IMLebanon

هل يُسقط «المستقبل» مشروع «استعادة الجنسية» بـ«منح الجنسية»؟

يبدو الصراع الطائفي، تحت عنوان سياسي، في أوجه هذه الأيام بين القوى السياسية، على خلفية الجلسة النيابية يومي الخميس والجمعة المقبلين.

تركز دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى الجلسة التشريعية على معالجة المشاريع المالية المطروحة والمحكومة بمهل زمنية، في الوقت الذي يبدو فيه أن قرار الثلاثي المسيحي: «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب»، لا يزال في عدم حضور الجلسة لافتقادها الميثاقية، كما يؤكدون.

وإذا كان العنوان الخلافي الأساسي يتمثل في عدم إدراج بري لقانون الانتخابات على جدول الأعمال، فإن ثمة موضوعاً خلافياً كبيراً آخر بين القوى المسيحية وخاصة «التيار» و«القوات» من ناحية، و«تيار المستقبل» وحركة «أمل» ومعهم «حزب الله» وكل من يؤيد عقد الجلسة من ناحية ثانية، تحت عنوان مشروع قانون استعادة الجنسية للمغتربين اللبنانيين.

المفارقة هنا أن ثمة اصطفافاً جديداً اليوم في المجلس النيابي. على هذا الصعيد، تبدو معركة القوى المسيحية في إقرار قانون استعادة الجنسية، خاسرة، خاصة مع نية «المستقبل» إشهار سلاح «منح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها».

لا يخفي «المستقبليون» تأييدهم الكبير لهذا المشروع، لا بل انهم يعتبرون أنفسهم «معنيين» به لـ«أحقيته» ولـ «منطلقه الإنساني».

بات واضحا أن «المستقبليين» رموا هذا المشروع في مواجهة المطالب المسيحية الداعية الى «استعادة الجنسية» للمغتربين اللبنانيين في الخارج. وعلم على هذا الصعيد أن طرح استعادة الجنسية من قبل القوى المسيحية لن يمر مرور الكرام، اذ ان «المستقبليين» يعكفون في هذه الأثناء على دراسة التعديلات التي سينادون بإدخالها على هذا المشروع، من باب شموله مطلب تمكين المرأة اللبنانية من منح الجنسية لأولادها. لا بل ان البعض يشير الى مطالبات بأن تشمل هذه التعديلات أيضا زوج المرأة اللبنانية وليس فقط الأبناء.

ومن المنتظر أن يؤدي هذا الامر الى أزمة فعلية، وقد أشار اليها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، عبر إعلانه أمس، من جديد، رفضه «مقايضة» استعادة الجنسية «للبنانيين أصيلين بتجنيس آخرين من جنسيات أخرى»، وتوقف عندها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، حين رفض البطريرك الماروني بشارة الراعي الربط بين المشروعين: «استعادة الجنسية» و «منح الجنسية».

ولكن لمَ أفاق «المستقبليون» على هذا الحق الآن؟

يدافع هؤلاء عن أنفسهم بالتأكيد انهم لا يرفضون إقرار قانون استعادة الجنسية، ولكن للمرأة اللبنانية الحق بمنح الجنسية لأولادها. ويقولون انهم لطالما نادوا بهذا الأمر، ويشيرون الى ان القيادات السياسية كافة تطالب بمنح المرأة الجنسية لأبنائها «فلماذا يتهموننا نحن بالمقايضة»؟

وردا على اتهامهم بالانغماس في اللعبة المذهبية، كون المتزوجين من اللبنانيات فلسطينيين وسوريين بمعظمهم، يقول «المستقبليون»: من قال ان المرأة اللبنانية تتزوج فقط من الرجل الفلسطيني والسوري؟ إنها في الواقع تتزوج من أزواج ينتمون الى جنسيات كثيرة. هم بذلك ينفون «المقايضة» أو السعي الى تجنيس السوريين والفلسطينيين بهدف زيادة أعداد السنّة في لبنان.

الهجوم خير وسيلة للدفاع

هذه حال «المستقبليين»، وهم، بطرحهم حق المرأة اللبنانية بمنح الجنسية لأولادها، يجهضون مشروع «التيار الحر» و «القوات» الهادف الى استعادة المغتربين للجنسية. وفي كل الأحوال، يشير مصدر «مستقبلي» الى أن الجلسة النيابية لا يزال عقدها غير نهائي، ويلفت النظر الى أنها تفتقد الميثاقية «وهو الأمر أكثر أهمية من تأمين النصاب الشكلي للجلسة».

في كلام المصدر «المستقبلي» الكثير من الإيحاءات، لعل أهمها أن «المستقبل» قد لا يذهب بعيدا في تأمين النصاب للجلسة، خاصة أن أوساط «المستقبليين» تؤكد أن قانون الانتخابات، العنوان الخلافي الآخر بين القيادات اللبنانية، من غير الممكن التوصل اليه من دون وجود رئيس للجمهورية. إذ ليس مسموحا أن يقر قانون انتخابات بغياب رئيس الجمهورية، ذلك أن الدستور أعطى هذا الرئيس صلاحية رد القوانين.

ينطلق هؤلاء بموقفهم من أن رئيس الجمهورية، وان كان يمثل المسيحيين، إلا ان الرئاسة بحد ذاتها لا تخص المسيحيين وحدهم، ذلك أن الرئيس هو رئيس للدولة اللبنانية ورئيس لكل السلطات في البلاد.

من هنا، تبدو المعادلة بسيطة بالنسبة إليهم: تعالوا الى المجلس لننتخب رئيسا للجمهورية، يحل بانتخابه المشاكل التي نعاني منها، ومن ثم نتفق على قانون للانتخابات. لكن هذا الأمر لا يعني أن ثمة فيتو على بحث قانون منصف للانتخابات.

«جنسيتي حق لي ولأسرتي»: موقف باسيل «عنصري»

أعلنت حملة «جنسيّتي حق لي ولأسرتي» أنه «ليس من حق أحد لا وزير خارجية ولا غيره أن يحرم النساء اللبنانيات من حقهن في الجنسية»، مشددة على «أولوية حصول النساء اللبنانيات المقيمات في لبنان على حقوقهن في المواطنة الكاملة قبل المتحدرين في المهجر». وأكدت الحملة رفضها لاقتراح قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، قبل حصول اللبنانيات على حقوقهن بالمواطنة الكاملة وعلى رأسها الحق بالجنسية لأسرهن. ووصفت تصاريح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بـ «العنصرية».

واعتبرت الحملة، أمس، في بيانها أنها لم تتفاجأ بـ«التصريح العنصري والشوفيني الذي رد به باسيل على اقتراح كتلة المستقبل، حيث اعتبره مخططا لتوطين الفلسطينيين والسوريين في مقابل المقايضة على استعادة المسيحيين المتحدرين من أصل لبناني الجنسية اللبنانية».