IMLebanon

هل يكون الحل بالعودة إلى تجربة 1952 وقيام حكومة عسكرية انتقالية؟

 

 

لا ترى المصادر أي حلّ في الأفق المنظور يوقف «ثورة الجياع» المتصاعدة بدلاً من ان تنحسر، وفق ما يأمله المتمسِّكون بالسُلطة

 

تدخل اليوم ثورة الجياع اسبوعها الثاني من دون ان تبرز بوادر أي حل لها، ما عدا ما تسرب عن مساع يبذلها رئيس الحكومة لإدخال تعديل وزاري يقضي إلى تقليص عدد الوزراء إلى حدود الـ18 وزيراً على ان يشمل التقليص المطروح وزير الخارجية جبران باسيل مع عدد آخر من وزراء التيار الوطني الحر وتيار «المستقبل». وبمعزل عمّا إذا كان هذا التسريب دقيقاً أم لا، فإن ردّ فعل الشعب الجائع كان سلبياً بكل معنى الكلمة، وقد عبّر عن هذه السلبية في تصعيد ثورته كما فعل بعد ان أقر مجلس الوزراء الورقة الإصلاحية التي قدمها رئيسه، وحظيت بموافقة غالبية الوزراء ما عدا وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي وفق ما أعلن وزير الحزب وائل أبو فاعور في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد انتهاء الجلسة التي أقرّت فيها الورقة الإصلاحية من دون ان يعلن خروجه من الحكومة كما سبق وأعلن رئيس الحزب النائب السابق وليد جنبلاط.

 

مصادر سياسية تقول بأن التعديل الوزاري المقترح بناء على رغبة حزب الله لن يكون مصيره أفضل من مصير الورقة الإصلاحية، ليس فقط لأن الثوار يرفضونه بل لأن رئيس الجمهورية يرفض بشكل قاطع ان يكون الوزير باسيل والتيار الوطني الحر كبش محرقة، ويتحمل وحده المسؤولية عن كل ما حصل.

 

وامام هذا الأمر، تضيف المصادر، لا يبقى امام رئيس الحكومة الا الانصياع لإرادة الشعب الثائر وتقديم استقالته استجابة لمطالب الثوار رغم معرفته بأن الاستقالة لن تؤدي إلى حل الأزمة القائمة بقدر ما تفتح الباب واسعاً امام المجهول المعلوم الذي نبّه إليه أمين عام حزب الله في معرض حديثه عن الأسباب التي جعلته يرفض استقالة الحكومة قبل اتفاق كل الأطراف والقوى السياسية على شكل ونوع الحكومة التي ستخلفها من دون ان ينسى الإشارة إلى صعوبة الوصول إلى مثل هذا الاتفاق في ظل الخلافات المستحكمة بين أرباب السلطة الحاكمة والتي بلغت حدّ الفراق الكامل.

 

وفي هذا السياق لا ترى المصادر عينها أي حل في الأفق المنظور من شأنه ان يوقف ثورة الجياع التي تتصاعد بدلاً من ان تنحسر وفق ما يأمله المتمسكون بالسلطة بقدر ما يزيدها تصعيداً بعد ان عبرت بنجاح فوق التقوقع الطائفي وسيطرة امراء الطوائف وشقت طريقها بنفسها، وهي المرة الثانية التي تحصل في تاريخ لبنان ما بعد الاستقلال في العام 1943. والكرة، تختم هذه المصادر، أصبحت الآن في ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة، فإما ان يلتقطاها بأسرع ما امكن ويعلنا تنحيهما عن السلطة، بعد الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية برئاسة قائد الجيش العماد جوزيف عون تتولى الاشراف على انتخابات رئاسية جديدة وعلى انتخابات نيابية في حال لم يتراجع الثوار عن قرارهم بهذا الخصوص كونها تشكّل نهاية لهذه الثورة، الا ان مصادر سياسية أخرى تستبعد ان يقدم رئيس الجمهورية على الاستقالة تحت ضغط الشارع، كما هو حاله بالنسبة إلى اقتراح إخراج صهره الوزير باسيل من الحكومة، لكنه قد يضحي بالرئيس الحريري وبحكومته إذا كانت الاستقالة تُلبّي مطالب الشعب الثائر وتحقق كل أهدافه التي أضحت واضحة كعين الشمس في عز الظهيرة، هذا في حال قَبِلَ رئيس الحكومة بأن يكون هو كبش المحرقة أو الجسر الذي تعبر عليه الدولة إلى برّ الأمان.

 

أوساط الرئيس الحريري ترى بأن استقالة الحريري ممكنة ومطروحة في حال لم يستجب رئيس الجمهورية للاقتراح الآيل إلى احداث تعديل وزاري، بشكل يرضي الحراك الشعبي ويساعد على التهدئة، وذلك استجابة منه لإرادة الشعب، وعلى الآخرين من أرباب السلطة ان يتحملوا مسؤولية ما يُمكن ان يترتب عن هذه الخطوة من تداعيات إضافية على الوضع الداخلي وعلى العهد نفسه، وهو بذلك يلتقى مع مجلس المطارنة والبطريرك الراعي الذي اعتبر ان الشعب لم يكن لينتفض لو لم يصل إلى حده الأقصى والدولة لم تعالج الأوضاع بالجدية اللازمة، بل امعنت في الفساد حتى وجد الشعب نفسه مضطراً إلى الانتفاضة. ويعتبر الرئيس الحريري كما تقول مصادره ان الواقع المتفجر يفرض على الجميع من دون استثناء أحد التوقف ملياً امام هذا الوضع والذهاب إلى معالجة اسبابه في العمق وليس بطرح أفكار ترقيعية وما شابه ذلك.

 

ويرى الحريري ان ما قدمه للشعب في الورقة الإصلاحية التي اقرها مجلس الوزراء ليس كافيا لكنه يُشكّل خطوة أساسية على طريق الإصلاح الحقيقي مع تفهمه الكامل لوجع النّاس وللاسباب التي جعلته يثور في وجه كل الطبقة السياسية آخذاً اموره بنفسه ولذلك اعتبر هو ان الورقة لا تعني دعوة الشعب إلى وقف مسيرته، بل تعني الاعتراف العلني بالتقصير الذي اوصله إلى إعلان انتفاضته والكفر بكل الطبقة الحاكمة.