يتناقل العارفون في ظروف عملية سجن رومية التي قضت على امارة الإسلاميين الموقوفين في السجون والمتحكمين بمفاصله وامنه ان وزير الداخلية نهاد المشنوق كان اكثر المتحمسين من السياسيين في المستقبل وخارجه لإنهاء ظاهرة الغرفة الإرهابية التي ثبت انها كانت ادارت وكانت تدير العديد من العمليات الإجرامية مع ارهابيي النصرة وداعش والمخيمات الفلسطينية، والمشنوق كان كما ثبت في المعلومات يتحين الفرصة المناسبة والتوقيت الملاءم لتنفيذ الخطة التي اطلع عليها القادة الأمنيون ورئيس الحكومة والتي كان تنفيذها سيتم قبل شهرين عقب إعدام الشهيد العسكري علي البزال ولكنها تأجلت في حينه الى موعدٍ آخر، وهذا الموقف الذي لا ينفرد فيه وزير الداخلية بدون التنسيق مع رئيس تيار المستقبل يعني بان التيار الأزرق قرر فعلاً النزول الى الأرض وخوض المعركة ضد الارهاب.
لم يكتف سعد الحريري وفق اوساط سياسية بالدعوة الى تحصين الساحة الداخلية وعدم توفير البيئة الحاضنة للارهاب في الساحة السنية الموقف الذي اتخذه الحريري بعد حضوره شخصياً الى لبنان عقب معركة عرسال ومغادرته لتسييل الهبة السعودية للجيش اللبناني،بل ان الحريري عاد وارفق القول بالفعل فكان لا بد من الحوار مع حزب الله، هذا الحوار الذي لم يأت بثمار كثيرة بعد لكنه بدون شك عامل مريح على الأرض يساهم في ترييح الساحة الداخلية وابعاد التشنج عنها، وإلا كيف يمكن قبول زيارة وزير الداخلية الى جبل محسن التي مرت بهدوء لا يشبه هبوب العاصفة التي هبت على الجبل العلوي الفقير وقتلت ناسه في مقهى يعج بالرواد، معلناً الوقوف الى جانب اهل الجبل المنكوب وواضعاً مساعدة سعد الحريري بتصرف السكان المتضررين من الانفجار المشؤوم وفي الوقت الذي سارع وزير العدل اشرف ريفي الى المطالبة بضم الجريمة واحالتها الى المجلس العدلي.
فالواضح كما تقول الاوساط، ان ما قبل جلوس «المستقبليين» على الطاولة مع حزب الله لا يشبه ما بعده، وهذا ما عكسته المواقف التي صدرت في سياق التفجير الارهابي في جبل محسن والتي اتت تتمة لمسار التهدئة وارساء التفاهمات بين الطرفين والنأي بالساحة الداخلية عن كل ما من شأنه تعكير الاجواء وفتح المجال للفتنة لكي تتسلل الى البيئة اللبنانية. وهذا ايضاً ما يتم تفسيره وترجمته في بعض الاوساط على ان تفجير جبل محسن يأتي رداً وانتقاماً من الجماعات الارهابية على لقاء المستقبل وحزب الله، وإلا لماذا تم اختيار موقع الانفجار في جبل محسن بالذات ولدلالة انتماء الانتحاريين من منطقة المنكوبين على بعد امتار قليلة من موقع الانفجار للتشويش واشاعة الفتنة وزعزعة الاستقرار.
واشارت الاوساط الى ان لعملية رومية التي اطاحت بغرفة عمليات الارهابيين دلالات اكثر اهمية خصوصاً ان احداً لم يتجرأ على اتخاذ القرار بالقضاء على غرفة التحكم بالعمليات الارهابية ووضع حد لبطش الاسلاميين الموقوفين في السجن بالنزلاء الآخرين وسيطرتهم التي لا حدود لها التي وصلت الى درجة تسيير العمليات الانتحارية والتواصل مع امراء «النصرة» و«القاعدة» وتجنيد الارهابيين، كما ان الاقتراب من الملف الساخن لرومية لطالما كان من المحرمات ويحظى بالغطاء السياسي السني الذي يشمل المستقبل الذي كان يمارس الضغوط لعدم المس بهؤلاء الى جانب القيادات والشخصيات السنية الأخرى، ولكن وعلى ما يبدو فان المستقبل الذي يسير عكس خياراته الماضية قد حسم الامر بالتصدي بعد شعوره بان سيف الارهاب لم يعد يستثني احداً، فأول العسكريين الذين أعدموا لدى «النصرة» و«داعش» كانوا من الطائفة السنية وبلدة عرسال تدفع ضريبة إيواء الارهابيين ومخيمات النازحين وحتى سعد الحريري وشخصيات في 14 آذار طالتها تهديدات الارهابيين وامراء القاعدة، وفرنسا بالذات ضربها الارهاب بقوة وبالتالي كان لا بد للمستقبل من قرار جريء لمواكبة المرحلة ولو تطلب ذلك الجلوس مع حزب الله الى طاولة واحدة وغض النظر عن مشاركة حزب الله في سوريا وما يحصل في المحكمة الدولية. قرار المستقبل بالتصدي للارهاب والذي تمثل بالحوار المفتوح مع حزب الله والتحضير لغزوة سجن الاسلاميين وتجريدهم من عناصر قوتهم وتحويلهم الى سجناء عاديين يعتبر وفق الاوساط الخطوة الاولى في رحلة الالف ميل في الحرب مع الارهاب، بالأمس فعلها المشنوق فهدد من السجن وتوعد بمعاقبة من سيعطي السلطة مرة اخرى للارهاببين في السجن، وقبله سدت ابواق معين المرعبي واختفى وهج خالد الضاهر، فهل من خطوات اخرى ايضاً للمستقبل في المستقبل ؟