بعدما أفضت التسوية الرئاسية التي ينعم لبنان في ظلها، منذ ما يقارب السنة والنصف، إلى تصدع ما كان يعرف بـ ٨ و ١٤ آذار، بعد خلط الأوراق الذي أحدثه انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فإن هناك حديثاً عن وجود توجه لدى بعض الشخصيات التي كانت منضوية في صفوف الرابع عشر من آذار، إلى تشكيل نواة جبهة سياسية ستتبلور أكثر فأكثر في المرحلة المقبلة، بعد الانتخابات النيابية، وفي ضوء النتائج التي ستتمخض عنها، خاصة وأن هناك قوى سياسية تعتبر أن وجود مثل هذه الجبهة أمر ضروري، في ظل ما ستسفر عنه الانتخابات، في إطار العمل على إقامة توازن سياسي مع حزب الله وحلفائه الذين يحاولون بشتى الوسائل، كما تقول لـ«اللواء»، مصادر سياسية بارزة كان لها دور أساسي في قيام تجمع الرابع عشر من آذار، «إعادة إحكام القبضة السورية الإيرانية على لبنان، وبالتالي فإن مواجهة هذا الأمر تتطلب وجود فريق سياسي لديه من القدرة ما يمكنه من الوقوف في وجه ما يخطط للبنان لإعادة إخضاعه مجدداً للوصاية الإيرانية، على حساب علاقاته العربية وانتمائه إلى محيطه».
وتشير المصادر إلى «المخاطر التي تتهدد لبنان، في حال نجح المشروع الإيراني في التمدد أكثر في لبنان، وهو أمر يتعارض مع مصلحة لبنان الوطنية والقومية، خاصة وأن لبنان لا يمكنه الانسلاخ عن محيطه العربي، بحكم الروابط التي تجمعه بأشقائه العرب وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، باعتبار أن هناك من يعمل كما تقول للدفع باتجاه تعميق الهوة بين لبنان وأشقائه الخليجيين الذين هم الأكثر حرصاً على لبنان ومصالحه، والذين هم أيضاً الأكثر دراية بمخاطر المشروع الإيراني في المنطقة، على ما يجري في اليمن وسوريا والعراق». وهذا برأيها يفرض أن تكون هناك «قوة سياسية وازنة تضم في صفوفها المجموعات التي تعارض المشروع الإيراني في لبنان والمنطقة، بانتظار اتضاح صورة المشهد الداخلي بعد النتائج التي ستفرزها الانتخابات النيابية، إضافة إلى تبلور المعطيات المتصلة بأوضاع المنطقة، وما يجري في سورية تحديداً، في ضوء التوجه الأميركي والأوروبي الجديد في مواجهة السياسة الإيرانية في دول الجوار».
في المقابل، فإن وجهة نظر أخرى ترى أن الظروف في البلد ليست مهيئة الآن لإقامة اصطفافات سياسية، على غرار ما كان موجوداً قبل التسوية، وبالتالي فإن مرحلة ما بعد الانتخابات قد لا تشهد تغييرات جذرية في المشهد القائم، باعتبار أن التسوية ستبقى تظلل الواقع القائم للمرحلة المقبلة، خاصة وأن مصلحة لبنان تستوجب قيام حكومة متجانسة، تأخذ على عاتقها مهمة إنجاز الكثير من الملفات التي لا تزال ترخي بثقلها على الصعيد الداخلي، وفي مقدمها تحصين الاستقرار الداخلي وتنفيذ البرنامج الاصلاحي الذي قدم لمؤتمر سيدر، والعمل على تعزيز العلاقات مع الأشقاء العرب. إلا أن أصحاب وجهة النظر هذه، يعتبرون أن الأمور قد تصبح أمام احتمالات مختلفة، في حال كان ل»حزب الله» رأي آخر، وأراد أن يفرض معادلة جديدة، ستخلق بالتأكيد واقعاً يفرض التعاطي معه بصورة مغايرة.