Site icon IMLebanon

هل تتفلّت الحكومة من شباك التعطيل أم أن العطلة الصيفية باتت واقعة لا محال؟

هل تتفلّت الحكومة من شباك التعطيل أم أن العطلة الصيفية باتت واقعة لا محال؟

عون ليس في وارد التراجع عن التعيينات العسكرية و«حزب الله» معه الكتف على الكتف

توقيع الاتفاق على الملف النووي وحده القادر على تغيير المزاج اللبناني والذهاب في اتجاه ترتيب البيت الداخلي

هل تتفلّت الحكومة من شباك التعطيل الأسبوع المقبل أم أن الأمور التي عطّلت عجلتها ما تزال تتحكم بمسارها وبالتالي سنكون أمام إجازة طويلة لهذه الحكومة؟

إن ما قاله الرئيس تمام سلام في إفطار المقاصد أوحى وكأن الاتصالات نجحت في ابتداع حل سيمكّن مجلس الوزراء من الاجتماع يوم الخميس من الأسبوع المقبل، وقد ترك هذا الكلام ارتياحاً في الوسطين السياسي والشعبي، غير أن هذا الارتياح لم يدم طويلاً، إذ أطلق العماد ميشال عون بعد اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» كلاماً معاكساً لما قاله رئيس الحكومة، حيث وصف مثل هذه الجلسة بـ«الاحتيالية» وأوحى كلامه بأنه لن يحضر أي جلسة ما لم تكن التعيينات العسكرية موضوعة على جدول الأعمال كبند أساسي.

وبين هذا الكلام وذاك لم تبرز أي مؤشرات مشجعة على إمكانية التئام مجلس الوزراء وقد عبّر الرئيس نبيه برّي عن هذا الواقع بإعلانه أننا في أيام الصوم رافضاً أي كلام لزواره بهذا الخصوص وهو ما يعني أن رئيس المجلس لو كان لديه بصيص أمل في ذلك لكان سارع في زف البشرى للبنانيين لكنه فضل الصيام على أي كلام من شأنه أن يرفع منسوب الاحباط الذي يضرب البلد طولاً وعرضاً.

وفي هذا السياق تؤكد مصادر سياسية متابعة أن الأجواء المحيطة بالاتصالات الجارية والتي يعمل على خطها إضافة إلى الرئيسين برّي وسلام النائب وليد جنبلاط من خلال موفده وائل أبو فاعور الذي قام بجولات مكوكية بين عين التينة والسراي مترافقة مع مروحة اتصالات عرض في خلالها بعض الأفكار التي حمّله إياها النائب جنبلاط علّ وعسى تساهم في تبريد الأجواء وتعيد ترميم الجسم الحكومي الذي أصيب بعارض قوي نتيجة الخلافات التي اندلعت على خلفية التعيينات العسكرية.

وترى المصادر أن ما يجري حول الوضع الحكومي من كلام ومواقف يؤشر أن الأمور ما تزال مقفلة وأن لا إمكانية لعقد جلسة لمجلس الوزراء في المدى المنظور، معتبرة أن الأسباب التي أدت إلى التعطيل ما تزال قائمة، وأن ليس هناك من إمكانية للاتفاق على تعيين قائد للجيش في الظرف الراهن، هذا بالإضافة إلى أن إحجام العماد عون عن حضور أي جلسة لمجلس الوزراء ما لم يكن هناك تعهد مسبق في طرح بند التعيينات العسكرية لن يقتصر عليه فقط، بل سيلاقيه في هذا الموقف وزراء «حزب الله» ووزير تيّار «المردة» وهو ما سيؤدي إلى استحالة انعقاد الحكومة التي تصبح في هكذا وضع حكومة عرجاء عاجزة عن القيام بأي عمل منتج.

وفي تقدير هذه المصادر أن الأمر بات يحتاج إما إلى تراجع العماد عون عن مطالبه وهذا من سابع المستحيلات، وإما حدوث صدمة إيجابية أو معجزة وزمن المعجزات قد ولّى، وهو ما يؤشر إلى أن المسألة باتت لعبة وقت بانتظار تطورات إقليمية ودولية، سيّما وأننا أصبحنا على أبواب التوقيع على الاتفاق النووي بين أميركا والغرب وإيران، لأن من شأن نجاح المفاوضات حول هذا الملف أن يعدّل بعض الأمزجة في لبنان وساعتئذٍ من الممكن أن تذهب المسائل السياسية في الاتجاه الصحيح بدءاً برئاسة الجمهورية مروراً بالمجلس النيابي وصولاً الى الحكومة وباقي المؤسسات.

وتلفت المصادر النظر إلى أن الرئيس سلام تبلغ الموقف الصارم لعون وحليفه حزب الله خلال استقباله في السراي منذ مُـدّة الوزيرين محمّد فنيش وجبران باسيل اللذين أكدا له أنه طالما لا يوجد بند للتعيينات العسكرية فلا جلسة لمجلس الوزراء وهو ما يُشير إلى أن الحكومة دخلت في إجازة الصيف المبكر.

غير أن هذا التشخيص غير المريح لواقع الحال الحكومي يقابله إيحاءات إيجابية من بعض الأوساط السياسية إلى حدّ يجزمون فيه بأن الحكومة ستجتمع الخميس المقبل، وأن الاتصالات الجارية قد بلغت درجة متقدمة في اتجاه الحلول، ويعبّر عن ذلك من خلال المباشرة في إعداد بنود جدول أعمال الجلسة من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بالتوازي مع إعداد العدة للإعلان عن فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.

وتشدد هذه الأوساط عن أن الرئيس سلام مصرّ ومصمّم على انعقاد مجلس الوزراء لتسيير أمور البلاد والعباد وهو سيعود للقيام بمروحة اتصالات ومشاورات لاسيما مع الرئيس برّي لتأمين ممر آمن لهذا لقرار.

وتسأل هذه الأوساط عن المانع من انعقاد مجلس الوزراء وأن يدلي كل فريق بدلوه من المواضيع المطروحة، فإما أن يوافق أو يسجل اعتراضه في المحضر بدلاً من تعطيل الحكومة الذي يتسبب بخسائر فادحة على كافة الصعد لا سيما الصعيدين المالي والاقتصادي، حيث أن هناك قروضاً ميسرة مهددة بالإلغاء ما لم يتخذ قرار بشأنها في وقت محدد إن في الحكومة أو من خلال مجلس النواب، فاستمرار الوضع على حاله سيفقد الثقة بلبنان لدى الدول التي تسعى لمساعدة لبنان وهي ستقوم بمراجعة حساباتها قبل القيام بأي خطوة من هذا النوع، لأن الاقدام على تنفيذ مشاريع إنمائية وحياتية وغيرها يتطلب في الدرجة الأولى حالة من الاستقرار السياسي والأمني، وأن فقدان هذين العنصرين يُبرّر إحجام الدول أو البنك الدولي عن المضي في طريق تقديم الدعم للبنان.

وبغض النظر من التأويلات والاجتهادات بشأن مصير جلسات مجلس الوزراء فإن الحاجة ستبقى ملحة لإعادة ترتيب البيت الداخلي في ضوء ارتفاع منسوب مخاطر الإصابة من الحريق المندلع في المنطقة وهو ما بات يحذر منه أكثر من دبلوماسي وعربي.