Site icon IMLebanon

هل تتكرّر خسارة لوائح العهد بعد نصف قرن على واقعة 1968؟

 

دخلت البلاد الأيامَ الأخيرة قبل التوجّه الى صناديق الاقتراع، فيما المهرجانات الإنتخابية تجتاح المناطق وسط غياب الألفة بين معظم أعضاء اللوائح.

بعد 9 سنوات، تعود الانتخابات النيابية الى البلد الذي يُفترض أن يشكّل منارة الديموقراطيّة في الشرق، لكنّ الشعب اللبناني الذي «طفح كيله» من الممارسات السياسيّة والحياتية والإقتصادية الفاشلة للحكومات المتعاقبة، وجد نفسه أمام محاولة تجديد الطبقة السياسية التي أوصلت البلد الى حافة الإنهيار.

إلتفّت غالبيّة القوى السياسية على تركيبة القانون النسبي وشوّهته وأبطلت مفعوله، وباتت قوى الأمر الواقع السياسيّة تتبادل المقاعد هنا وهناك، بطريقة قد تعيد فرزَ المجلس النيابي على شاكلة سابقاته.

وفي هذه الأثناء، تدور المعارك في معظم الدوائر الخمسة عشر، لكنّها تتركّز بشكل أساسي في دوائر جبل لبنان لعوامل عدّة أبرزها:

أولاً: يطغى اللون المسيحي على جبل لبنان مع وجود أقلية درزية وسنّية وشيعيّة، ويوجد في الجبل 35 مقعداً تتوزع بين 25 مقعداً مسيحياً، 5 دروز، 3 شيعة، 2 سنّة.

ثانياً: تعيش الساحة السياسية نوعاً من الغنى والتنوّع، ما يجعل المعركة أشرس بين قوى عدّة تحاول الفوز وحصد العدد الأكبر من المقاعد.

ولطالما شكّل جبل لبنان نواة إمارة الجبل التي امتدّت الى بلاد الجوار، وكذلك، نواة لبنان الكبير، فمَن يسيطر عليه سياسياً يقبض على الجزء الأهمّ من السياسة اللبنانية.

لم تكن المعاركُ التي تدور سابقاً أقلَّ ضراوةً من معركة 2018، فعام 1968 دقّ «الحلف الثلاثي» المسمار الأكبر في نعش النهج الشهابي وأسقط لوائحه في جبل لبنان على رغم نفوذ العهد، وتدخّل المكتب الثاني. وفي تلك الفترة، إستدارت سيدة حريصا وأُدخلت في المعركة، وكانت عاملاً مساعداً في فوز «الحلف الثلاثي».

وبعد 50 عاماً، أي بعد نصف قرن، يعود المشهدُ السياسي الى ما قبل، مع فروقات عدّة من حيث الشكل والمضمون، لكن للمرة الأولى منذ اتّفاق «الطائف» يخوض العهد الانتخابات بلوائح حزبيّة موالية له في دوائر جبل لبنان.

وقد أصرّ العونييّون على أن تكون اللوائح التي يشكلونها مع حلفائهم لوائح العهد ولوائح رئيس الجمهورية.

ويرى البعض أنّ ربط لوائح العونيين برئيس الجمهورية خطأٌ كبيرٌ فاضح، لأنه في حال خسارة تلك اللوائح سيُعتبر خسارة للرئيس الماروني، ونكسة كبيرة للعهد.

أما النقطة الثانية والأهمّ فهي إدخال الرئيس اللبناني في زواريب جبل لبنان واستعمال اسمه في المعركة وجرّه الى مواجهات داخلية مع شخصيات لا ترغب الدخول في معركة مع رئيس البلاد، فالرئيس هو «بيّ الكلّ»، وليس مع طرف ضدّ طرف، وكل مؤسسات الدولة تحت سلطته ورعايته لا كتلته فقط، وبالتالي فانّ معركة الزواريب تُضعفه ولا تقوّيه.

لا يطلب أحدٌ من «التيار الوطني الحرّ» أن يُلغي نفسه بعد انتخاب عون رئيساً للجمهوية، ولا أحد يفكّر أن تكون سياسة «التيار» مغايرة لسياسة الرئيس، لكن ماذا يقول رئيس الجمهورية للكتل التي انتخبته وتُخاض ضدها معارك باسمه، فالأصوات النيابية التي نالها في جلسة انتخابه في 31 تشرين الاول 2016 والتي تخطت الثمانين صوتاً لم تكن جميعها من تكتل «التغيير والإصلاح»، بل إنه نال أصوات جميع الأحزاب والكتل.

يُعتبر الرئيس فؤاد شهاب من أهمّ الشحصيات المؤسساتية التي مرّت في تاريخ لبنان، وخاض النهج الشهابي معركة صريحة في عام 1968، أي بعد 10 سنوات على انتخاب شهاب رئيساً وانطلاق النهج الشهابي، ولكنه خسر المعركة النيابية حينها على رغم الإنجازات التي ما زالت حتى وقتنا هذا.

في المقابل، فإنّ عهد عون ما زال طريَّ العود، وفكرة خوض المعركة بهذه الشراسة في أقضية جبل لبنان لتحقيق كتلة وازنة قد تخسّره في أماكن عدّة خصوصاً أنّ القانون الإنتخابي قائم على أساس النسبية، والمعارضة تتّهم العهد بكثير من المخالفات التي يشكو منها الناس، في ظلّ أوضاعٍ اقتصادية واجتماعية تُنذر بالأسوأ على حدّ اعتراف رئيس الجمهورية.

فبعد نصف قرن، ونتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتراكمة، هل يتكرّر مشهد 1968، وتخسر لوائح العهد؟