خرقت إنتخاباتُ مجلس القضاء الأعلى أمس، جدارَ التعطيل المزمن في المؤسسات العامة، في وقت يُخشى من عجز الحكومة عن تعيين الأعضاء الخمسة غير الحُكميين لهذا المجلس، ما يستتبع شللاً خطيراً في مرفق العدالة.
نفّذت الهيئة الإنتخابية لمجلس القضاء الأعلى «ما عليها»، منتخبة القاضيَين حبيب حدثي (رئيس الغرفة الأولى لدى محكمة التمييز)، وغسان فواز (رئيس الغرفة الثامنة)، عضوَين حُكميَين في هيئة المجلس لولاية مدتها 3 سنوات، في وقت انتقلت الكرة الى الحكومة التي يُفترض أن تعيّن خمسة أعضاء آخرين بمرسوم بناءً على اقتراح وزير العدل، وبعد استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى، عملاً بالمادة الثانية من القانون الرقم 389/2001، وذلك قبل انتهاء ولايتهم في 10 حزيران المقبل.
مصدر قضائي
وفي هذا السياق، أوضح مصدر قضائي رفيع لـ»الجمهورية» بأنّ «الفراغ في مجلس القضاء الأعلى «ممنوع» وإذا تخلّفت الحكومة عن تعيين الأعضاء الخمسة المتبقين، ستدخل البلاد في شلل قضائي ينعكس على التشكيلات والتعيينات القضائية ولا ينتهي بحسن سير العدلية».
وفي غياب أيّ نص قانوني عن البديل لهيئة مجلس القضاء الاعلى، ذكّر المصدر بأنه قد «تمّ إلحاق 20 قاضياً بوزارة العدل بعد تخرّجهم من معهد الدروس القضائية أخيراً، وهم ينتظرون تعيينهم». كاشفاً عن أنّ هيئة مجلس القضاء الأعلى الحالية «تدفع بثقلها لتعيين المتخرّجين قبل انتهاء ولايتها، تلافياً للحاجة الى مرسوم جمهوري يوقعه 30 وزيراً، إذا لم ينتخب بديل عنها».
العُرف الطائفي
إنتخابات «القضاء الاعلى» لم تخرج عن المسار الطائفي، فحافظت على العُرف الذي يقضي بوجود عضوَين عن كلّ من الطوائف المارونية والسنّية والشيعية، وعضو عن كلّ من طائفة الكاثوليك والأرثوذوكس والموحّدين الدروز، في وقت يشغل رئاسة المجلس ماروني.
ولأجل ذلك، انسحب القاضيان بركان سعد (شيعي) وراشد طقوش (سنّي) من الإنتخابات والتعيينات إفساحاً في المجال أمام قاضيَين آخرين من طائفتيهما، فيما تنافس على مركزَي العضوية القضاة جان عيد، ميشال طرزي، غسان فواز وحبيب حدثي. وقد علّق مصدر حقوقي على انسحاب العضوَين المسلمَين بأنّ الإنتخابات كانت «تذكية شيعية ومعركة مسيحية».
يُذكر أنّ مجلس القضاء الأعلى يتألف من 10 قضاة، 3 منهم حُكميين وهم الرئيس الأول لمحكمة التمييز رئيساً، ونائبه المدعي العام التمييزي، ورئيس التفتيش القضائي، وتستمرّ ولايتهم الى حين إحالتهم الى التقاعد، أما الأعضاء السبعة فيُنتخَب منهم اثنان من بين رؤساء الغرف لدى محكمة التمييز ويُعيَّن خمسة في مجلس الوزراء من بين رؤساء الغرف في محاكم الإستئناف والبداية، وتكون ولايتهم 3 سنوات.
ويضمّ المجلس الحالي الى رئيسه جان فهد، المدعي العام التمييزي بالإنابة سمير حمود (سنّي)، رئيس التفتيش القضائي أكرم بعاصيري (سنّي)، والقضاة سهير الحركة (شيعية)، أسامة اللحام (درزي)، رضا رعد (شيعي)، ماري دنيز المعوشي (مارونية)، ميرنا البيضا (أرثوذكسية)، جوزف سماحة (كاثوليكي)، فيما أحيل القاضي أنطوني عيسى الخوري (ماروني) الى التقاعد ولم ينتخب بديلاً له.
وكان فهد، دعا الى انتخاب العضوَين من بين رؤساء الغرف لدى محكمة التمييز، وشارك في الإنتخابات التي تمّت بسرّية في القاعة الكبرى لمحكمة التمييز، 30 قاضياً من رؤساء ومستشاري الغرف لدى هذه المحكمة، فيما تغيّب قاضيان أحدهما بداعي المرض والآخر بداعي السفر.
وألقى حدثي وفواز كلمتين شكرا فيها القضاة على الثقة التي منحوها لهما وعاهداهم على بذل الجهود في سبيل تعزيز استقلالية السلطة القضائية. من جهته، ألقى فهد كلمة هنّأ فيها العضوَين المنتخبَين ومحكمة التمييز على سير العملية الانتخابية وعلى نتيجتها وأكّد أنّ مجلس القضاء الأعلى منكبّ على تطوير عمل المحاكم وكسب ثقة المواطن بقضائه، وأنه يعوّل على أعضاء المجلس الجديد في إنجاح هذا التحدي. بعد ذلك، تقبّل العضوان الفائزان التهاني في مكتب فهد.