تدور حرب خفية بين معظم القوى السياسية التي كانت تنضوي في فريقي 8 و14 آذار، وذلك من خلال اصطفافات سياسية جديدة عادت لتظهر على الساحة الداخلية، وتحديداً إثر الحملات المتبادلة بين «حزب الله» والرئيس فؤاد السنيورة والداعمين له، وذلك ما أدى إلى العودة إلى تلك المرحلة التي ساد فيها الإنقسام بين الفريقين المذكورين، وهذه الأجواء الراهنة، وفق المعلومات من قبل المتابعين لمسار الأوضاع، بدأت تنبئ بأجواء خطيرة على خلفية ما يحصل اليوم في المجلس النيابي وخارجه من تصعيد سياسي، ربطاً بما طرحه «حزب الله» حول الـ11 مليار دولار، وإلى أين ذهبوا، ومن ثم الردّ المضاد من قبل الفريق المناهض لـ«حزب الله»، والذي بدأ يفعّل حراكه السياسي، إذ ثمة معلومات تؤشّر إلى التوجّه لتشكيل لقاء سياسي من القوى المحيطة بقوى 14 آذار، باعتبار أن العودة إلى إحياء هذا الفريق بصيغته القديمة غير واردة في هذه المرحلة لجملة اعتبارات، ولا سيما على صعيد القوى الأساسية، وعلى وجه الخصوص، مثلّث بيت الوسط ـ كليمنصو ـ معراب، نظراً لدواعٍ سياسية تملي عليهم التمترس في مواقعهم الحالية.
ويشير المتابعون الى أنه من الطبيعي أن لا تخرج هذه القوى عن ثوابت ومسلّمات هذا الفريق، وإن فرضت التسويات التي حصلت في المرحلة الأخيرة السير بها، ربطاً بواقع البلد المأزوم والفراغات الرئاسية، مع الأخذ بعين الإعتبار وجود مصالح أملت السير في هذا النهج.
في هذا المجال، عّلم أن لقاءات جرت مؤخراً بين شخصيات مستقلة كانت في هذا الفريق، وعن توجّه لإطلاق مواقف سياسية وإعلامية رداً على الإستهدافات التي تتناول الرئيس السنيورة، وصولاً إلى أن ما يعيد أجواء التوتر التي كانت سائدة في تلك الحقبة يتمثل بحراك وزيارات الموفدين الدوليين، وفي طليعتهم مساعد وزير الخارجية الأميركية السفير دايفيد ساترفيلد، وحيث انطلقت الحملات على خلفية زيارته وما يسمى بالإملاءات الأميركية على بعض الأفرقاء السياسيين، وفق ما أشارت إليه بعض القيادات في فريق الثامن من آذار.
من هذا المنطلق، يرتقب أن تتصاعد وتيرة الإنقسامات، وبالتالي، التوجّهات المقبلة للإصطفافات السياسية، وإلى أين ستصل، فهل هناك صيغة جبهوية من فريق 14 آذار، وإن في إطار جديد، وفي المقابل، ثمة حديث في المجالس السياسية عن تحضيرات تجري من أجل إعادة استنهاض جمهور «ثورة الأرز» في حال تفاقمت الخلافات والإستهدافات لعدد من المسؤولين والقياديين في الفريق المذكور،
إضافة إلى ذلك، عادت الإتصالات بين هذه المكوّنات بعيداً عن الأضواء والإعلام لجملة اعتبارات أمنية وسياسية، وفي ظل «شحّ» الدعم المطلوب من المرجعيات الأساسية لمواجهة الفريق الآخر، خصوصاً أن من يتحركون من هذا الفريق هم خارج السلطة وزارياً ونيابياً، وثمة البعض منهم ممثل في الندوة البرلمانية، إنما ليس على مستوى الكتلة الوازنة.
ويبقى أن البعض ممن يواكب هذا الحراك، وتلك الأجواء التي عادت لتثقل كاهل البلد بفعل المناكفات والخلافات، من أن تنسحب على المؤسّسات، وتحديداً داخل الحكومة، وذلك ما تبدى في الآونة الأخيرة من خلال بعض الصدامات داخل مجلس الوزراء، لا سيما ما جرى بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» من حملات إعلامية عنيفة استدعت تدخل رئيس الحكومة سعد الحريري، إذ يقال في هذا الإطار أن رئيس الحكومة تمنى على الوزير باسيل أن يتولى شخصياً هذه المسألة لأنها سبّبت له الأذى على مستوى التضامن الحكومي والعمل الوزاري، وحيث الحكومة ما زالت في بداية انطلاقتها، كذلك، لا يمكنه السكوت أمام جمهوره ومناصريه، وكان ردّ باسيل بأنه لن يسمح بتكرار ما حصل، وقال للحريري انه سيرتّب الوضع حالياً ومستقبلاً ضمن «التيارالوطني الحر».