Site icon IMLebanon

هل يخرق تحرّك الشارع الاهتمام الدولي؟ الأمل محدود في حوار على الساعة الإقليمية

مع تسارع التطورات في الشارع خلال الأسابيع الأخيرة عاد الأمل يساور البعض من الذين راهنوا على ان التوصل الى اتفاق نووي مع ايران قد يسمح بايجاد حل جزئي للوضع اللبناني من دون حتمية ربطه بالجلوس الى طاولة المفاوضات من أجل البحث في ملفات المنطقة على قاعدة ان الملف اللبناني هو الاسهل بين الملفات المعقدة من اليمن فالعراق وسوريا، وان “الانتفاضة” الشبابية في الشارع ربما تعيد تسليط الضوء على لبنان بدلاً من وضعه على الرف. فالسياسيون أصحاب هذا الرهان اضطروا الى تعديل تطلّعاتهم مع انشغال الادارة الاميركية بتمرير الموافقة على الاتفاق في الكونغرس الاميركي وبدء التنفيذ فيما كان الأمر يسير على نحو مقبول نسبياً على رغم استمرار المراوحة في الداخل .

ومع الانهيار الذي اصاب العمل الحكومي وبروز ازمة النفايات، انصب الاهتمام في الاسابيع الاخيرة على محاولة معرفة الى اي مدى يمكن ان يساهم التحرك الشعبي في الشارع في التسبب بالقلق للأفرقاء السياسيين ما قد يدفعهم الى التحرك ايجاباً في اتجاه توجيه رسالة للخارج ان هناك جهوزية على طاولة الحوار من جهة وضغوطا قوية في الشارع من جهة أخرى ما يوجب رفع الحظر عن إجراء انتخابات رئاسية يقنع بموجبها “حزب الله” حليفه العوني بأن لا مجال سوى لرئيس وفاقي. فهل تفاقم الوضع في الشارع والارتباك الذي يسببه للحكومة المضعضعة يمكن ان يوجه رسائل انذار الى الدول الممسكة باستحقاقات لبنان رهينة لمصالحها من أجل الافراج عنها والمساهمة في حلحلة الوضع؟

الحوار بهذا المعنى لا بد منه كممر الزامي للإيحاء بأن هناك احتمالاً أو قدرة على التفاهم من أجل ان تضغط بعض الدول التي يهمها الوضع الداخلي من أجل إنهاء المراوحة. ويتفق مراقبون كثر على ان التحرك في الشارع بدأ محقاً ونتيجة لتراكمات كبيرة نتيجة عجز الطبقة السياسية عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو الاتفاق على قانون انتخابات أو حتى حل أزمة النفايات، لكن التباساً واكب دخول يساريين عليه في الداخل كما برز في الشارع وكذلك الحديث عن دخول الولايات المتحدة على الخط. وهو موضوع أخذ حيزاً في المداولات السياسية على قاعدة الاقتناع بحصوله أو وجوده وعلى قاعدة الانقسام بين من تخوف من دعم اميركي يؤكدونه ولو تحت عنوان دعم التحركات الشعبية الديموقراطية والشبابية واللاطائفية على رغم ان ليس ضرورة ان يكون الدعم الاميركي بريئاً وفق هؤلاء، في حين لم ير آخرون ضرراً من هذا الدعم اذا كان هدفه الضغط على الطبقة السياسية من اجل اجراء الانتخابات الرئاسية.

اليوم بعد جولتي حوار وقبيل الجولة الثالثة وجولات متكررة من التحرك الشعبي في الشارع تزامنا معه وتصعيدا للضغط على السياسيين، يخشى ان لا أمل بتوجيه طاولة الحوار الرسائل اللازمة الى الخارج من اجل ان يفرج الاخير عن انتخابات رئاسية أولاً في ظل عدم امكان توحيد رؤية القوى اللبنانية من النظر الى الوضع السياسي ولعدم قدرة طاولة الحوار او رغبتها في توظيف التحرك الاحتجاجي لمصلحة الدفع في هذا الاتجاه. ذلك في الوقت الذي يخشى معه ان يكون التحرك الشبابي غداً جزءاً معتاداً من المشهد الداخلي لا يوصل الى أي نتيجة ولا أمل بأن يفعل بعد مجموعة الاخطاء التي ارتكبها ولا يزال ما لم يصحح تحركه على غرار ما انطلق به بحيث يمكن ان يخيف القوى السياسية ويعطي تبريرات لهذه القوى لأن تضغط على الخارج بأن البلد يحتمل ان يذهب الى وضع أكثر خطورة بدلاً من ان يعطي ذرائع لمن يرغب في الطعن في تحركه.

بالتزامن مع ذلك تحرص مصادر مراقبة على متابعة بعض المؤشرات في المنطقة لعل ابرزها انفتاح أفق جديد على أساس ان ايران لم تعد معزولة دوليا وليست مبعدة عن الحوار في ما خص شؤون المنطقة وفق ما بات يرحب بها الى الطاولة الأميركيون والغرب عموماً. الأمر الذي يرى معه المراقبون ان لبنان قد لا يضطر الى انتظار حوار ايراني – سعودي من أجل حلحلة أزمته بل ان حواراً أميركياً ايرانياً أو غربياً ايرانياً هو الاكثر احتمالا بعد تثبيت الاتفاق على النووي، على رغم ان مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي قال بأن لا نقاط تفاوضية مع الولايات المتحدة في اي موضوع غير النووي الايراني. إذ هو يرسم بذلك سقفاً تفاوضياً يعتقد انه من اجل الضغط على واشنطن لعدم فتح مشكلة سلاح “حزب الله” خصوصا بعدما ابتلعت اسرائيل اعتراضها على النووي الايراني وقد تطالب بضمانات في موضوع نزع سلاح الحزب.

لا يغفل المراقبون في الوقت نفسه مجموعة اشارات مهمة من بينها وضوح الاتجاهات في اليمن وكأنه تم التسليم بأرجحية الخيار السعودي في مقابل ما يراه البعض بمثابة استراتيجة دخول لروسيا كفريق في الحرب الداخلية السورية بما يمكن ان ينزع من ايران ظاهرياً على الأقل دعم استمرار النظام ومحوريته الثنائية بين الجانبين في اتجاه أرجحية روسية تطمئن الدول العربية في هيكلة حل يسمح ببقاء مرحلي لبشار الأسد. وقد لفت في هذا الأطار ما نقل عن وكيل وزارة الخارجية السعودي للعلاقات المتعددة الأطراف تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود من استعداد بلاده للتعاون مع روسيا لتسوية الازمة في سوريا.

فإذا كان الحوار يتحرك على الساعة الاقليمية، فماذا عن التحرك الشارعي؟