إرادة دولية ساعدت في تجاوز الحكومة مطبّ السقوط تجنّباً للإرباكات
هل تكون الإنتخابات البلدية ضحية الإنشطار السياسي بعد الرئاسة؟
مخاوف من تداعيات خطيرة نتيجة البطالة والهجرة والنزوح السوري
يبدو أن المثل القائل «إشتدي يا أزمة تنفرجي» لن يجد له مكاناً على الساحة اللبنانية، حيث أن الأزمات تتفاقم يوماً بعد يوم، من دون بروز أي أفق قريب لحل أي من الأزمات التي تعصف به بدءاً بالانتخابات الرئاسية وانتهاءً بملف النفايات، وهو ما يجعل الخوف مبرراً من إمكانية دخول لبنان في النفق المظلم إلى حين نضوج التسوية في المنطقة والتي لم توضع بعد على النار، بانتظار تبلور حلول معيّنة للأزمات الموجودة وعلى وجه الخصوص الأزمة السورية.
أما والأمور على هذا الحال فإن الحكمة تقتضي من المسؤولين العمل على تخفيف الضرر قدر الإمكان من خلال ترتيب الوضع الداخلي بحيث يُصار إلى معالجة الملفات التي هي على تماس مباشر مع اللبنانيين، وترك أمر الاستحقاقات الكبيرة إلى حين حصول المناخات الملائمة لمقاربتها.
إن المتابع لمسار التطورات السياسية اليومية يُدرك بأن الشرخ الموجود بين القوى السياسية يتّسع يوماً بعد يوم، وأنه بات من الصعب معالجة أي ملف في ظل غياب التفاهم الذي شكّل على مدى السنوات الماضية منذ الاستقلال لغاية اليوم القاعدة الأساسية لمقاربة أي موضوع خلافياً كان أم غير خلافي، وهذا يعني أن الحاجة لاستمرار الحوار هي ملحّة أكثر من أي وقت مضى وخصوصاً وأن الرياح العاتية التي تضرب في المنطقة تلفح لبنان وتُنذر بخلع أبوابه ما لم يكن محصّناً بالوحدة والتكاتف. والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك من إمكانية في ظل الظرف الذي يعيشه لبنان وفي ظل الظروف المحيطة به، الولوج في اتجاه إنجاز الاستحقاقات ومعالجة الملفات المطروحة؟
من المؤكد أن كل شيء في لبنان بات معلّقاً على حبل التطورات الإقليمية وبالتالي فإننا سنبقى أمام حالة من المراوحة والانتظار والترقّب بالإضافة إلى الخوف إلى حين انقشاع رؤيا المشهد الإقليمي وأن أي كلام آخر هو في غير محله وبعيد كل البعد عن الواقع، وقد تبلّغ كل المسؤولين اللبنانيين بضرورة التكيّف مع الواقع لأن حصول متغيّرات على مستوى الداخل اللبناني صعب، لأن عوامل هذا التغيير غير متوافرة في الظرف الحالي، ولولا هذه الرعاية الدولية للبنان والمستمرة منذ أن اندلعت الأزمة في سوريا لما كانت الحكومة قد تجاوزت القطوع الذي مرّت به نتيجة استقالة وزير العدل، وحالة انعدام التوازن في العلاقة بين مكونات هذه الحكومة نتيجة الاختلاف في الرؤية تجاه ما يجري في المنطقة لا سيما على الساحة العربية.
وتؤكد مصادر سياسية أن تجاوز الحكومة مطب السقوط جاء بإرادة إقليمية ودولية تحرص على بقاء الحكومة في هذه الآونة على قيد الحياة، خصوصاً وأنه لا يخفى على أحد بأن الوضع الأمني لا يقلّ سوءاً عن الوضع السياسي وهو ما يجعل لبنان كمن يرقص على حافة الهاوية. وتنطلق هذه الإرادة الخارجية بالحفاظ قدر المستطاع على الحكومة في ظل غياب أي فرصة سانحة لانتخاب رئيس من الخوف من أي إرباك أمني كون أن ذلك إن حصل سيؤدي إلى فلتان لا يُحمد عقباه ولا يعلم أحد إلى ما سينتهي.
وترى هذه المصادر ان أقرب ضحية لما يجري حالياً على المستوى السياسي ستكون الانتخابات البلدية بعد الرئاسية، لأنه سيكون من الصعب اجراء هذه الانتخابات في ظل الإرباك السياسي الموجود بالإضافة إلى صعوبة اجرائها في بعض المناطق حيث لا قدرة للدولة من ممارسة دورها المطلوب لإتمام العملية بشكل صحيح وجدي.
ولذا فإن المصادر تميل إلى إمكانية ان تلتحق الانتخابات البلدية في ركب التمديد بغض النظر عن التداعيات التي يمكن ان يخلفها مثل هكذا قرار، سيما وأن المجتمع المدني لم يهظم بعد التمديد لمجلس النواب وهو بالطبع سيتحرك في سبيل مواجهة هكذا خطوة من دون ان يعني ذلك إمكانية العودة عنها في حال اتخذ القرار، لأسباب سياسية أو أمنية.
وفي ما خص الاستحقاق الرئاسي تسأل المصادر من هو الرئيس المحظوظ الذي لديه القدرة على عبور حقول الألغام التي تعترض الوصول إلى قصر بعبدا؟
وكيف سيكون هناك من إمكانية للتفاهم على رئيس ما دام الانشطار السياسي موجوداً وهو يتسع، وما دام العامل الإقليمي والدولي غائباً عن السمع.
وحيال ذلك تجزم المصادر بأن الاستحقاق الرئاسي باقٍ في غياهب المجهول إلى أجل غير مسمى ما دامت صورة المشهد الإقليمي غير مكتملة، وما دامت الثقة مفقودة بين الأطراف السياسية، وهذا الأمر قد يستغرق شهوراً إضافية وربما يمر هذا العام والفراغ مستوطن في قصر بعبدا، وهذا بالطبع سيكون له تداعياته على المستوى الاقتصادي والمعيشي حيث وصلنا إلى مرحلة خطيرة وفق العديد من الدراسات التي توضع حول سوق العمل في لبنان وارتفاع منسوب البطالة وازدياد اعداد الذين يهاجرون لبنان وغالبيتهم من الشباب، بالإضافة الى القنبلة الموقوتة التي اسمها النازحون السوريون حيث يقدر لأعداد هؤلاء ان يرتفع ما دامت الأزمة في سوريا قائمة، ولن يكون للبنان القدرة على التعامل مع هذا الملف خصوصاً وأن المساعدات من الدول المانحة لم تكن بالمستوى المطلوب، وقد زاد مؤتمر لندن الطين بلة حيث اخفق في منح لبنان ما يلزم من أموال ومساعدات لكي يستطيع مواجهة هذه الأزمة.