IMLebanon

هل يكون تصريف الأعمال المخرج من عقدة البديل؟!  

 

مضى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يربط الليل بالنهار، في مشاورات غير مسبوقة على هذا النحو فبعدما كان التقى الرئيس نبيه بري الرؤساء السابقين للجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، ورؤساء الاحزاب والكتل النيابية والقيادات السياسية والفاعليات، بهدف تطويق الازمة التي أحدثها اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته، وشكلت «زلزالاً» سياسياً اثار قلق الجميع من دون استثناء على حاضر البلد ومستقبله..

 

الواضح حتى الآن، ان الرئيس عون، كما الرئيس بري، يتعاملان مع الاستقالة وكأنها لم تكن، أقله في الشكل، وهما ينتظران عودة الرئيس الحريري من المملكة العربية السعودية للوقوف منه شخصياً على الأسباب والدوافع، في هذا التوقيت بالذات «ليبنى على الشيء مقتضاه..»، وكثيرون باتوا على قناعة بأن التريث في قبول الاستقالة «تصرف سليم ولا غباء عليه..».

 

وباستثناء ما أعلنه رئيس «كتلة المستقبل النيابية» فؤاد السنيورة عن تواصل مباشر مع الرئيس الحريري، فإن خطوط التواصل الأخرى مقطوعة، أقله في الظاهر.. والجميع متفقون على «ان عودة الرئيس الحريري هي الأولوية على أي أمر آخر.. وفي الوقت عينه يجب التبصر والتنبه الى المخاطر التي يعيشها لبنان، وتهدده بالأكبر، مع تراكم المشكلات والتباينات، يوماً بعد يوم، والتي تتعزز أكثر مع «الحروب السياسية والاعلامية على المستويين الدولي والاقليمي، ومحورها ايران ودورها في المنطقة..».

 

قد يرى البعض ان «التريث» هو من «باب الحكمة» وقد يرى آخرون ان اللعب على الوقت ليس في مصلحة لبنان واللبنانيين، لكن الاستعجال قد يقود الى زلات يصعب معها الخروج من الازمة في وقت قريب.» لاسيما وأن غير فريق استغل هذا الحدث ليفتح صفحات سابقة، حيث الخلل متراكم على الصعيدين الداخلي والخارجي سواء بسواء ويصعب معه المضي في هذا السلوك..»؟!

 

حتى اللحظة يلتزم الرئيس العماد عون الصمت ازاء ما يجري وما يقال، وهو ماضٍ في مشاوراته التي قد تتسع لتشمل البعثات الديبلوماسية العربية والاقليمية والدولية، خصوصاً وان ما سمعه خلال مشاوراته لا ينبىء – حتى اللحظة – بتوافق على مخرج نهائي، وعليه فهو متمسك بعودة الرئيس الحريري.. الذي لا يمانع الافرقاء كافة في عودته الى موقعه ويمارس دوره.. خصوصاً وأن الخيارات البديلة بدت وكأنها شبه مفقودة، في ظل استمرار اللهيب الاقليمي، وتحديداً السعودي – الايراني.. هذا مع تشديد الرئيس عون وآخرين على ان «الوحدة الوطنية تبقى الأساس في المحافظة على الاستقرار الامني والسياسي في لبنان»، وعلى ان كل الجهود يجب ان تنصب على المحافظة على هذه الوحدة لاسيما في الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، الأمر الذي يفسر جانبا بالغ الأهمية من الحرارة غير المسبوقة التي شهدتها دار الافتاء في بيروت في الأيام الماضية وتمثلت بزيارات قيادات سياسية وحزبية، من كل الطوائف والمذاهب، المفتي عبد اللطيف دريان للوقوف على رأيه مما جرى ويجري، ومما قد تؤول اليه التطورات في مثل هذه الأيام الحرجة والظروف والازمات الضاغطة التي يمر بها لبنان والمنطقة.. الأمر الذي استدعى عديدين الى التشدد في طلب «تصويب البوصلة في الاتجاه الصح» وعدم الوقوع في افخاخ الفتنة المتعددة العناوين والادوات، ما يوفر فرصة ذهبية لا تقدر بثمن الى الكيان الاسرائيلي، وسائر أعداء لبنان..

 

ربما توحي مواقف الرئيسين عون وبري أنهما يتفهمان الأسباب والدوافع التي أملت على الرئيس الحريري اعلان استقالته من الرياض.. لكنهما في الوقت عينه لا يعتبر أنها ناجزة.. والواضح حتى اللحظة ان لا بديل قيد التداول عن الرئيس الحريري، سواء في العودة عن استقالته، او لترؤس حكومة جديدة، والجميع يترقبون عودته الى بيروت في أقرب وقت، «ليبنى على الشيء مقتضاه»، خصوصاً وأن الرئيس السنيورة قالها وباسم «المستقبل» وبوضوح لا لبس فيه «ان الرئيس الحريري عائد، وموقفنا دائماً الى جانبه، ونرشحه لرئاسة الحكومة..»؟!

 

لكن السؤال يبقى،  هو هل يقبل الرئيس الحريري العودة عن الاستقالة او تكليفه تشكيل حكومة جديدة؟ ووفق أية شروط وقواعد وصيغ؟!

 

الجواب صعب، والبعض يجتهد في تقديم مشاريع حلول لا تستنسخ صيغة حكومة «استعادة الثقة» القائمة حالياً، والتي حققت بتوافق أركانها، انجازات بالغة الأهمية وعلى كل المستويات.. وتحت مسمى «حكومة تكنوقراط»، يهدف البعض الى ابعاد «حزب الله» – تحديداً – عن أية تشكيلة حكومية جديدة.. وهي مسألة توقف عندها عديدون ورأوا فيها استحالة لأكثر من سبب، بالنظر الى ان أيا من حلفاء الحزب في البرلمان لن يسير في هذا الخيار، وان كان يحظى ببعض التأييد الداخلي والعربي والدولي..

 

لبنان أمام واقع صعب للغاية.. فالصيغة الحالية التي تحتضن «حزب الله» وحلفاءه باتت غير مقبولة من السعودية حيث أكد قياديون سعوديون «ان الرياض، التي قررت التعامل مع الحكومة اللبنانية الحالية، او أي حكومة غيرها يشارك فيها «حزب الله» على أنها «حكومة حرب على المملكة..» والصيغة «التكنوقراط» غير مقبولة من عديدين لأنها تشكل استجابة لطلب ابعاد الحزب عن الحكومة وهي لن تحظى بثقة في المجلس النيابي.. والجميع يسأل، متى يعود الرئيس الحريري وما ستكون عليه التطورات، وهل ستكون «حكومة تصريف الأعمال»، وان طال عمرها، هي المخرج بانتظار اجراء الانتخابات النيابية المقبلة التي تتعدد المواقف منها؟!