IMLebanon

هل بدأت عملية تصفية وجود “حزب الله” في عين الحلوة؟

تشير المعلومات المتوافرة لدى الاجهزة الامنية ان مجاهد بلعوس الذي وجد مقتولا في مخيم عين الحلوة قبل ثلاثة ايام هو الشخص الرابع القريب من دائرة “حزب الله” الذي تتم تصفيته خلال اقل من سنة في المخيم اياه. وهو اغتيل بعد مرور اقل من شهرين على تصفية الشاب اللبناني مروان عيسى الذي استدرج بطريقة مدروسة الى المخيم قبل ان يؤخذ من لدن مضيفه ليتم قتله بمسامير اطلقت على رأسه من آلة خاصة.

عندما اذيع نبأ مقتل عيسى بهذه الطريقة الوحشية كان السؤال لدى الجهات المعنية: هل هذه الفعلة الشنعاء الجديدة على المخيم هي رسالة تلويحية لمن يعنيهم الامر، ام انها نقطة البداية لسلوك عنفي موصوف تميزت به الجماعات الارهابية على اختلاف مسمياتها، اي تصفية من تدرجهم في عداد الخصوم وتصنفهم في خانة الاعداء جسديا ليكون ذلك فاتحة مرحلة جديدة تستدعي الرد المضاد وتفتح الابواب الموصدة على فتن وجروح راعفة؟

ومع قتل بلعوس غيلة اخيرا صارت الجهات اياها على يقين من معادلة ان من فتحوا ابواب الاغتيال والتصفية لهؤلاء الاشخاص المنضوين الى بيئات محددة ارادوا بلوغ المقاصد والاهداف الاتية:

– ان ثمة جهات داخل المخيم تريد عن سابق ترصّد ترهيب الجهة التي ينتمي اليها هؤلاء المقتولون ظلما وغيلة ودفعها الى النزال في الميدان.

– ان الجهات عينها تريد تدريجا الايحاء بأنها هي من تقبض على زمام المبادرة داخل التجمع الفلسطيني الاكبر في لبنان، لانه مع كل قتيل يسقط بهذه الطريقة يتكشف عجز الفصائل التقليدية التي تتصدر تاريخيا مرجعية القرار السياسي والامني والاجتماعي في المخيم وفي مقدمها حركة “فتح”.

– ان الجهات عينها التي لم ترتدع عن اجرامها رغم كل حملات الاستنكار والتحذير من مغبة توريط المخيم في لجة مشاكل مع نفسه ومع محيطه اللبناني، تبدو مع الجريمة الجديدة انها ماضية قدما في مخطط عنوانه العريض اعلان الحرب لتصفية كل صلات الوصل التي تربط المخيم مع “حزب الله” والمحور المنضوي اليه. ومعلوم ان الحزب بلغ في مرحلة من المراحل وضعاً يمكنه من الزعم بانه شريك بشكل او بآخر في قرار المخيم.

– ان عمليات الاغتيال المتتالية لاشخاص من بيئة سياسية محددة تستبطن ردا مباشرا وغير مباشر على معلومات كانت سرت اخيرا فحواها ان اتصالات تمت وستتم لاحقا بين السلطة اللبنانية ممثلة بالمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم والسلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس، بهدف ترتيب اوضاع المخيم للحيلولة دون انزلاق امرته الى يد الجماعات المتشددة، فتتكرر بذلك تجربتا مخيمي نهر البارد في الشمال اللبناني واليرموك بالقرب من دمشق، خصوصا ان مخيم عين الحلوة ينطوي على خصوصية رمزية كونه المخيم الذي لا تصل اليه سلطة الدولة وهو يدير امنه ذاتيا منذ نحو اربعة عقود، مما مهّد لتحوله ملاذا آمنا لكل من ابتغى تمردا وخروجا على القوانين ولكل أنواع التطرف، لاسيما ان احياء بعينها داخل المخيم باتت في قبضة رموز متشددة مطلوبة للقضاء ولا تمثل اطلاقا المرجعية الفلسطينية التقليدية.

– ابعد من كل هذه الاعتبارات مجتمعة، ثمة اعتبار آخر بات يقلق الطرف المعني بأمر المخيم، وهو الخشية من ان يكون هناك سعي حثيث من اطراف وجهات بعينها الى الحاق الساحة الفلسطينية بتلك الساحات العربية المشتعلة لحساب الصراعات الاقليمية المتقدة.

وعليه ثمة تخوف من ان يكون تراكم الاحداث المماثلة في عين الحلوة محاولة استجرار متعمد لشتات الساحة الفلسطينية في لبنان الى اتون المواجهات الاقليمية المشتعلة عندما يأتي أمر العمليات لذلك.

وفي كل الاحوال “اللعبة ليست نظيفة” بحسب وصف الجهات الامنية الرسمية المولجة بأمر المخيم، خصوصا ان هذه الجهات باتت لا تكتم مشاعر الاستياء والقنوط من قدرة الفصائل على الوفاء بتعهداتها والتزاماتها المتكررة والتصدي لمسؤولياتها والحؤول دون انزلاق الوضع في المخيم الى دائرة الخطر اي تحوله الى يرموك آخر.

ولا ينفك مدير مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور في اتصالاته ولقاءاته على مدار الساعة مع ممثلي الفصائل عن تذكيرهم باللازمة عينها: “امنعوا تحول المخيم الى يرموك آخر. خذوا الادوار المطلوبة منكم والمسؤوليات الملقاة على عاتقكم”.

وعادة ما تنتهي هذه اللقاءات بوعود من الجانب الفلسطيني بالحزم والجزم، ولكن الجواب المفجع يأتي عبر نبأ جريمة تصفية اخرى والاندفاع مرة جديدة في متاهات بدء التحقيق بحثا عن الجناة والمحرضين. لكن الوعد يبقى وعدا ويظل الجناة طلقاء يسرحون ويمرحون مع ان كل الاطراف يعرفونهم تماما، واكثر من ذلك انهم معروفو مكان الاقامة.