذا ما يصبغ على أدائه «وصمة الصدقية».

لكن ما يهم التيار الوطني الحر، عدالة توزيع الحقائب والحصص، بمعنى آخر.. «دبكة خيامية بأرضك بأرضك»..

اللافت في كلام السيّد نصر الله حول الحكومة:

1 – تكرار «خطأ التواضع»، عند البحث عن حصة الكتل، انطلاقاً من عدد النواب، ولكن هذا الشيء حصل، ولم يعد ثمة مجال للعودة إلى الوراء..

2 – خلافاً، لما كانت «الدوائر الاعلامية» المحسوبة، والغريبة عن حزب الله، تكرره مباشرة، تجنب السيّد نصر الله، في حوار العام المطوّل مساء السبت الماضي على قناة الميادين، الإشارة إلى موافقة «الحزب» على منح التيار الوطني الحر، ورئيس الجمهورية ما مجموعه 11 وزيراً، أي الثلث المعطل.

3 – ابتعد السيّد نصر الله عن تمثيل سُنة 8 آذار، وترك تحديد المواقف لنواب اللقاء التشاوري، وملخصه: وزير من النواب السُنَّة، أو اسماً من الأسماء الثلاثة التي قدَّموها للجهات المختصة، رئيس الجمهورية وفريقه، عبر اللواء عباس إبراهيم (المدير العام للأمن العام) قبل إعلانه الخروج من حلبة التفاوض.

4 – غمز أمين حزب الله إيجاباً من قناة الرئيس المكلف، ولم يشأ التعرّض ببنت شفة لا لفريقه السياسي، ولا لشخصه..

5 – تجنّب السيّد نصر الله، تحديد موقف من «التناتش» الجاري بين الرئاستين الأولى والثانية، والخلافات المتلاحقة بين حركة «امل» والتيار الوطني الحر.

وعلى الجملة، بدا التحفظ سيّد الموقف، في كلام السيّد نصر الله، الذي استفاض في كشف معلومات، ووضع وقائع، وتحديد مواقف من «درع الشمال» الإسرائيلي، أو ما يسمى «بتدمير الانفاق» في الجنوب اللبناني.. إلى الاعتداءات الإسرائيلية، التي لم تتوقف داخل الأراضي السورية، وتحذير بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الاسرائيلي) من جرّ المنطقة، إلى الحرب، كاشفاً ان القيادة السورية، تدرس الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية، مكتفياً بذلك..

تحفظ السيّد نصر الله، حول المسار التأليفي، وان أظهر في مكان «استياء» من التأخير الحاصل، من دول ان يلقي اللوم، على أية جهة، لا سيما الرئيس المكلف..

ماذا يعني هذا التحفظ؟

المعلومات تُشير إلى ان المقاربة التي جرت حول الوضع الحكومي منذ اللحظة الأولى، جاءت عفوية، وعلى «السجية» كما يقال.. وان الحزب في قرارة تقييمه الداخلي لمأزق التأليف، يوزّع التبعات على غير جهة، بدءاً من نفسه..

وتضيف هذه المعلومات، ان الحزب، وان بدا، حريصاً على إنجاز «التأليف» من دون الدخول في مهل من هنا، أو توقيت من هناك، فإنه حريص أيضاً على الخوض.. في مسار له الأولوية، ولا أولوية له، بعيداً عن نغمة المثالثة، بدل المناصفة، والتي تقف وراء «جبل التهم» من أن حزب الله يعطل تأليف الحكومة..

الثابت من المسار الحاصل، ان «بدائل» التأليف الحكومي ما تزال في الواجهة… وإذا كان الرئيس المكلف له خطة واحدة، ولنقل «Plan A» فإن الأطراف الأخرى لديها بدائل متعددة أو لكل منها «Plan: A,B,C,D» إلى آخره.. فالرئيس برّي لديه الذهاب إلى المجلس، والوزير باسيل، لديه «حلم إدارة الدولة»، من باب «الرئيس القوي»، أو استعادة الحقوق المسلوبة، أو السليبة، في الإدارات والوزارات، والمؤسسات العامة، حتى الجامعة اللبنانية..

على وقع انتظار ثقيل، يبعث الممسكون بزمام السلطة، بمقدرات البلد والدولة، ويتقاتلون على «المغانم» الخاصة، والمفيدة لهم ولأتباعهم، من دون ان يرّف لهم جفن…

بين استيعاب ضغوطات الداخل، واستمرار ضغوطات الخارج، في ظل «غموض رهيب» يضرب الساحة السورية (ما دامت الدول العربية ممانعة أو غير ممانعة) ليست هي سوى ساحات أو حلبات منافسة، ومصادمة وملاكمة… إلخ، يجري رصد دقيق لتحركات الرئيس سعد الحريري.. العائد لتوه، من عاصمة دقت قيادتها على الطاولة، وهي تطالب لبنان بالتحرك قبل فوات الأوان.

كيف سيكون الموقف؟

لا أحد بإمكانه الجواب الاستباقي، وان كات علامات الموقف ومؤشراته تتراوح بين طموح إلى التأليف، وجنوح إلى «جني المكاسب»، بعدما تبين لفريق التيار الوطني الحر، ان «مكاسب في الجيب»، أفضل من انتظارات في «عالم الغيب»، في لعبة تبدلات متسارعة، في منطقة ملتهبة، لن ينجو لبنان دائماً من حرائقها؟!