الرئيس فلاديمير بوتين يلعب مع الجميع، وهو يلعب على البعض في ادارة الصراع الجيوسياسي في سوريا. يتولى مع الرئيس باراك أوباما رعاية المؤتمرات المعقودة على اسم الحل السياسي، ويمارس كل ما يتطلبه الحل العسكري. يحمي النظام، ويحاور المعارضة التي يأخذ بيد بعضها. يذهب اليه الأميركيون والأوروبيون والعرب والمسلمون من دون أن يوقف القصف العنيف حتى ساعة يتلقى سيفاً دمشقياً كهدية. يدفع عشرات الآلاف الى النزوح هرباً من القصف، ثم يصف أي كلام على اصابة مدنيين بأنه هراء. يتحدث مثل سواه عن الحرص على وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومؤسسات، ويطرح على مسؤول عربي كبير سؤالاً عن موقف العرب من اقامة دويلات كأمر واقع. يدخل حرب سوريا تحت عنوان القضاء على داعش وكل التنظيمات الارهابية، ويوجه أقل نسبة من الغارات نحو داعش.
ومن الصعب، كما يقول روجر كوهين في النيويورك تايمس، تمييز سياسة بوتين في سوريا عن سياسة أوباما. لا بل ان كوهين الذي يلاحظ ان سوريا هامشية في حساب المصالح الأميركية بالنسبة الى ادارة أوباما، ينقل عن ديبلوماسي أوروبي كبير قوله الأزمة السورية هي اليوم أزمة أوروبية، لكن أوباما ليس مهتماً بأوروبا. وعلى العكس، فان سوريا مهمة جداً في حساب المصالح الحيوية لكل من روسيا وايران.
ذلك ان التكامل واضح، حتى اشعار آخر، بين مهمة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني على الأرض، ومهمة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الكواليس السياسية والمؤتمرات، ومهمة طائرات السوخوي في الجو. أما وزير الخارجية الأميركية جون كيري، فانه يقول في بعض الأحيان كلاماً كبيراً يبقى في الهواء كأنه كلام لوزير خارجية بوركينا فاسو، ثم يزداد اقتراباً من موقف موسكو ضمن الدور الذي يقوم به الثنائي كيري – لافروف. وقمة السخرية من الموقف الأميركي قول المسؤول السابق في الادارة والخبير في الملف السوري فريدريك هوف ان أمل كيري الوحيد في مفاوضات ناجحة هو في إقناع روسيا وايران بالتخلي عما تعتبرانه مصالحهما القومية في سوريا.
والانطباع السائد هو ان الحديث عن الحل السياسي والعودة الى جنيف – ٣ مجرد غطاء للحل العسكري الذي تحاول موسكو وطهران ودمشق تحقيقه. والبعض يرى ان ما يدار به كلام الحل السياسي وفعل الحل العسكري هو الوصول الى نوع من الحل الجغرافي ولو في اطار مرحلي. والسؤال هو: هل هذا هو بدء الترجمة العملية لشعار سوريا المفيدة الذي يتكرر على ألسنة الجميع؟ ثم لمن هي مفيدة في الداخل والخارج؟ ومتى تنتهي الافادة من دولة داعش؟