IMLebanon

هل تدفع الخسائر الأخيرة النظام للحوار؟ التراجعات الميدانية تبدّل مسار الرهانات

نقلت التطورات الميدانية الاخيرة في سوريا الاهتمام والانظار الاقليمية والدولية بقوة من اليمن التي حظيت بالاهتمام خلال الاسابيع الاخيرة على وقع الابعاد التي اكتسبها التدخل السعودي – العربي في وجه تمدد الحوثيين في اليمن وقبيل بدء ايران مفاوضاتها النهائية حول اتفاقها النووي. اذ شكلت هذه التطورات وتقدم المعارضة في مناطق عدة في مقابل تراجع النظام في نقاط تعتبر استراتيجية بالنسبة اليه، مادة خصبة للمتابعين المهتمين من منطلق انها باتت تؤكد ما تعكسه بعض المعلومات وتواترها في عواصم القرار من تراجع النظريات التي تتصل بالرهان على احتمال بقاء بشار الاسد، لا بل على العكس المؤكدة لاحتمالات انهياره في ضوء تراجعه الميداني العسكري وانهيار قدرته على المواجهة باستثناء القصف الجوي. وهذا التراجع الميداني يبنى عليه في الحسابات العسكرية والسياسية خصوصا، قياسا على مكاسب وانتصارات سابقة قبل اشهر وتقدم النظام في مناطق عدة الى حد دفع عدد من دوائر القرار الى اعادة النظر في دعم المعارضة والاقتناع بأن التخلص من الاسد قد يكون اصعب. إذ ان الصراعات بين اركان النظام اخذت مداها مع وفاة رئيس جهاز الامن السياسي رستم غزالة نتيجة خلافات داخلية أدت الى تعرضه للضرب على يد قائد جهاز امني آخر، وهي تشكل في رأي المتابعين إحدى الدلالات على تعرض النظام لانهيارات في بنيته الاساسية انعكست بدورها في تراجعه العسكري، فضلا عن ضعف امداداته المالية من ايران وروسيا في ضوء كلام عن مبالغ طلبها من اجل استمراريته ولم يتم تأمين سوى الجزء اليسير منها. ولا يساور احد من هؤلاء المتابعين اي وهم حول امكان ان تترك ايران تحديدا النظام ينهار، خصوصا في معقله الاساسي في العاصمة السورية وفي خط الامتداد الساحلي الذي يشكل عمقه المذهبي والسياسي، في ضوء ما تضخّه من سلاح واموال ورجال لدعم بقائه.

الا ان جملة اسئلة اثارتها هذه التطورات التي ترافقت على نحو لافت مع الحملة العسكرية السعودية ضد الحوثيين في اليمن والتفاهم ما بين الدول الاساسية الداعمة للمعارضة السورية، بحيث بدا كأن الازمة السورية لم تعد مرتبطة بالعراق مثلا فحسب، بل باتت مرتبطة بمآل التطورات في اليمن أيضاً وسبل انتهائها في ضوء محاولة ايران تقويض الحملة السعودية او الالتفاف عليها والسعي الى حل يثبت مكاسب الحوثيين قبل الحملة. وهذه الاسئلة تتصل بما اذا كان توالي الخسائر لدى النظام من حيث حجم هذه الخسائر وطبيعتها بات يعتبر مقنعا بالنسبة اليه من اجل القبول بالجلوس الى طاولة الحوار من اجل التفاوض على المرحلة السياسية الانتقالية، خصوصا ان ثمة دعوات وجّهها الموفد الدولي ستيفان دوميستورا الى الافرقاء السوريين من اجل التحاور معها خلال شهر ايار المقبل في جنيف من اجل تبيّن امكان الذهاب الى حل سياسي وفرصه. ام ان طبيعة هذه الخسارة باتت كافية للولايات المتحدة بحيث تراها واشنطن مهددة فعلا للنظام ويمكن ان تحمله على القبول بالبحث عن حل سياسي باعتبار انها لا تريد انهياره كلياً خشية انتصار افرقاء المعارضة من التنظيمات الاسلامية فيطالبون بالحكم او يسيطرون عليه اذا استمرت انتصاراتهم، فتعمد الى توظيف ما تحقق لكنها تحول في الوقت نفسه دون الذهاب ابعد من ذلك، او ان المطلوب خسارة اضافية له تكون اكثر اقناعا. وهل هذه الخسارة ستكون ثابتة من دون القدرة على استعادة المناطق التي خسرها او انه سيسعى الى السيطرة على مواقع يوازن بها خسارته لكي يثبت انه لا يزال في موقع قوي علما ان كل المعلومات المتوافرة من خارج لا تفيد بانه لا يزال كذلك بل على العكس. فمن المؤشرات البارزة التي ابداها النظام والتي تدلل على “ضعفه” والسعي الى محاولة تأمين اموال اجنبية لمساعدته على الصمود هو اعطاء وزير خارجيته الاوامر لكل السفارات والقنصليات بمنح السوريين جوازات سفر او تجديدها للاجئين من الموالين والمعارضين من دون العودة الى الاجهزة الامنية في دمشق كما هي العادة، علما انه سبق لهؤلاء ان عانوا الامرين من التدابير المتعلقة بالحصول على جوازات سفر او تجديدها.

وبحسب المتابعين انفسهم، فان الاسئلة التي تثار أيضاً تتناول امكان ان يقبل الاسد التفاوض من منطلق هل يستطيع القيام بذلك باعتباره لا يزال يمتلك ورقة النظام والقدرة على التصرف بالمقدرات التي لا تزال لديه ام ان ايران هي التي ستفاوض فعلا على النظام نتيجة الاستثمارات التي وظفتها فيه بالمال والرجال والسلاح بحيث لا يمكنه ان يقرر وحده السقف الذي يمكن القبول او عدم القبول به خصوصا انه بات معتمدا على ايران كليا. وما تردد من معلومات عن ضرب غزالة نتيجة خلافات عن دور ايران و”حزب الله” من دون ان ينفيها او يؤكدها احد في النظام تاركا المجال لكل الروايات والتكهنات تعزز واقع هذه الاسئلة وتعطيها صدقية، ولو ان كثرا في لبنان يولون اهمية لبعد آخر في استهداف غزالة الذي تعرض للضرب غداة كشف دوره في الازمة اللبنانية امام المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولأن ضربه حتى مشارفته الموت ينسجم مع موت او قتل غالبية مسؤولي الاستخبارات لدى النظام ايام السيطرة السورية على لبنان