اذا كان من الواضح ان ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية« سمير جعجع لرئيس تكتل «الاصلاح والتغيير« النائب ميشال عون قد صبّ في مصلحة تحريك جمود الملف الرئاسي المتعثر منذ نحو 18 شهرا، كما سبق لطرح غير مباشر من الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أن فعل، فإن ذلك لا يعني حكما ان اللعبة الديموقراطية في البرلمان ستؤدي الى وصول رئيس، خصوصا في ظل ما هو معروف من ان عون لن يشارك الا اذا كان مرشحا وحيدا بما يحول دون وقوع مفاجآت غير محسوبة.
فكلام عون الذي اعقب اعلان جعجع تبني ترشيحه اشار الى تمنيه «اجماعا ولو لمرة واحدة« على شخصه، بما يعني استبعاد مشاركته في جلسة انتخاب فيها مرشح آخر، هو فرنجية المتمسك بترشحه، فيما درج عون على تبرير مقاطعته جلسات الانتخاب السابقة على الخشية من «قطبة مخفية» فاشترط مثلا سحب النائب هنري الحلو ترشيحه.
ويرى سياسي وسطي ان الهدف الاساس من اسراع «القوات« بخطوتها، والذي سبق ان ربطه رئيسها باعلان الحريري ترشيح فرنجية، هو ما يتردد عن زيارة قريبة لفرنجية للفاتيكان تضفي على ترشيحه غطاء هاما اضافة الى رضى دولي وسعودي. ويشير المصدر الى هشاشة النقاط العشر التي اعلنها جعجع كبرنامج رئاسي لعون يحافظ على ثوابت «قوى 14 اذار«. فهذه النقاط، ان لجهة حصر السلاح بيد الدولة او بسط سلطتها على كامل اراضيها او ضبط الحدود مع سوريا والتزام سياسة خارجية مستقلة والالتزام بالقرارات الدولية، مستوحاة بشكل كبير من ورقة اعلان النوايا بين الطرفين التي اعلنت في 2 حزيران الماضي. ويلفت الى ان عون بات محاطا من ناحية بورقة التفاهم مع «حزب الله« (2006) ومن ناحية اخرى بالنقاط العشر التي صفق لها من دون ان يعني ذلك التزامه بالتطبيق. فعون لم يلتزم عمليا بأي من بنود ورقة «اعلان النوايا« وواصل دعمه لقتال «حزب الله« في سوريا ولوجود السلاح غير الشرعي..
بالمقابل تريثت القوى الداعمة لترشيح فرنجية في اعلان مواقف حاسمة من ترشيح القوات لعون مقابل الترحيب بالمصالحة كما جاء في بيان كتلة المستقبل التي تركت الحسم «للتنافس الانتخابي» وفي قول رئيس البرلمان نبيه بري انها خطوة متقدمة لبنانيا وايجابية على المستوى المسيحي لكنها غير كافية رئاسيا.
اما حاليا فالكرة اصبحت حصرا في ملعب «حزب الله» الذي عليه تأمين نصاب الجلسة الخامسة والثلاثين المقررة في الثامن من الشهر المقبل. فإذا اراد فعليا وصول عون عليه ممارسة ضغوط على حليفه الآخر فرنجية لينسحب، ام انه سيقول، كما سبق له ان قال عن عون، لغيرنا اقناعه بما يدل على انه فعليا ما زال يفضل الفراغ.
ويتساءل المصدر نفسه عما اذا كانت ايران قد غيرت موقفها من مصادرة الرئاسة بعد ان انطلق موكب رفع العقوبات بحيث يصبح اكثر مرونة بما يسمح بالحسم لمصلحة احد حليفي «حزب الله»، مستبعدا في الوقت نفسه ان نكون قد وصلنا الى نقطة بات فيها فصل تام بين الشأن الداخلي والواقع الاقليمي. ويلفت الى استمرار التأزم في العلاقة السعودية – الايرانية خصوصا مع نشر وزارة الخارجية السعودية مؤخرا تقريرا موثقا عن الفتن التي افتعلتها ايران منذ قيام الجمهورية الاسلامية عام 1979، والتي مارست خلالها المملكة سياسة ضبط النفس حتى بات الامر متعذرا وهو ما تجلى مع انطلاق «عاصفة الحزم» في اليمن للمواجهة.
ويبقى السؤال «هل يكفي تبنّي القوات عون رئيسا ليضمن وصوله الى بعبدا، فيما كان الامين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله قد اشترط لملء الفراغ سلة متكاملة تشمل الحكومة والتعيينات وخصوصا قانون الانتخاب الذي سرعان ما اكد باسيل، وبعد مشهدية معراب، ان تياره لا يقبل الا بانتخابات على اساس النسبية فيما لم تتنصل القوات حتى الآن من موافقتها على قانون مختلط؟».